جاء الإسلام العظيم بجملة من الآداب الإسلامية، وهذه الآداب الاجتماعية الواردة في كتاب الله وسنّة نبيه هي نسيج ملتئم متماسك يرتقي في سلّم المجد والعز.
ومن الآداب الاجتماعية المؤثرة: (أدب الوفاء بالمواعيد المضروبة)، وعدم التخلف عنها إلاّ بعذر قاهر صحيح مقبول، حتى يثق الناس بوعد البعض الآخر وكلامه وميثاقه وعهده.
في هذا المقال أبث شكوى.. وأرغب في توضيح مشكلة اجتماعية هامة طالما كدرت على الكثير من الناس في هذا المجتمع ألا وهي: ظاهرة التهاون بالمواعيد التي انتشرت في مجتمعنا العربي، فأحياناً يطرق أسماعنا قول شخص لآخر "موعدنا عربي أو أجنبي، ويقصد هل موعدنا عربي أي لن تلتزم به!! أو أجنبي فنلتزم به، وهذا للأسف لأنه أصبح مشتهراً في العصر الحاضر، من شدّة التزام الغربيين بالمحافظة على المواعيد بدقة متناهية، ومن شدّة تهاون العرب وعدم التزامهم بالمواعيد!!.
أليس عجيباً أن صار اسم "الوعد العربي" يطلق على الوعود الكاذبة، واسم "الوعد الغربي" يطلق على الوعود الصادقة!! ومَن علم الغرب هذه الفضائل إلاّ نحن المسلمين!!! ومن أين اقتبس الغرب هذه الأنوار التي سطعت بها حضارتهم وازدهرت، ألم يأخذوها منّا نحن المسلمين، وهل في الدنيا كلها دين إلاّ هذا الدين الحنيف الذي يجعل للعبادات موعداً لا تصح العبادة إلاّ فيه، وإن أخلفه المتعبّد دقيقة واحدة بطلت العبادة.
إن الصيام شرع لتقوية البدن وصحة الجسم، وإذاقة الأغنياء مرارة الجوع حتى يشفقوا على الفقراء الجائعين، وكل ذلك يتحقق في صيام فترة زمنية محددة من طلوع الفجر الى غروب الشمس، فلماذا يبطل الصوم إن أفطر الصائم قبل المغرب بخمس دقائق، أليس والله أعلم لتعليمه الدقة والضبط والوفاء بالوعد!! ولماذا تبطل الصلاة إن اقيمت قبل وقتها؟ ولماذا يبطل الحج إن وصل الحاج إلى عرفات بعد فجر يوم النحر بخمس دقائق، أليس لأن الحاج قد أخلف الموعد.
أولم يجعل الإسلام إخلاف الوعد من علامات النفاق والعياذ بالله، وجعل المخالف ثلث منافق فكيف نرى بعد هذا كلّه كثيراً من المسلمين لا يكادون يفون بموعد، ولا يبالون بمن يخلف لهم وعداً أو يتأخّر عنه، حتى صار التقيد بالوعد والتدقيق فيه والحرص عليه عملية نادرة يتحدّث بها الناس ويُعجبون بصاحبها ويَعجبون منه، وحتى صارت وعودنا مضطربة مترددة لا تعرف الضبط ولا التحديد.
والتأخر عن المواعيد المضروبة والتخلف عنها صار سمة الكثيرين للأسف من الناس هذه الايام ونرى للأسف الشديد ان كثيراً من المتخلفين عن الحضور لا يبالون ولا يأبهون أحضروا في الوقت المحدد أم لم يحضروا اصلاً وهو السائد، أو أنك تراهم يتخلفون عن الحضور تماماً ثم لا يتكلف الواحد منهم مشقة الاعتذار ولو بالهاتف!! والأدهى والأمر من ذلك كله أن بعض الناس إذا ذكرته بتأكيد حضوره!! وعد بالحضور وهو قد بيت النية ألا يحضر!! وهذا كذب صريح!! والدين الاسلامي الحنيف اكد على الوفاء بالوعود التي تضرب، والنبي صلى الله عليه وسلم عد من علامات النفاق، إخلاف الموعد حيث قال صلى الله عليه وسلم: (( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان ))، فكيف نرى بعد هذا كلّه كثيراً من الناس لا يكادون يفون بموعد يحدد ويحيدون عن سنة النبي صلى الله علية وسلم في ذلك.
رائد محمد سيف
التهاون في المواعيد 1927