من 21 مايو إلى 21 شعبان 11 يوليو.. مسافة ممتدة كالوجع بين المصيبة والمأساة، تتكور اليمن بين رحى الإرهاب كبقعة دم ممتدة من الفشل إلى الكارثة..
هذا العام بعد أن نشدنا التغيير فخذلنا، حل الإرهاب ينشر رائحة الدم والجريمة في الأرجاء، يتمدد على مانشيتات صفراوية تفترش صدور صحفنا، وفي كل عملية انتحارية لا جديد من القوى السياسية سوى تبادل الاتهامات، ذلك لإلهاء الشعب عن إقالة أو استقالة قيادة أجهزة أمنية أثبتت فشلها بجدارة واغتالت نجاح بدائل قد تنقذنا من تناسل هذا الفشل الذي لا يحتمل ولم نعد نطيقه لأيام.
تساقط أمس طلاب كلية الشرطة بصنعاء شهداء في وقت لم تجف دموع اسر الضحايا، وانين الأرامل واليتامى تنوح صداها في وجدان الشعب اليمني أجمع منذ نكبة كارثية خلفتها عملية إرهابية في سبعين العاصمة قبل نحو شهر أو يزيد الوقت قليلاً، لكننا لم نرَ أي تساقط لقادة الأجهزة الأمنية والوزراء المعنيين لا بإقالات رسمية ولا باستقالات كما يفعل المسؤولون الوطنيون في دولة غير اليمن؛ ذلك كأقل عمل يمكن أن يقدموه ليحفظ لهم ماء الوجه وقليل من الاعتبار في عيون الشعب؛ هكذا حين لا يعرف المهووسون بالكرسي معياراً لمدى نجاح المسؤولية من فشلها ولو كانت الفواجع الأمنية تحدث في أمانة العاصمة حيث صاروا بفشلهم غير قادرين على ضبط الأمن بقلب العاصمة فما بالنا ببقية المدن والمحافظات!!..
في ظل الفشل الإداري وإدراك الإرهابيين لمدى الانفلات الأمني، أصبحت المؤسسة العسكرية وأفرادها مهددين بشبح الانتحاريين؛ إذ متى ما أرادت القاعدة قتلهم، سحلتهم بالعشرات ببساطة وقادتنا العسكرية والأمنية ينظرون.
القاعدة استخدمت من سيطرتها على أبين "بروفة" تختبر فيها مدى قدرتها على الحكم وإدارة الشؤون فقط، لتنسحب ببساطة حين أدركت أن المعركة ليس لصالحها وتعلن الحرب على الجيش اليمني والحكومة اليمنية، مهددة بنقل المعركة إلى صنعاء وعدن وقالت إن عملية السبعين ليست إلا واحدة فقط من عمليات قادمة.. إلا أن هذه التهديدات لم تثر حمى المسؤولية لدى وزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية، حيث لم يأخذوها على محمل الجد.. وهكذا يظل الفشل على حساب تساقط خيرة أبناء اليمن في المؤسسة العسكرية شهداء وما على الجهات الرسمية سوى تقديم العزاء لأسر الضحايا ومد يد التسول للخارج ليتبرعوا لشعب عظيم في الشوارع والمساجد.
هكذا في اليمن من أشعل الشعب ثورته ضدهم يحكمون ومن استجاروا من المحاكمة بساحات ثورتنا باسم النضال يتبجحون، فتراهم في كل العواصم باسم شعب عظيم يشحتون، صارت أميركا بلقيس لهم يرددون أمام حضرتها وحضرة الأجندات العابثة مقولة من تاريخ أجدادنا: "فالأمر إليك فانظري ماذا تأمرين".. لعقت النخب السياسية نزيفنا المقدس، سرقت ثورتنا ليأتوا إلينا على ظهر دابة من دواب الخليج ينسجون لنا ذات النظام القديم ويعيدون لنا الفشل بثوب جديد تحت يافطة التغيير زيفاً.. ومطلبنا إسقاط النظام باق وقائم إلى يوم تنفخ الثورة بوق التغيير، ليحشر المجرمون ناكسي الرؤوس .. وتعديل النظام لم يكن لنا مطلباً وفي ساحات الثورة نؤكد لكم: "إنا ها هنا صامدون" حتى نبني يمن استقرار ورخاء نضمن فيه ألا نصحو في صباحات أيامنا على أي من فواجعكم برائحة بارود الفشل وفساد الإرهاب.
على كل مازلنا ننتظر على أحر من الجمر صدور قرار جمهوري بإقالة وزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية، ما لم يعرف الفاشلون حجم فشلهم فيستقيلون..
عبد الحافظ الصمدي
بين مسافات الوجع والفشل!! 2205