إن معدل النمو الاقتصادي المحقق قبل الثورة لم يعد بالنفع علي الفقراء وفقا لمعامل "جيني" وهو مؤشر قياسي شديد الفقر.. بالاضافة إلي ارتفاع نسبة الدين المحلي مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي حيث بلغت في المتوسط 65% مما زاد من العجز في الموازنة العامة وتزايد الدين المحلي.
أما بعد الثورة وفي الربع الأول من عام 2010 و2011 كان معدل نمو الدين المحلي 10% وارتفع في الربع الأخير إلي 17% حيث ارتفعت نسبة أذون الخزانة حتي وصلت إلي 37% وهذا مؤشر خطير لتدهور الاقتصاد مما يوضح ان هناك ديوناً قصيرة الأجل تزيد العبء علي الدولة إلي جانب انخفاض في النمو يناقص 8.3% مما زاد الحاجة إلي ضرورة دفع الاقتصاد لزيادة النمو العام.. وعلي هذا الأساس تم وضع السيناريوهات القرضية البحثية للخروج من الأزمة الاقتصادية لمصر.
ان تصبح عبئاً علي كاهل الدولة من خلال الاهتمام بالتدريب التحويلي وفتح أسواق جديدة كالأعمار في ليبيا مثلاً والاهتمام بجذب استثمارات المصريين العاملين في الخارج والاهتمام بالتكنولوجيا وتطبيق العلم في الصناعة والابتكار حتي نضع مصر علي الطريق السليم علمياً واقتصادياً.إجراءات متعددة الأشكال ظهرت في الآونة الأخيرة بعد نجاح ثورة 25 يناير، لدعم الاقتصاد المصري من جهات مختلفة، الحكومية منها والخاصة، وعدد من رجال الأعمال؛ كخطوة وزارة المالية لتعويض الخسائر بفتح حساب للتبرع بالبنك المركزي المصري لتلقي التبرعات عليه من الداخل والخارج، وإنشاء مصريِّي السعودية صندوقًا للعاملين هناك الذين تتراوح أعدادهم بين مليون ومليون ونصف المليون، كما دعا المكتب الإعلامي المصري بولاية كاليفورنيا المصريين المهاجرين في كلِّ بقعة من بقاع الأرض إلى المشاركة في مبادرة لدعم الاقتصاد المصري، باسم (دعوة من أجل مصر). وانطلقت من عدة أيام مبادرات لدعم البورصة المصرية من الانهيار، بعد إغلاق دام قرابة الـ55 يومًا،
أن الاقتصاد المصري لم يكن بحالة جيدة في عهد النظام السابق، ويكفي أن عدد سكان العشوائيات في مصر وصل إلى حوالي 20 مليون نسمة، وبلغت نسبة الفقراء في مصر حوالي 40% من السكان، ووفقًا للتقديرات الرسمية على اعتبار أن الخسائر تصل إلى 63 مليون جنيه يوميًّا، ما يعادل حوالي 37 مليار جنيه خلال شهرين (25 يناير- 25 مارس)؛ فإن هذا الرقم لا يمثِّل سوى خسارة ما يعادل 9 أيام من الدخل القومي. وذكر التقرير الاقتصادي الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، أن قطاع السياحة تكبَّد خسائر قدرها 825 مليون دولار؛ نتيجة إلغاء الحجوزات السياحية خلال فبراير الماضي، وانخفضت نسبة الإشغالات في الفنادق، لتتراوح من الصفر إلى 16.2% في بعض المناطق، كما انخفضت قيمة الصادرات المصرية بمقدار 20 مليون دولار خلال الأسبوع الرابع من شهر يناير مع بداية الأحداث، مقارنة بالأسبوع الماضي عليه، في حين ارتفعت قيمة فاتورة الواردات المصرية من الخارج بمقدار 4.9 مليارات دولار خلال نفس الفترة. وأضاف التقرير أن التأثر طال المستوى الدولي أيضًا، بعد تخفيض مؤسسة "مودييز" للتصنيف الائتماني خمسة بنوك مصرية، وهي: البنك الأهلي، وبنك مصر، وبنك القاهرة، والبنك التجاري الدولي، وبنك الإسكندرية. عددًا من الخطوات الواجب القيام بها للنهوض العملي بالاقتصاد المصري، تبدأ باستعادة الأمن داخل المجتمع المصري، نظرًا لأن الاستثمارات لا تدخل إلى الأسواق وسط الخوف والبلبلة الأمنية في أي دولة،
