حياة الإنسان معدودة ولحظاته ثمينة وعمله الصالح محفوظ في كتاب لا يظل ربي ولا ينسى وللعلم أن المشتري هو رب العالمين، وأن الأجر يختلف باختلاف العمل والنفسيات، فمثلاً لعل العدالة الإلهية تقتضي أن أكبر الأجر للمرابط في ساحات الوغى في سوريا الأسيرة أعظم وأن صبر الشباب في ساحات النضال في يمن الخير أجره مضاعف وتنافس حمائم الرحمة وحاملو سنابل الخير، العاملين في المجال الاجتماعي من مؤسسات مدنية وجمعيات خيرية في اليمن وأرض الكنانة والذين يسعون لتخفيف معاناة وطن طحنته المعاناة، لاسيما أن كان سقف ذلك هو الإخلاص بتلك الأعمال، فقد فتح لهم باب بنك رباني جملة السر في حسابه (مخلصين له الدين) وهذه الأمور واصلة دوماً، فكيف إن كان سقفها رمضان، فلا تسل عن المعطي ربنا الكريم الذي يغدق بالعطاء ما تعجز الأقلام عن خطه والصحف عن رسمه، ففي الموسم الرباني تتوقف آلة الزمن وتتوارى اللحظات، فالدقائق تعد بالساعات والساعات بالأيام والمتوالية الحسابية تمر عبر قنطرة من الأجور الكثيرة ما الله به عليم.
فإن كنا أمام أنفس متفاوتة في رصدها الأجور وفي موسم يحتدم فيه السباق، فما على المرء، إلا أن يشمر عن ساعد الجد وليرمي بقوسه في المضمار الذي تهواه نفسه فمن كان في مجالدة ظالم مستبد، فهو في جهاد ومن حباه الله بعلم، فلينفقه في رص الصفوف وتوحيد الرؤى وتحذيراً من التشدد ورفع البندقية في وجه الخصوم, ومن استأمنه الله مالاً، فليخفف به معاناة قوم طحنهم الدهر بكلكلة، وليكن للجريح والشهيد أوفر النصيب, ومن شق طريقاً في صرير أقلام صحفية، فليجعل من محبرته رمزاً إعلامياً في الذب عن الثورة وزرع قيم العدالة والمبادئ السماوية, ومن أعطاه الله بسطة في السياسة، فليكن هواه تبعاً للثوابت الدستورية وليوصد بابه أمام خطاب الفتن والترهات .
       وأتساءل أصام أولئك الذئاب الذين سلخوا جلد شباب صعدة بوحشية تنم عن أن رمضان ما حل بوادي هؤلاء ومثلهم الانتهازيون الذين أرسلوا لأهوائهم المسيرة عبر بنادقهم القذرة من قوات النجدة ليحتلوا وزارة الداخلية وليقتلوا الأبرياء بدناءة وطغيان؟ ولي الحق بالقول إن على كل عامل إن أراد الفوز بالجائزة الرمضانية أن يصنع له عملاً لا يسبقه به غيره وللعلم أن الخير الرمضاني ليس مقصوراً على جوع وضمأ، ولكنه فن متشعب الوجهات لا يتقنه إلا القليل.