لن تكون ثورتنا مكتملة إلا بإلغاء كافة أشكال التمييز واللامساواة، ليس فقط على مستوى إصدار القوانين وشعاراتنا الدائمة الترداد (كل المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات)، بل نحتاج إلى إلغاء التمييز على مستوى المجتمع وعلاقاتنا الاجتماعية، بحيث نشعر بذلك في قيمنا وسلوكياتنا .
قضية المهمشين أو ما يطلق عليهم (الأخدام) إحدى القضايا التي ينبغي أن تثار وبقوة في هذه المرحلة من الثورة، فلا ثورة حقيقية دون أن يشعر الإنسان بكرامته وإنسانيته، وهذه الفئة من شريحة المجتمع عانت من ظلم نظام صالح الذي لم يكن يمتلك أي مشروع لإدماج هذه الفئة في المجتمع إدماجاً اجتماعياً، يغير من نظرة المجتمع السلبية تجاه هؤلاء المهمشين .
إنهم لم يكونوا بحاجة إلى المنازل أو المعونات التي حاولت المنظمات الأجنبية أن تقدمها لهم، فقضيتهم اجتماعية بدرجة أساسية وهي تحتاج إلى مشروع دولة وليس لمعونات جهات مانحة .
المهمشون (الأخدام) ثائرون هذه الأيام، إنهم يتمردون على تنظيف الشوارع، إنهم يريدون أن يقولوا لنا (نحن نقوم بعمل عظيم، فانظروا كيف هو حالكم عندما نتوقف عن التنظيف).
المهمشون لا يريدون فقط تثبيتهم - وإن كان ذلك حقاً من حقوقهم الذي ظلموا به- ولكنهم يطالبون بالحرية والكرامة من القيود المجتمعية التي أسرتهم طيلة كل السنوات الماضية، وعزلتهم في ثقافة خاصة بهم وكأنه قدر مفروض عليهم لا يمكن الفكاك منه .
المهمشون لا يريدون دية في قتيلهم الذي قتله أحد ضباط الأمن في مدينة تعز، وظلوا لأكثر من شهرين معتصمين بخيمتهم احتجاجاً، بل يريدون القصاص العاجل وسرعة القبض عليه .
المهمشون يريدون أن يعيشوا بكرامة في هذا الوطن ويكون من حقهم حتى أن يمثلوا في الحوار الوطني وأن تناقش قضيتهم ضمن محاوره.