ا أن الخطوة التي لا بد أن تسير معها بالتوازي هي سرعة الحسم والفصل في القضايا المرتبطة بالفساد الداخلي، على أن يتم إنشاء هيئة مستقلة ومتخصصة تتحمل عبء تلك القضايا وتتفرغ لها، خاصةً أنها وصلت حتى الآن إلى أكثر من 2000 قضية تتكدس داخل مكتب النائب العام، حتى نتفادى التأخير في نظر القضايا الذي قد يؤدي إلى تهريب المزيد من الأموال والتلاعب فيها، وتنقسم تلك اللجنة أو الهيئة المستقلة إلى عدد من اللجان الفرعية، تنشغل بالفساد في كلِّ وزارة على حدة.
أهمية الإعلان اللحظي عن خطوات التحقيقات في تلك القضايا؛ ليطمئن المستثمر المصري أو الأجنبي ومن حولهم إلى وجود الشفافية وتحقيق العدالة، مع اتباع سياسات مالية واقتصادية جديدة تختلف عن سياسات النظام البائد، التي أدَّت إلى التدهور الاقتصادي، وارتفاع نسبة البطالة، والتفاوت الكبير في الأجور، وتعتمد على أهل الخبرات والعلم والمعرفة، ووضع حد أقصى للرواتب، مع توزيع الوظائف بشكل عادل على من يمتلكون القدرات اللازمة. ضرورة الاهتمام بالمجال السياحي، لما يقوم به من خلق فرص عمل بشكل كثيف للشباب؛ حيث كان يدرُّ على مصر دخلاً سنوي وصل في العام الماضي إلى 12.8 مليار دولار، ان الدور الكبير الذي يلعبه قطاع الأعمال في الاقتصاد المصري، وهو الآن تائهٌ بين مختلف الوزارات المصرية، ولا يمسك إحداها بزمامه.
أن السبيل إلى سدِّ العجز في مديونية مصر هو المزيد من العمل والإنتاج لكفاية السوق المحلي، ووقف الاستيراد الخارجي، بجانب طمأنة المستثمرين المحليين والعرب والأجانب؛ حيث وصلت المديونية قبل ثورة 25 يناير إلى 1084 مليار جنيه.
إن المجالات الصناعية صاحبة الامتيازات الأكبر في حاجة إلى أيدٍ عاملة كبيرة، كما أنها لا تحتاج إلى مساحات كبيرة، وتمتاز بإنتاج كثيف القيمة، وتدرُّ على الدولة عملة صعبة، التي تمكن من الحصول على المزيد من المعدات والميكنة المتقدمة، كما أنها تعطي المزيد من الفوائض الإنتاجية.
إن إعادة درجة عالية من الاستقرار والأمان هو ما يحتاجه الاقتصاد المصري على المدى القريب، مثمنًا الدور والإنتاج الضخم الذي قد يتوفر للاقتصاد المصري، بالاعتماد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المرحلة المقبلة؛ لما له من مميزات عديدة، منها توفير ناتج قوي يتناسب مع السوق المحلي، وتوظيف أعداد كبيرة من العاملين، وسدٌّ للحاجات المحلية، وتصدير الفائض للخارج. أن تفعيل المشروعات الصغيرة وإنجاحها في مصر يحتاج بشدة إلى عدد من التسهيلات، حتى يأخذ المساحة الكافية له والمهمة في السوق؛ كإتاحة الائتمان لها بشكل أيسر، مشيرًا إلى أن اقتصاديات كبرى كاليابان تعتمد فيها الصناعات الكبيرة على ما تقوم المشروعات الصغيرة بإمدادها به، مقترحًا أن تعمل الحكومة على دراسات جدوى واقتراحات لتلك المشروعات، وكذلك من قطاعات الدولة الكبرى؛ لتوفر مشروعات صغيرة تتكامل مع الصناعات الكبرى.
