للصيام أثر على القلوب، وتأثير على النفوس، فهو سبب من أسباب إزالة القساوة والغلظة من القلب، ووسيلة لترقيقه وليونته، وتحقيق السكينة والهدوء في الإنسان.
ولذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوم كعلاج لمن يشكو غلظة في قلبه، أو وحر في صدره، قائلاً (( ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر، صوم ثلاثة أيام من كل شهر))، وفي رواية أحمد (( صوم شهر الصبر – رمضان- وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر))
وقد جاء في معنى الوَحَر أنه : الغش والوساوس، والحقد والغيظ، والعداوة والغضب الشديد.
فإذا كنت أخي القارئ تجد في نفسك شيئاً من هذا أو ذاك، فهذا الشهر فرصة في مغالبة ما تشكو منه، وهذا ما نراه في سلوك الصائم، كما وصفه أحدهم قائلاً : " مهذّب القول ألوفاً، مستقيم المعاملة عطوفاً، لين الجانب رفيقاً، زكي النفس رقيقاً "
وقد بحث بعضهم عن العلاقة بين الصيام وسلامة القلب، فوجدوا أن ذلك يرجع لأسباب أهمها :
الأول : الامتناع عن تناول الطعام، لأن من طبيعة النفس البشرية أنها إذا شبعت تمردت وانطلقت وراء شهواتها، كما أن في ذلك تضييقاً لمجاري الشيطان.
الثاني : تصفيد الشياطين، وتقييد حركتها، الأمر الذي يقي الإنسان من وسوسة الشيطان، ويضعف من تأثيره عليه.
الثالث : ضبط الإنسان لنفسه، وحرصه على عدم خدش صيامه بفعل أو قول أو سلوك قد ينقص من أجره، وهذا ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال ((فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم)).
وهذا يؤكد أن الإنسان إذا أراد شيئاً وركز عليه ورغب فيه، فإنه ينجزه ويحققه، سواءً كان قولاً أو فعلاً وسلوكاً.
لذلك.. ما أحوجنا إلى سلامة قلوبنا وصفائها من كل ما يشوبها، لأن تحقق ذلك، ينعكس إيجاباً على استقرارنا في شتى المجالات، على المستوى الفردي والأسري والمجتمعي.