في الوقت الذي مازال "فواز" يبحث عن زوجة رابعة و"فتون" تبحث عن زوج و"ناجي" خَشْ إسرائيل ومكسر الدنيا بتفكيره البوليسي و"الحجة نعمة" منشغلة بحساب أيام رمضان المتبقية والمنقضية كان فرعون يعيث في الأرض فساداً فمازال حياً والكل منشغلون!.
بالطبع هؤلاء أبطال مسلسلات رمضانية، تعرفت عليهم في جلسة نسائية، تستغرق جُل وقت وتفكير العرب في شهر فيه المسلسلات على قفا من يشيل عدا الأخيرة، فهي امرأة كبيرة السن لم يعد يحتمل ضوء عينيها القبوع أمام التلفاز، لتشاهد مسلسلات المسخ، فوجدت ما يلهيها كغيرها، تلك المسلسلات التي تزدحم على شاشات الفضائيات فتتباهى الفضائية بأيها أكثر مشاهدة وإن كان تافهاً وإن ورد مسلسل تاريخي أو إسلامي فلن تجد مشاهديه إلا القلة والسبب هي فكرة المسخ التي تستحوذ مشاهدة أكبر.
ما يهمني في الموضوع بغض النظر عن قدسية الشهر وانشغال الناس بمسلسلات هشّك بشّك هو فرعون هذا الزمان وما يدور على أرض عربية مازالت حتى الآن على الخريطة ، ففي شهر كريم تُسفك الدماء عبثاً وكإحصائية أخيرة ما يزيد عشرين ألف شهيد سوري سقطوا منذ بداية الثورة السورية والعدد مؤهل للزيادة في ظل وجود فرعون والذي مازال يعيث فساداً دونما رادع أو رقيب ، ما يحدث في سوريا مهوّل لدرجة البراءة من أن يكون هذا الرجل المسمى "أسد" هو إنسان أو حتى حيوان أو حتى حجر ففي كل يوم تُنتهك الأرواح ويموت الأطفال ويُهجّر من افلتوا من قبضة الموت والمشاهد المُبكية تلوك القلب حزناً وأسى وفواجع في ظل صمت مُهين وسط انشغال العرب بفضائياتهم و"مش حتقدر تغمض عنيك "!.
أيُعقل أن تَغمض أعيننا عن أخوة لنا تمضي ساعات الجوع والرمض عليهم تحت وطأة العُنف بصبر منهم في انتظار الموت في أي لحظة وتُفتح أعيننا لمشاهد تافهة أبطالها منحلون أخلاقياً يصنعون من كلام السيناريوهات أحداثاً تشد الذهن وتقذف بها إلى الهاوية وتبقى في النهاية خيال مؤلف استخدم عقله ليكسب قوته في حين أننا يجرنا العقل إلى خسارة تفوق خسارة أهالينا في سوريا فهم خسروا الأرواح ونحن خسرنا ضمائرنا وما أعظمها من خسارة.
الجميع سيحدث نفسه ما باليد حيله فماذا نفعل ؟ وما هذه إلا شمّاعة نعلّق عليها الإحساس بالضعف والعجز أمام قوة وجَلدة شعب بأكمله وتغافلنا عن أعظم دور يمكننا القيام به خاصة في شهر كريم وكل ساعاته مباركة والدعوة فيه مستجابة والله أكرم.. فماذا ينقصك لترفع يديك لدقائق بقلب وجل لتدعو بالنصر لأشقائنا في سوريا الصمود فهم يستحقون أكثر من ذلك، لا أظن أن هناك مانعاً واحداً قد يمنعنا من هذا الواجب الحتمي لأخوة لطالما عانقت دعواتهم السماء ونحن في ظرف كظرفهم ، الدعاء لأخيك في ظهر الغيب مستجاب ولك فيه أجر وثواب فما بالك حينما يكون دعاءاً خالصاً وفيه نصرة لمظلوم كم سيكون أجرك فيه وتطهيرك من هواجس الضعف والعجز؟!
الحقيقة البينة حتى الآن أن ما يحدث نحن نشارك باستمراره والإسهاب فيه من فرعون لا يردعه دين أو ضمير ،لا يختلف عن فرعون مصر بل ويزيد عليه والله المستعان على ما يفعل بأرض عربية وأناس مسلمون..
وماذا عسانا أن نخاطب الخالق عزو جل حينما يسألنا عنهم؟.
أمة نبيك جريحة ضاق عنها الزمن
قامت عليها العدى هبت عليها الفتن
يا الله يا الله جنبها هدير المحن
وأملي المساجد بها عند الآذان الأغن
وأكتب لها كل بشرى في كتابك
يا ليتهم يؤمنوا أن الأمل في يديك
وأن السبب من لدينا والفرج من لديك
فينا المخافة لأنا ما فزعنا إليك
فينا الهزيمة لأنا ما اتكلنا عليك
فينا المذلة لأنا ما نهابك..
أحلام المقالح
فضائيات مَسخ وفرعون مازال حَياً!! 2413