من أبرز المسائل التي تتطلب تغليب التيسير الفطر في السفر والمرض عملاً بقوله تعالى [ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر] قال مجاهد والضحاك وغيرهما: اليسر الفطر في السفر، والعسر الصوم فيه.
وذهب جماعة من علماء السلف والخلف إلى أن الصائم في السفر مثل المفطر في الحضر، وقال بعضهم إن المسافر إذا صام لم يجز بل عليه القضاء، لأن السفر والمرض سببان للفطر بل موجبان له، والقول بأن الصوم في السفر أفضل يخالف الآية القرآنية والأحاديث النبوية والمقاصد الشرعية، في التيسير والتخفيف والرفق، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: يجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة سواءً كان قادراً على الصيام أو عاجزاً، وسواء شق عليه الصوم أو لم يشق، بحيث لو كان المسافر في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر".
وأما قول بعضهم إن الفطر أفضل مع وجود المشقة، والصوم أفضل إذا انعدمت المشقة، فهذا قول خاطئ واجتهاد باطل، لأن الفطر للمريض والمسافر لم يرتبط بالمشقة وإنما أرتبط بالمرض والسفر، وهذا الربط من شأنه تخفيف حكمة الحكم، لأن الحكمة من الفطر للمريض والمسافر غير ظاهرة، وإن كانت الحكمة دفع المشقة فإن هذا أمر تقديري غير منضبط، فربط الشارع الحكم بأمر منضبط وهو السفر والمرض، وهذا الأمر المنضبط يسميه الأصوليون: "علة الحكم أو مناطه"، ولهذا يقولون: الأحكام ترتبط بعللها لا بحكمها، بمعنى أن الحكم يوجد متى وجدت علته وإن تخلفت حكمته في بعض الأحيان، وربط الأحكام بالعلل يؤدي إلى استقامة التكليف وضبط الأحكام واستقرار أوامر التشريع.
عبد الفتاح البتول
الفطر في السفر والمرض..يريد الله بكم اليسر 2097