يقول بن القيم: الصوم: لجام المتقين وجنة المحاربين "أي الدرع الذي يحميهم في الحرب" ورياضة الأبرار والمقربين وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال وهو سر بين العبد وربه لا يطلع عليه سواه رمضان وما أدراك ما رمضان؟ هذا الشهر الذي يأتي بالخير والخيرات، بالعتق والمغفرة والرحمات، رمضان منحة ربانيه للقلوب المتعبة والنفوس المرهقة رمضان واحة يأوي إليها المؤمن ليستظل من حر الدنيا التي سلطت عليه أشعتها الحارقة طوال العام..
الصوم في رمضان عبادة يعشقها الجميع حتى الفساق وقاطعو الصلاة والمنحرفون كلهم صائمون لأنهم يجدون في رمضان لذة لا يعلمون سرها ولكنهم يشعرون بها ولهذا يصومون.. رمضان يفرض سلطته على الحكومات والهيئات والأنظمة حتى العلمانية منها فتجد الدول تنصاع لرمضان وتغير دوامها الرسمي ومواعيد العمل والدراسة والبث التلفزيوني و الكثير من أمة الإسلام لا ينفقون إلا في رمضان ولا يصلون الأرحام إلا في رمضان ولا يصلون في المساجد إلا في رمضان ولا يقراؤن القرآن إلا في رمضان ولا يرفعون أيديهم بالدعاء إلا في رمضان ولا يذكرون إخوانهم المستضعفين من المسلمين إلا في رمضان ولا يتفقدون الأرامل والأيتام والمساكين إلا في رمضان، في رمضان النفوس هادئة والقلوب مطمئنه، الأطباء لا يرحمون المرضى إلا في رمضان وكل صاحب حاجة ينتظر رمضان ليقضيها سداد دين أو إصلاح ذات البين أو إجراء عملية للعين ولهذه الأسباب أيضاً يحب الناس رمضان ويعشقه المساكين والفقراء حتى قالوا بلسان الحال
يا رمضان ليتك سنة وشهرين وقالوا لهلال العيد: " غب يا هلال"
عظمة الصوم:
الصوم عبادة سريه، تنمي الإحسان في قلب المؤمن والإحسان هو أن تعبد الله كأنه يراك فإن لم تكن تراه فإنه يراك فباستطاعتك أن تغلق على نفسك الأبواب وتأكل ما تشاء أو تفعل ما تشاء ثم تخرج إلى الناس وتقول إنك صائم.. الصوم هو اعتراف من العبد بأن الله تعالى عليم وسميع وقريب، السر عنده كالعلن ولهذا يحترز الصائم حتى من دخول قطرات الماء وهو يتوضأ و من تذوقه لطعم الأكل بطرف لسانه وهو في المطبخ لوحده وبحواره أشهى المأكولات ولهذا قال تعالى "كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " ومن العلماء من يقول إن معنى قوله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" أن الصوم لا يدخله شرك بخلاف سائر الأعمال فإن المشركين يقدمونها لمعبوداتهم كالذبح والنذر والصلاة والحج والدعاء إلا الصوم فهو عبادة خاصة بالله تعالى وحده و الصوم هو العبادة الوحيدة التي لا يضيع على المرء أجرها ولا يجري فيها القصاص حين يأتي غرماؤه يوم القيامة الذين شتمهم وضربهم وأكل أموالهم وظلمهم فيأخذون من حسناته فإذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم لتطرح عليه حتى تطرحه في النار، فالحسنات كلها معرضة للسلب والقصاص إلا الصوم فإن أجره عند الله تعالى لا يضره شيء.
دعاء اليوم:
اللهم لا تجعل حاجتنا إلا إليك
ولا خوفنا إلا منك
ولا رجائنا إلا فيك
ولا أملنا إلا فيما عندك
أحلام القبيلي
يا رمضان ليتك سنه وشهرين 2814