كان الأجداد إلى وقت قريب يقصون علينا حكايات وروايات عن ليلة القدر، كيف أن السماء تنفتح وتمتلئ الأرض بالنور ولشدة الموقف لا يستطيع العبد أن يدعو فتغلق السماء بسرعة البرق والسعيد من وفقه الله تعالى ونطق بدعوة يسعد بها عمره كله.
وأذكر عندما كنا صغاراً كيف كنا نصعد سطح المنزل ومعانا الشاي "والبطة" الكوتشينه "نلعب ونسهر" علشان تجزع علينا ليلة القدر فندعو بما نشاء " ويا رب نحصل كنز"، ولازال البعض يؤمن بهكذا حكايات وخرافات كما أنهم كانوا يؤكدون أن ليلة القدر " ما تجزع إلا على الأهبل" ويروون لنا قصة تلك المرأة التي أخرجت رأسها من " الطاقة في ليلة القدر وقالت يا رب كبر راسي تقصد طول شعري فكبر رأسها حتى " حنبت بالطاقة " فقالت يا رب صغر راسي فصغر بشكل كبير جداً فقالت يا رب رجع رأسي كما كان، وهذه الرواية لا يجوز أن تروى فالله تعالى يعلم النوايا ويفهم ما يعنيه العبد حتى دون أن تنطق به شفتاه، كما أن ليلة القدر تمر على جميع المسلمين " الأذكياء والأغبياء " وليس على الخبلان كما يقولون ولا تنفتح السماء ولا تنور الأرض.
ليلة القدر ليلة مباركه تنزل فيها الملائكة ومعهم جبريل عليه السلام، فيملأون الأرض وينال أجرها ويسعد بها من قامها إيماناً واحتسابا بالذكر و الصلاة والدعاء وقراءة القران من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر " سلام هي حتى مطلع الفجر".
ليلة القدر ليلة عظيمة تحصل فيها على ثواب ألف شهر، أي 83عاماً، من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
بالله عليك عزيزي القارئ توقف قليلاً عند قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم له ما تقدم من ذنبه، وتذكر كم من الذنوب والمعاصي والتقصير والغفلات كانت في حياتك , ستمحى في ليلة واحدة، كل هذا الأجر والثواب وتجد البعض يزهد في ذلك فيقضي الليالي العشر في مضغ القات ومشاهدة القنوات والتسكع في الأسواق.. والبعض الآخر يستثقل الأمر ويقول في أي ليلة هي؟ ولماذا أخفاها الله تعالى؟.
أولاً إن حكمة الإخفاء أن يميز الصادق من الكاذب والمجتهد من المقصر والذاكر من الغافل، فلا ينال ثوابها إلا من يستحقها.
ثم ماذا لو اجتهدنا كل العشر ؟ ألا يستحق ثواب ألف شهر أن تجتهد من أجله عشر ليال معدودة؟
ووالله لو أن تاجراً أعلن أنه سيوزع لكل مواطن مبلغ عشرين ألف ريال لظل الناس في الطابور شهراً كاملاً تحت الشمس والريح حتى يأتي عليهم الدور ليستلموا عشرين ألفاً معدودة.
لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن مَن حُرم خير هذه الليلة فقد "حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم".
للتذكير فقط:
قالت عائشة: إذا صادفت ليلة القدر وعلمت أي ليلة هي يا رسول الله ... ماذا أقول؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنَّي".
دعاء اليوم:
اللهم اجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، فأجزلت له المثوبة والأجر، وغفرت له الزلل والوزر، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، برحمتك يا عزيز يا غفار، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أحلام القبيلي
ليلة القدر"1" 2339