إن "المبادرات التي خرجت من الحكومة ومن عدد من رجال الأعمال صاحبها أهمية كبيرة في دعم الاقتصاد المصري في الفترة الحالية، خاصةً بعدما أثبتت مبادرة دعم البورصة المصرية نجاحها، ولم تصل الخسائر إلى التوقعات المتشائمة، بل تعد خسائر الثورة متوسطة، إذا ما قورنت بالخسائر التي تمت في عهد النظام السابق"،
أن التماسك والإصرار على الدعم؛ هو ما أدَّى إلى نجاح تلك المبادرة؛ حيث لم يسحب المودعون أموالهم، ولم يتسابقوا على بيع الأسهم في البورصة وأنقذوها من الانهيار.
أن عودة الإنتاج ووقف الإضرابات والاحتجاجات الفئوية يشكل عاملاً مهمًّا في التعافي الاقتصادي لمصر؛ لأن الإنتاج يأتي عنه زيادة في السيولة، إن التركيز حاليًّا لا بد أن يكون على تقديم حزم من الحوافز المرنة (flexible) للاستثمارات، سواء المصرية والأجنبية. وتضرب مثالاً على تلك الحوافز بإلغاء بعض الرسوم والضرائب، وتقديم تيسيرات في الحصول على الأراضي، كتقديمها بحق الانتفاع، أو بالتأجير بأسعار منخفضة، مع التشديد على جذب الاستثمار من خلال إقرار الأمن المجتمعي داخليًّا، والأمن السياسي أيضًا.
أن "الإعلان والترويج" هو العنوان الذي تضعه للمرحلة الاقتصادية الحالية، من خلال طرق الأبواب الداخلية والخارجية بشكل أكبر، والترويج للاستثمارات والإمكانيات العالية على الأراضي المصرية، كالقيام بزيارات ترويجية لمصر في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية وفي أكبر عدد من الدول،
أن الاستثمار والمشروعات في مجال الطاقة والكهرباء، وخاصةً الطاقة الشمسية؛ لها مكانة كبيرة في المرحلة المقبلة. وتعدِّد مميزات السوق المصري التي ينبغي استغلالها، من حيث كونه سوقًا كبيرًا به مساحات شاسعة ومجالات متعددة للاستثمار، صاحب علاقات تفاعلية واسعة،
أن بذل مزيد من الجهد والاستمرار فيه، كما كان المصريون مصرين في الميادين على إسقاط النظام؛ هو الطريق إلى التعافي الاقتصادي السريع. إن مصر في حاجة إلى بناء نموذج اقتصادي يشبه اقتصاد الدول الرأسمالية الحرة، وهي تواجه أزماتها الاقتصادية، ويعتمد فيه على الانفتاح على العالم بشكل عادل, ويكون مختلطًا بين القطاع العام والقطاع الخاص، تماشيًا مع قيام الحكومة بتطوير الجهاز الإنتاجي وتوسيعه في مختلف القطاعات, وتوفير وظائف حقيقية للعاطلين؛ للمساهمة في معالجة أزمة البطالة في مصر بصورة فاعلة، وليس عبر تكديس عمالة جديدة في بطالة مقنَّعة.يمكن توجيه الفائض من تطوير أداء القطاع العام والهيئات الاقتصادية إلى الموازنة العامة للدولة، واستخدامه في تمويل نظام الأجور الجديد، ودعم الخدمات العامة، بجانب وضع سقف للأجور ويجب التشديد في عددًا من الإجراءات؛ كفرض ضريبة صغيرة في حدود 0.5% على التعاملات في البورصة، كما تفعل غالبية البورصات في العالم، توفِّر نحو 5 مليارات جنيه في مصلحة البورصة والمتعاملين فيها، حيث تؤدي إلى تهدئة سخونة المضاربات، وتقليل الخارج من أموال الأجانب في مصر، ونري ضرورة فرض ضريبة على أرباح المتعاملين في البورصة في نهاية كل عام, ليدفع على صافي ربحه ضريبةً، نسبتها 20% على غرار الضرائب التي يخرجها أصحاب المشروعات التجارية والصناعية، ومضاعفة الضرائب على محاجر الإسمنت؛ لأنها تحقِّق أرباحًا احتكارية ضخمة، وهي مملوكة في غالبيتها الساحقة للأجانب.
