;
عبد العزيز المقالح
عبد العزيز المقالح

جيمي كارتر يتحدث 2045

2012-07-15 03:16:44


لم يعد الرئيس الأسبق للولايات المتحدة جيمي كارتر راضياً عمّا يحدث في بلاده، وهو لا يخفي أن العقد الأول من القرن الواحد والعشرين جعل هذه الدولة العظمى تنقلب على مبادئها الأساسية رأساً على عقب، ودفعها إلى أن تنحدر في سياستها وفي اقتصادها وفي التنكر لأبسط الالتزامات السياسية والمبادئ الأخلاقية العامة التي آمنت بها، وهو في مقال بعنوان “الولايات المتحدة لم تعد جنةً للحريات وحقوق الإنسان”، نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، يطرح مخاوفه بوضوح، محدداً معالم الانحدار وتتابعه، وما سوف يؤدي إليه من عواقب وخيمة ليس على الإدارة التي تحكم في البيت الأبيض فحسب، وإنما على الشعب الأمريكي بأكمله، حيث لم يعد هذا الشعب يشعر بالاطمئنان وأضحى يرى في كل تصرف وممارسة لهذه الإدارة خروجاً على القيم التي التزم بها القادة السابقون، حتى أولئك الذين ارتكبوا أخطاء فادحة لكنها لا تقاس بما يحدث الآن، وخاصة منذ مرحلة بوش الابن ومن قبله بوش الأب اللذين فرضت عليهما مصالحهما الخاصة تجاهل مصالح الدولة الأمريكية .
إن جيمي كارتر في مقاله المشار إليه، كما في أحاديثه وتصريحاته، يضع النقاط على الحروف، ويشير إلى الانحراف التام في السياسات المتبعة للإدارة الأمريكية في الداخل والخارج على حدٍ سواء . ومما جاء في ذلك المقال: “ورغم أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء في الماضي، فإن انتشار انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها خلال العقد الماضي شكّل تغييراً جذرياً، فقد قادت الولايات المتحدة إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948م، ليكون أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وكان هذا التزاماً صريحاً وواضحاً على المستوى الدولي، بعدم السماح مرة أخرى بأن تستعمل القوة غطاءً لقمع الناس أو ظلمهم، كما رسخ مبدأ المساواة في الحقوق التي يتمتع بها جميع البشر من الحق في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي، والمساواة في الحماية أمام القانون وعدم التعرض للتعذيب أو الاعتقال التعسفي أو النفي الإجباري” .
ولتأكيد أن الولايات المتحدة بدأت في السنوات الأخيرة، ومنذ بداية القرن الواحد والعشرين خاصة، تنحرف عن المسار وتتجاهل هذا الإعلان العالمي، يضيف جيمي كارتر قائلاً: “فقد تم مؤخراً سنّ تشريعات تمنح الرئيس الحق في اعتقال أي شخص إلى أجل غير مسمى في حالة الاشتباه في انتمائه إلى تنظيمات إرهابية أو قوات مرتبطة بها، وهي سلطة واسعة ومبهمة من الممكن أن يساء استعمالها من دون وقاية حقيقية من المحاكم أو من الكونغرس، وهذا القانون يمثل انتهاكاً لحرية التعبير ومبدأ اعتبار الإنسان بريئاً حتى تثبت إدانته، وهما حقان آخران من الحقوق التي أقرها إعلان حقوق الإنسان” .
وبغض النظر عن أن الرئيس الأمريكي السابق لا يضيف جديداً في هذا القول، إلا أنه شاهد من قلب الدولة الكبرى التي شرعت في انتهاك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتخلي عنه في تحدٍ للرأي العام الدولي، ولكل ما تدعيه من أن ما تقوم به هو انتصار لتلك الحقوق . كما أن جيمي كارتر ليس الوحيد الذي يسجل في هذه الشهادة مثل هذا الانتقاد العلني والصارخ، فقد شكّل أو خلق هذا الانحراف من الدولة العظمى ما يشبه الرأي العام داخل الولايات المتحدة ودفع بكثير من المفكرين وكبار الكتّاب إلى القول إن بلادهم لم تعد النموذج الذي كانوا يتمنونه، والذي كان على بقية دول العالم أن تقتدي به، فقد أغرتها القوة بأن تتحول إلى إمبراطورية تعيد إلى الأذهان عيوب الإمبراطوريات الاستعمارية الغاربة، القديم منها والحديث، وفي زمن لم تعد فيه شعوب العالم المتشبعة بقيم الحرية والديمقراطية، تستسيغ أو تقبل مثل هذه العودة المتأخرة والمنافية لقيم العصر وإنجازاته في عالم السياسة .
الخليج الإماراتية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد