ثمانية أشهر هي عمر حكومة الوفاق الوطني التي جاءت نتيجة لحل سياسي أسهمت فيه دول إقليمية ودولية بهدف إيجاد مخرج مناسب للرئيس السابق علي عبدالله صالح, وحينها نظر الشباب بنظرة مزدوجة تجمع بين الأمل والألم, أمل الخروج إلى بر الأمان, وألم وخز الضمير بعد حصول صالح على الحصانة بعد تعرض الشباب لأبشع أنواع القتل والتنكيل, وقد تم قبول ذلك الحل بناء على قاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله.
استبشر الشباب خيراً بحكومة الوفاق وكان ملف المعتقلين واحداً من أهم الملفات التي كانت تتصدر اهتمامات الشباب, وشهر بعد آخر ولازال ذلك الملف قيد الانتظار من قبل حكومة الوفاق الوطني الذي ترجع فيه وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور تأخير ذلك الملف إلى إجراءات شائكة, لا يعرف الشباب ما هي؟
وبحسب معلومات حقوقية فإن هناك ما يزيد على مائة شاب لازالوا قيد الاعتقال والتعذيب في سجون الأمن السياسي والأمن القومي والاستخبارات العسكرية, ويتعرض هؤلاء المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب ويتم التعامل معهم بطريقة وحشية وأصيب الكثير منهم بفقدان الذاكرة والبعض الآخر فقد بعض أجزاء جسمه, وأصيب البعض بعاهات مستديمة لا يرجى شفاءها.
وبدلاً من أن يبتهج الثوار بشهر رمضان، باعتباره أول رمضان يعيش اليمنيون فيه بدون حكم عائلة صالح منذ ثلاثين وثلاثين عاماً, أصبحت أكثر من مائة أسرة تعيش رمضان في أجواء من الحزن والكآبة على فراق أبنائهم.
التجاهل الحكومي والرئاسي لقضية المعتقلين يقابله شهادات مروعة من معتقلين أفرج عنهم في الفترات الأخيرة، يتحدثون فيها عن تعامل المحققين والسجانين في المعتقلات الأمنية معهم، في أمر خارق لكل قانون محلي أو دولي للدرجة التي جعلت عشرات من المعتقلين يضربون عن الطعام بسبب عدم وجود تهم واضحة ضدهم.
ولم تقتصر معاناة المعتقلين في السجون اليمنية على من هم خلف القضبان، بل امتدت لتشمل أفراد أسرهم من آباء وأمهات وزوجات وأبناء، بحسب شهادات لمعتقلين سابقين وحقوقيين، حيث حكى كثير من هؤلاء قصصاً مؤثرة عن المعاناة النفسية التي يعيشونها منذ اعتقال أبنائهم فضلاً عن الحاجة التي ألمت ببعض هذه الأسر بعد اعتقال من يعيلها.
يتذمر الكثير من الشباب من حكومة الوفاق, ويتسائلون هل عجزت حكومة الوفاق عن إطلاق المعتقلين, وخصوصاً أن وزير الداخلية اللواء/ عبدالقادر قحطان كان قد وجه بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي، غير أن حقوقيين أشاروا إلى صعوبات تواجه تنفيذ ذلك القرار على اعتبار أن الجهة التي تتحكم بملف المعتقلين لا تزال خارج سيطرة حكومة الوفاق وتوجيهات رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي في ظل استمرار حالة الانقسام بالجيش، وهي قوات الحرس الجمهوري التابع لنجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجهاز الأمن القومي الجهة التي أشرفت على الاعتقالات خلال فترت اندلاع الثورة الشبابية ضد نظام صالح.
بقاء المعتقلين داخل السجون قد يقود لثورة أخرى تقلب الحسابات على رئيس الجميع وستقود إلى ثورة تصحيح جديدة تطيح بحكومة الوفاق الوطني وبالتالي تهديد مسار الحل السياسي المتمثل في المبادرة الخليجية, فمن غير المبرر ان يتمتع صالح بالحصانة في الوقت الذي يتلذذ فيه زبانيته بتعذيب شباب الثورة والتنكيل بهم.
هناك ملفات ضخمة وشائكة أمام حكومة الوفاق يضعها بعض أطراف العملية السياسية في اليمن بهدف إثارة السخط ضد حكومة الوفاق, بدءً من قطع الطرق وتفجير أنابيب النفط وقطع خطوط الكهرباء, لكن على حكومة الوفاق أن تكون أكثر جدية في التعامل مع تلك الملفات وان تضع من قضايا المعتقلين واحدة من أهم أولوياتها, وعلى اللجنة العسكرية أن تخرج إلى الرأي العام لتبين له من المسئول عن كل تلك الجرائم, وعلى الرئيس هادي أن لا يستمر في صمته طويلاً، فصمته قد يشجع بعض الأطراف على التمادي في عرقلة المبادرة الخليجية وتحويل اليمن إلى بؤرة صراع دولي وساحة حرب بالوكالة, والشخص الذي اختير توافقياً من الجميع يجب أن يقف من الجميع على مسافة واحدة من الجميع فأهالي المعتقلين ينتظرون منه قراراً رئاسياً بالإفراج عن أبنائهم, وذلك هو حلم طالما انتظره أهالي المعتقلين من الرئيس هادي ولازالوا يتقربون ذلك القرار بفارغ الصبر.. فهل سيفعلها الرئيس هادي؟.
عارف العمري
المعتقلون يحرجون حكومة الوفاق 2269