أن التغيير الجوهري لا بد أن يطالبها أيضا بحيث تكون متحيزة لصغار ومتوسطي المقترضين في القطاعات المهمة، فتعمل على توفير التمويل لها، وضمان التسويق الخارجي والداخلي لها، وربطها بمشروعات أخرى لتكون صناعة وسيطة. ما الاسباب التي أدت إلي هذا الوضع السيئ للاقتصاد المصري خلال احد عشر شهرا؟ــ
أول هذه السيناريوهات في حالة استمرار الوضع علي ما هو عليه دون استثمارات أجنبية أو افتراض أو عدم تدفق أموال سواء معونات أو مساعدات فإن هذا يؤدي لتدهور في الناتج المحلي الاجمالي وزيادة العجز في الموازنة العامة للدولة.
أما السيناريو الثاني.. في حالة تدفق قروض واستثمار أجنبي مباشر وتم توزيعه علي 5 قطاعات انتاجية ووضع برنامج جاذب للاستثمار فان هذا يعتبر أفضل السيناريوهات ويؤدي إلي رفع نمو الناتج المحلي وتخفيض العجز بالموازنة العامة للدولة.
أما السيناريو الثالث والأخير.. في حالة تدفق أموال في شكل معونات واشتراطت الجهات توزيعها علي الفقراء خاصة في الريف عن طريق تحويلات نقدية.. فإن هذا لن يضيف شيئا ملموسا للنمو العام ولكن يحسن من الوضع المعيشي للفقراء فقط. إنه تم إعداد الدراسة لمعرفة أثر تدفق الأموال وكيفية استثمارها علي النمو العام وسوق العمل واتضح ان السيناريو الثاني أفضل السيناريوهات للوضع المصري خاصة اذا تم دمجه مع السيناريو الثالث بحيث يتم استثمار الأموال في دفع القطاعات الانتاجية والعمل علي رفع المستوي المعيشي للفقراء في ظل زيادة حدة الفقر بالمناطق الريفية والتي وصلت من 6.1% إلي 5.5% باستخدام مؤشر حدة الفقر.
أن الدراسة جاءت في وقت تحتاج فيه مصر لرؤي اقتصادية للخروج من الأزمة ولكن ليست بعصا سحرية وإنما من خلال برنامج شامل للاصلاح خاصة بعد فترة فساد استمرت 30 عاما معرفة الوضع الأمثل لتحويل النمو وأثر ذلك خاصة في ظل الارتفاع المستمر للاسعار.
ان السيناريو الأول بدأ يتلاشي بعد الاتفاق علي تمويل مليار دولار من صندوق النقد الدولي ونصف مليار من السعودية وآخر من قطر.. وان ضخ أموال لخمسة قطاعات فقط يؤثر علي قطاعات أخري خاصة الزراعة والصناعة وبالتالي لن تتحقق العدالة في التوزيع في كافة القطاعات وقد يكون العائد الاجتماعي ضعيفاً والرؤية الأخيرة للخبير الأجنبي ان يتم توزيع الأموال في شكل نقدي للفقراء في الريف غيروا واقعية لأن الفقراء ليسوا في الريف فقط بالإضافة لوجود الدعم العيني.
