;
نصر طه مصطفى
نصر طه مصطفى

عن الخطوة الأولى لهيكلة الجيش.. 2440

2012-08-11 02:40:26


     من الواضح أن الرئيس/ عبدربه منصور هادي يدرك جيداً المتطلبات التي ينبغي إنجازها خلال الشهور الثلاثة القادمة لتوفير الأجواء المناسبة والصحية لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني في شهر نوفمبر القادم، فهو ما أن عقد أول لقاء له مع اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني يوم الأحد الماضي حتى أصدر في اليوم التالي جملة من القرارات الهامة بتغيير رؤساء عدد من المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي بغرض تصحيح أوضاعها، وكانت القرارات الأهم التي صدرت في ذات اليوم هي تلك التي عدت أول خطوة حقيقية على صعيد إعادة هيكلة الجيش وتصحيح أوضاعه... فقد أصدر الرئيس هادي قراراً بإنشاء لواء الحماية الرئاسية وألغى مسمى (الحرس الخاص) وأدمج في إطار هذا اللواء أربعة ألوية عسكرية موجودة داخل العاصمة صنعاء، ثلاثة منها تتبع الحرس الجمهوري الذي يقوده العميد أحمد علي عبدالله صالح ـ نجل الرئيس السابق ـ وواحد منها يتبع الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن صالح الذي سرعان ما أعلن تأييده لقرار الرئيس رغم أنه يسحب من تحته أحد أهم ألويته... ونص قرار الرئيس هادي على تبعية هذه الألوية لرئاسة الجمهورية مباشرة، أي أنه أنهى تبعيتها للحرس والفرقة، وهو ما يعد تأميناً للعاصمة صنعاء من أي تهور أو مغامرات متوقعة وفي الوقت ذاته يعتبر خطوة أولى لإعادة هيكلة الجيش وترتيب أوضاعه على أسس فنية جديدة تتواءم مع ما هو متعارف عليه في كل جيوش العالم باعتبار أن وضع الجيش اليمني كان مرتبا على مقاسات القادة العسكريين من أقارب الرئيس السابق وأبناء منطقته.
     وفي الوقت ذاته أصدر الرئيس هادي قراراً آخر بإلحاق عدد من ألوية الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع في المنطقتين العسكريتين الجنوبية والوسطى إلى قيادتي المنطقتين وفصلهما نهائياً عن القيادتين السابقتين، وبذلك يكون هادي قد بدأ في الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية فيما يتعلق بعملية هيكلة الجيش... وفيما أعلن اللواء محسن تأييده لقرارات الرئيس - كما أشرنا قبل قليل - فإن صمتاً مطبقاً حتى لحظة كتابة هذا يخيم على قيادة الحرس الجمهوري، فلا هي أيدت ولا هي أعلنت اعتراضها، ولعلها في حيرة شديدة، فخيار الاعتراض غير مقبول بالتأكيد لا داخلياً ولا خارجياً، خاصة مع التأييد الشعبي الكبير الذي لقيته هذه القرارات وكذلك تأييد معظم الأطراف الإقليمية والدولية لها، ناهيك عن أنها شملت الفرقة الأولى مدرع التي أعلن قائدها تأييده للثورة الشعبية الشبابية السلمية وبالتالي فلا يوجد أي مبرر للاعتراض من قبل قيادة الحرس الجمهوري... وفي ظني أن العميد أحمد علي عبدالله صالح يدرك تماماً أن الوضع الاستثنائي الذي حظي به الحرس الجمهوري في عهد والده وكذلك الامتيازات الاستثنائية لا يمكن أن تستمر في العهد الجديد، كما أنه يدرك - وهو الذي تلقى علومه العسكرية في كلية سانت هيرست البريطانية وكلية القيادة والأركان الأردنية - أنه لا يوجد في معظم دول العالم قوات حرس جمهوري بهذه الضخامة وبنسبة تزيد عن 50% من قوام الجيش الوطني، ومن ثم فإن المتوقع أن يلتزم قائد الحرس الجمهوري بتنفيذ قرارات الرئيس هادي الذي هو في الوقت ذاته القائد الأعلى للقوات المسلحة، خاصة أنه يعلم يقينا أنها الدفعة الأولى من قرارات مماثلة ستتبع في أوقات لاحقة متروك تقديرها للرئيس نفسه.
     قد يطرأ تفكير لدى الرئيس السابق - الذي لن تريحه القرارات الأخيرة - من نوع المماطلة في تنفيذها أو التنفيذ الشكلي فيما تظل من الناحية العملية تحت إمرة نجله، كما حدث من قبل عند تغيير أخيه قائد القوات الجوية أو نجل شقيقه قائد اللواء الثالث مدرع حرس جمهوري، لكن ذلك لم يعد ممكناً بالتأكيد على ضوء القرارات الأخيرة لأنها لم تمس قيادات الألوية المستهدفة، لكنها أعادت ترتيب وضعها، وهذا فارق جوهري، فنحن اليوم أمام خطوة عملية على طريق هيكلة الجيش... وإذا ما تم المضي فيما تبقى من الهيكلة بذات الخطوات فإن تغيير القيادات قد لا يكون ضرورياً إلا بقدر ما يراه الرئيس هادي كعسكري محترف ضرورة لإعادة اختيار قادة الجيش على أسس مهنية وطنية تحترم الأقدمية وتحترم الخبرة والكفاءة وتراعي التمثيل الجهوي لترسيخ البعد الوطني في تركيبة الجيش، بعيداً عن الاستحواذ العائلي أو القبلي أو المناطقي، كما كان حاصلاً من قبل في عهد الرئيس السابق... ولاشك أن توجهاً من هذا النوع سيحظى بالمزيد من الالتفاف الشعبي والتأييد الإقليمي والدولي، فليس هناك اليوم ما هو أهم من تحييد الجيش وإخراجه من العملية السياسية وإعادة تأهيله في أقرب وقت ممكن ليتمكن من التفرغ لمهام تبدو عاجلة وفي مقدمتها اليقظة المستمرة تجاه أي نشاطات إرهابية جديدة يمكن أن يقوم بها تنظيم القاعدة الذي لازال يعمل على لملمة أوضاعه بعد الضربات القاسية التي وجهتها قوات الجيش له خلال الشهرين الماضيين.
       يخشى بعض المراقبين من أي تهور قد يحدث كرد فعل على قرارات هادي الأخيرة، لكنهم يدركون في الوقت ذاته أن مصارعة الإرادة الوطنية العامة لم يعد ممكناً، وأن التفكير مثلا في محاولة انقلاب عسكري ضد الرئيس هادي لن تكون أكثر من محاولة انتحار... فاليمنيون بدأوا في الشهور الأخيرة فقط يذوقون حلاوة عودة الاستقرار رغم كل المصاعب والاختلالات الأمنية التي لازالت قائمة، فالحياة عادت إلى طبيعتها بنسبة كبيرة إلى الشارع اليمني ولن يقبلوا أي محاولات لتعكير هذه الأجواء التي افتقدوها طوال أكثر من عام ونيف، ولذلك ستكون خيارات أي تمرد أو اعتراض خيارات منعدمة النتائج، فلا العودة إلى ما قبل يناير 2011م مسألة ممكنة ولا محاولة استعادته عقب الفترة الانتقالية واردة أيضاً، فقد طوى اليمنيون مرحلة كاملة بشخوصها وخيرها وشرها وصوابها وخطئها وهم اليوم على موعد مع مستقبل مختلف جذرياً عن الماضي ليس فقط بسنواته الثلاثة والثلاثين بل بسنواته الخمسين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد