يعيش اليمن حالة استثنائية في مرحلة تأريخية استثنائية يلفها الغموض والقلق أحياناً كثيرة, فلا يمكن أن نقول أن النظام السابق قد سقط وفي المقابل لا يمكن أن نقول أن الثورة انتهت فالوضع أشبه بـ(المخضرية) كما يقولون , وإن بدا متأرجحاً ما بين التبشير بتغييرات مهمة حدثت فعلاً والإحباط الذي يصاحب تمسك أفراد النظام بمواقع مهمة في الدولة من أهمها ما يتعلق بالجيش والأمن إضافة إلى الأحداث الجارية هنا وهناك ومنها استهداف خدمات هامة كالكهرباء مثلاً , قد نبدو محبطين أحياناً ونحن الأمور تجري على غير ما نطمح, ونعتقد أن التغييرات لم تكن بالمستوى الأدنى بالنسبة لشباب الثورة لكننا إن أمعنا النظر بواقعية متجردة من عواطفنا التي أججتها دماء الشهداء وأنين الجرحى وبعيداً عن معاناتنا التي نعيشها في ظل ظروف صعبة تكاد تكون منهارة إننا لو نظرنا للواقع بعيداً عن هذا وغيره مستحضرين غياب الدولة سابقاً كمؤسسة مكتملة البناء متماسكة البنيان إضافة إلى تركة أكثر من ثلاثة عقود من العبث والفوضى وسيادة قانون القوة على قوة القانون بل غاب القانون تماماً ومعه غابت المؤسسية وركائز القوة التي يمكن الاعتماد عليها للنهوض وظل الوضع قائماً على ما تبقيه وحوش الفساد التي كانت تفترس خيرات هذا البلد بصورة بشعة وحين يبدأ الانهيار يتداعى العالم لإنقاذنا حرصاً على مصالحه وأحياناً خوفاُ من تدحرج كرة الثلج ناحيتهم ليجدوا أنفسهم أمام موج من بشر متوحش يبحث عن لقمة عيش ولن تقف أمامه حينها أي حواجز ولو كانت جداراً من حديد والفقر كفر كما يقولون.

لقد ورث الرئيس الحالي وحكومة الوفاق تركة ثقيلة من المشاكل الكارثية أحياناً ودولة فقدت كثيراً من مقومات الدولة صنفت عالمياً من أفقر دول العالم وأكثرها تراجعاً في كافة المجالات , إذاً نحن الآن مازلنا نجني ثمرة سكوتنا عن الفساد والظلم طيلة هذه العقود , إننا ندفع ضريبة صمتنا وخياراتنا التي كنا نحصدها بعد كل انتخابات ورغم التزوير المعروف إلا أن هناك كم هائل ممن كان يجهل قيمة صوته أو وقع ضحية اختياره الخطأ وحين كان الناصحون يتحدثون عن فساد يقال حزبية!! إلى أن وصلنا لهذا العجز المؤسف.

جميعنا شركاء فيما يحصل الآن سواء كنا مستقلون أو حزبيون , وساعد في ذلك تكريس الجهل والفقر في المجتمع وارتبطت حياتنا بالماديات والبحث عن مصدر لجني المال مهما كان شكل هذا المصدر فأصبحت الرشوة حق والخداع فهلوة والكذب والدجل سياسة وغدت الحقوق مكرمات واحمد الله إنك لقيت مدرسة تدرس فيها وإن كانت بدون كراسي ولا تتوفر فيها أبسط وسائل التعليم التي تليق بمكانة العلم واحمد ربك لقيت طريق تمشي عليها في حين أن العالم وصل إلى مواقع خيالية ونحن متأخرون عشرات السنين ولم نستكمل بعد البنية التحتية للعاصمة صنعاء فضلاً عن غيرها.

إذاً نحن أمام واقع مختلف تماماً عن مصر وتونس مثلاً ولا مقارنة في جوانب مهمة في هذين البلدين كالتعليم والصحة على سبيل المثال إلا أن ما كان يميزنا أننا كنا نتحدث بحرية على قاعدة قل ما تشاء ونفعل ما تشاء ولم تسلم هذه أيضاً من المن والحديث عنها كفضل يجب أن نحمدهم عليها , ما نحتاجه الآن كقوى وطنية أن نلملم شتاتنا وأن نغادر مربعات العداء والتمترس خلف توجهاتنا فالمتفق عليه أكثر من المختلف عنه وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا ولنبتعد عن مواقع الصراع وتأجيج المشاكل ولنمض نحو المستقبل المنشود, إننا بحاجة إلى الجميع ولن تتحقق أهدافنا بالصراع ولن تقوم لنا قائمة بالشقاق فيا من يتصيد أخطاء غيره ولا يقع بصره إلى على أخطاء رفاقه في النضال هون عليك فلا أحد مبرأ من الخطأ ولا يخطئ إلا من لا يعمل ومصلحة الوطن فوق كل شيء.

 

تغريدة..

لا تجعل الإحباط يتسرب إليك و لا تكن عوناً للشيطان على أخيك ومن رحم الألم يولد الأمل