ان مواجهة تحديات الاقتصاد المصري بعد 25 يناير ولتحقيق السياسات المالية والاجتماعية اللازمة لتحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع ويتسم بالعدالة الاجتماعية وضمان الاستمرارية يحتاج إلي مقومات أهمها: توافر الأمن والأمان وحدوث توافق اجتماعي بين إعطاء فسحة من الوقت ووقف الاعتصامات والمطالب الفئوية والاحتجاجات العمالية لإعادة بناء الاقتصاد مع وضع مبادئ الشفافية وافصاح المعلومات في كافة القطاعات الاقتصادية ومراجعة البعد الاجتماعي مما يساهم في علاج عجز الموازنة من خلال ترشيد الاستهلاك وزيادة الاستثمار والقروض لتدور العجلة من جديد وبالتالي تنتعش كل القطاعات وتعود بزيادة النمو العام وينعكس ذلك علي الفرد والاقتصاد بصفة عامة.
ان الرؤية لتحقيق النمو للاقتصاد المصري والخروج من الأزمة ستتحقق قريباً خاصة بعد الاستقرار السياسي ثم يتم طرح مشاريع اقتصادية كبري تتوافر معها الشفافية والمعلومات الكافية وغرس الثقة سيخرج أموالاً هائلة من داخل السوق المحلي ويساعد علي زيادة تحويلات العاملين من الخارج مع توضيح كيفية استثمارها وفي أي المشروعات وما هو العائد ونسبته مما سيؤدي إلي انتعاش اقتصادي يولد زيادة الدخول والاستهلاك والاستثمار وزيادة الانتاج ومن ثم خفض الأسعار.
ان هذا سيناريو متفائل في حالة وجود خطة ورؤية واضحة وخريطة استثمارية وقد قام مجموعة من خبراء الاقتصاد باعداد استراتيجية لتنمية المدن حتي 2027 من خلال معرفة عدد سكانها والحيز العمراني ومواردها والتحديات التي تواجهها ووضع الرؤية المستقبلية لكيفية الاستغلال الأمثل بالمشاركة في التخطيط بالمدينة والمحليات والاستراتيجية موزعة علي 31 مدينة من مجموع 230 مدينة تقريباً كتجربة أولي.
اتضح ان مدينة رشيد والبحرية من أكثر المدن التي يمكن مساهمتها في الاقتصاد القومي لأنهما لم تستغل كما يجب خاصة من الناحية السياسية لما بها من آثار هائلة مهملة ويمكن توجيه الاستثمار السياحي بها.
ان هناك العديد من السيناريوهات التي يمكن ان تنفذ الاقتصاد بل تؤدي إلي النمو إذا تم تطبيقها بحسم قد يفوق معدلات النمو قبل الثورة أهمها وضع نظام اقتصادي جديد يتفادي الاختلالات الهيكلية ومنها العجز في الميزان التجاري والعجز المتزايد في الموازنة العامة للدولة والتي يأتي الدعم وكفاءة الضرائب والتوزيع الأكثر عدالة للدخل علي رأس الاصلاح بها. علاج الخلل بالميزان التجاري السلعي يؤدي إلي توفير عملة صعبة وزيادتها النقد الأجنبي ويمنع الاقتصاد المصري ان يكون عرضة للصدمات الخارجية المفاجئة بدرجة كبيرة مما يعود علي أسواق الصرف بالاستقرار.
بالنسبة لعلاج خلل الموازنة العامة للدولة فإن ذلك يتطلب مواجهة حقيقية وجادة لمشكلة الدعم والتخلي عن السياسات الخاطئة والعمل علي ترشيد الدعم وضمان الوصول إلي مستحقيه والجرأة في اتخاذ قرار رفع الدعم عن الطبقات القادرة وتحويله إلي دعم نقدي لرفع الدخول المنخفضة مما يساهم في تحسين مستوي المعيشة للفقراء هذا إلي جانب العمل علي كفاءة تحصيل الضرائب لزيادة الإيرادات العامة وتقليل الانفاق في المصالح الحكومية ونفقات كبار المسئولين وتوجيه ذلك للخدمات الأساسية للتعليم والصحة مما يساهم في خفض الدين العام نسبة إلي الناتج المحلي مع توزيع الدخل بطريقة عادلة بوضع معايير للأجور والمرتبات سواء للقطاع العام أو الخاص.. وهذا يدعم الاقتصاد دون الاقتراض لأنها إصلاحات في صميم الاقتصاد الداخلي.
