لا شهر هجري تُحصى وتُعد أيامه كما هو شهر شعبان الذي يسبق شهر الصوم والذي تُعد أيامه هو الآخر!
ولعل الجملة المسموعة بالغالب في هذه الأيام هي (كم تبقى لرمضان)..رمضان الضيف الكريم العزيز الذي تسخو أيامه ولياليه بما لا تهبه بقية الشهور والذي يميزه عنها بقدسية خاصة تجعل الجميع ينتظرونه إما بشغف أو بخوف!
أسابيع قليلة تفصلنا عنه وحديث المجالس النسائية لا يخلو بتاتاً من تلك الهموم والهواجس التي تسبق شهر رمضان حتى في مجالس العزاء!
إحداهن تتساءل هل سيأتي رمضان هذا العام ونعيشه في الظلام؟ وأخرى تدعو الله أن يهله ويدخله علينا بالأمن والخير والبركة ومضت الثالثة تحسب متطلبات ومصروفات الشهر الكريم، في حين أن الرابعة أسكتتهن قائلة (صلين على النبي)...وجر لك يا أبي جر،هذا هو حال لربات البيوت قبيل شهر رمضان البعض منشغلات بالحشوش عن ضيفنا الكريم والبعض في الأسواق وطوال شهر شعبان وهنّ يتسوّقن لرمضان!
ما أود التذكير به أن رمضان ليس ثقيلاً لدرجة أن الهموم تبني أعشاشها منذ ولوج شهر شعبان وحتى انتهاء شهر رمضان وإن كان مثقلاً بالمصروفات فهذا فقط لأننا ألبسناه ثوب البذخ والشراهة، وعند إعادة النظر إليه من كونه شهر يأتينا برزقه (كما يقول والدي) وإن كانت الأوضاع تزداد سوءاً إلا أن الله يفتح أبواب السماء لعباده وهذا بحد ذاته مدعاة لتفريج الهموم وإن ثقلت..
نحن بحاجة إلى استشعار هيبته وهباته بتحسس احتياجات من يلتحفون الجوع والبرد ومقايضة ساعات هذا الشهر على إنفاقها في كف الخير و ابداً لن يكون هذا الشهر ثقيلاً! ومن ثمّ أليس من الأجدر أن نستقبل هذا الشهر بالدعاء المبلّغ عن النبي عليه أفضل الصلوات والتسليم (اللهم بلغنا رمضان)، فمن يعلم منا أنه سيبلغه ومازال في العمر أيام وساعات؟
ولنتيقن أن رمضان كما هي مناسبة للأكل (ما يجعلها البعض)، فهي مناسبة لا تتكرر للتخلي عن عاداتنا السيئة وتصحيح بعض مسارات الحياة التي تحتاج إلى تقويم وفرصة أيضاً للقطع مع الفوضى والرتابة اللتين لا تسمحان بحرية تحديد الاختيارات في مناحي الحياة..
وقبل هذا وذاك لا ننسى غسل الأفئدة من ملوثات الروح بالتسامح مهما كانت حجم الذنوب والأخطاء فنصوم بقلوب بيضاء لنستحق ثوابه الجزيل ومازال الوقت كافياً لأن نغسلها بالماء والثلج والبرد وما أجمل القلوب البيضاء، فهي تمنح للوجه اشراقته وللروح بهاءها وشذاها وللإيمان صلابته وللخيرات طريقها.. لذا من الآن سنبدأ فالعد التنازلي بدأ..اللهم بلغنا رمضان..اللهم آمين..
أحلام المقالح
وبدأ العَد التنازلي! 1853