أن الخروج من الأزمة الاقتصادية يحتاج إلي وضع أسس لبناء مصر الجديدة أهمها وضع خطة واضحة المعالم لجذب الاستثمارات الخارجية من خلال توفير البيانات للقطاع الذي نحتاج إليه الاستثمار فيه. إلي جانب التخلص من الإجراءات البيروقراطية العقيمة والتي تجبر المستثمر علي الدفع من تحت الترابيزة لتخليص الإجراءات بدلاً من "اللف كعب داير" مما قد ينتهي بهروبه إلي بعد آخر خاصة في ظل العولمة التي تجعل السوق مفتوحاً والمفاضلة بين الأسواق التي تعطي أعلي قيمة مضافة في ظل ظروف مواتية للاستثمار.
يجب فتح ملف قانون الاحتكار في أولي جلسات الشعب الجديد لأن الاحتكار يقتل المنافسة ويجعل المحتكر يتحكم السوق مما يقلل فرص الاستثمار هذا إلي جانب تحويل الثروة البشرية إلي قوة انتاجية بدلاً من أنا من المؤمنين بان ثورة 25 يناير، هذه الثورة السلمية البيضاء التكنولوجية العظيمة ليست هي السبب في هذا الوضع السيئ للاقتصاد المصري حاليا ولكن هناك عدة أسباب تتمثل في:
أولا: الانفلات الأمني الذي حدث عندما انسحب رجال الشرطة بعد موقعة الجمل في 28 فبراير الماضي، ومازال هذا الانفلات الأمني مستمرا للأسف حتي اليوم علي الرغم من مرور أحد عشر شهرا علي قيام الثورة، ونتيجة لهذا الانفلات الأمني فلا يمكن ان يأتي سائح إلي مصر في هذا الخضم من الانفلات الأمني، كما لا يمكن ان يستثمر أحد سواء كان مصريا أو عربيا أو اجنبيا في مصر في ظل هذا الانفلات الأمني وعدم الاستقرار، وهذا هو السبب الرئيسي لمأزق الاقتصاد المصري وأوضاعه السيئة حاليا الذي لم نستطع ان نعالجه حتي الآن، ولذلك عندما تم سؤال الدكتور كمال الجنزوري عن أولوياته لمواجهة المشاكل الاقتصادية قال معالجة حالة الانفلات الأمني وله الحق في ذلك.
ثانيا: عدم وضوح في الرؤية وعدم حدوث استقرار سياسي، لان الاقتصاد يتطلب دائما النظرة المستقبلية، فالمستثمر يستثمر امواله في المشروعات ويحصل علي العائد في المستقبل، يجب ان يشعر المستثمرون بان مصر تتمتع باستقرار سياسي وبانها تسير نحو الديمقراطية الحقيقية، ولا يوجد فيها اتجاهات مقلقة ونتيجة لكل ذلك سيقبل المستثمرون بصرف النظر عن جنسياتهم علي الاستقرار في مصر.
ثالثا: عدم علاج المشاكل الاقتصادية بالسرعة المناسبة في اثناء حكومة الدكتور عصام شرف حيث تأخرت الحكومة جدا في اتخاذ الاجراءات التي اتسمت بالبطء في علاج هذه المشكلات، هذه الأسباب الثلاثة هي التي أدت إلي هذا الوضع السيئ للاقتصاد المصري بالإضافة إلي كثرة المطالب الفئوية والاضرابات والاعتصامات للمواطنين.
د. عادل عامر
كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي المصري الحالي 3320