;
د. عادل عامر
د. عادل عامر

عصر الجنون .... 2380

2012-07-09 03:04:11


الأمر فعلا يمكن أن يسمى عصر الجنون، لأنه من غير المعقول أن تتخذ قرارات مثل هذه في ظرف حساس مثل هذا، ثم نرى اليوم ألف نقيض ونقيض ففي عصر الجنون النقيض مسموح فجائز اللعب والرقص والمجون والصلاة والصيام لا ندري إن كانت مظاهر (الهنجمة السياسية) وصناعة الضجيج وإثارة الغبار، قد أصبحت عادة متأصلة في بعض الناس، يصعب حتى الآن استئصالها.. وصار هذا البعض مفتوناً باستمراء هذه المظاهر الممجوجة..؟!.
إلا إن الثابت، ربما ظن (البعض) أن يداوي يأسه واحباطاته، باستعادة زخم وجاهة مهترئة ومكانة مهزوزة، وبوسائل الاستجداء والتمسح بالآخرين، وحشدهم حوله في مهرجان خطابي حافل، يصدع رؤوسهم بسيل من الكلمات واللكمات التي يسددها إلى صدر النسيج الوطني ويراد لها أن تنتج تشويشاً وغباراً كلما لاح الأمل والتفاؤل لفتح صفحة جديدة في حياتنا السياسية..!.
 وكم هو مرعب أن يبلغ الحال بهؤلاء من البلاهة وفقدان البصر والبصيرة، إلى درجة أن يستخدموا الناس (قطعاناً) منذورة للمكايدة والمناكفة.. كحال إمبراطور بيزنطة، لكي يحافظ على وجاهته ومهابته، ينبغي لكل إنسان (الانبطاح) على الأرض في حضرته.. يخرون سجداً لتقبيل التراب، ويهتفون باسمه وحياته عند قيامهم..! بإيمان مجروح جائز ضحكات بلا هدف ولا فرح وجائز بكاءات وآهات بلا حزن ملموح وجائز اللعب بالأعمار وإن الموت في عصرنا صار كتابا مفتوحاً وكل جسدا كان حاضرا قد صار ماضيا يحكي لسابقيه جنون عمره ويلوح وينساه من رافقوه سريعا لأنه صار ماضيا لا يعود وإن ظللنا ننوح وترى القتيل من بعدها منسياً وترى القاتل في الأعالي ممدوحاً باله من عصر غريب اختلفت معانيه و تشوش منه الوضوح ولازلت أرقد علي أمجاد متهاوية وتاريخ أمة قد صار ممسوحاً ونظرت من بعيد لاجد محمداً وعمر وعلي وجناح جعفر يروح وبكيت على أيام أسدل ستارها وبكيت علي أمة شيدت لها الصروح حالي وحالها يعجزان عن الوصف ويعجز معها استفاضة الشروح، يبدو أن حالي كحال أمتي غريبان تائهان أو عزيزان قد أصابنا قروح.
 تعالوا نسمع ما يطلبه المتهافتون، على أرض مصر العروبة فقط وفقط، إذا مادام التخبط والتهافت على تبرئة الذئب من دم يعقوب، مائة وسبعة من منتسبي الأجهزة الأمنية ما الذي غيّر أصوات البلابل وخرير المياه وصوت حفيف أوراق الشجر! ألا يكفي شرور قادة العالم النازيين المارقين المرتزقة الفجرة الذين بددّوا مكامن اللغة الإنسانية !! باسم حضارة مزيفة مشبعة بالآثام والإرهاب والمفاسد والتنكيل واستباحة كل شيء من المحرمات والإنسان في إنسانيته.
 نحن نعيش في عصر لا يحترم القيم النبيلة ولا المبادئ الإنسانية ولا الأخلاق.. مشاعر بغيضة ونفوس مريضة ونرجسية مقيتة وسلوك حقير وغطرسة لم يعرف التاريخ مثلها عرّت وجه الحضارة المزيفة وكشفت عن عورتها ونزعتها التي لا تمت للقوانين ولا المبادئ الإنسانية بأية صلة بل جعلت من شرعة الغاب نهجها والسلوك الهمجي والبربري المقصود سبيلها لتحقيق النفوذ على يد هؤلاء النافذين العابثين بالأمن والاستقرار.
 إذاً نحن في زمن العدوان السافر والإجرامي الذي يتنافى مع كل القيم والرسالات السماوية والأخلاقيات الإنسانية،، عدوانٌ بحق الحرية والتعددية والديمقراطية ويتناقض مع كل القيم والنصوص الدستورية والقانونية.
 ماذا حدث لمجتمعنا ؟؟ هل انتقلت عدوى الأنفلونزا المجنونة إليه! بعد أن كُنا نُفاخر بأن مستوى الجرائم عندنا أقل المستويات من باقي دول العالم حتى المتحضر والمتقدم التي فيها الجرائم المنظمة كإستراتيجية مدروسة يُمارسها أصحابها كهواية وببرودة أعصاب وكما تلاحظون ياحضرات، فموضوعنا يتحدث عن الجريمة في مجتمعاتنا لا نتحدث هنا عن عمليات السلب والنهب والنصب والاحتيال ولا عن نشل محفظةٍ أو ِعقدٍ أو هاتفٍ محمول هنا أو هناك، يا للعار ويا للمصيبة، لكن نتحدث عن المصيبة الأخطر والأعظم،، جرائم القتل، وهدر الدماء وزهق الأرواح البريئة، بكل دمِ بارد وباستباحة لكل الشرائع والقيم والحياة الإنسانية الأغلى والأسمى في الوجود، لايهم إن كان المغدور أباً معيلاً لأطفاله أو أماً مرضعةً لطفلها أو أخاً مُعيلاً لأسرته أو إبناً ذوا مسؤولية ملحّة،باختصار يُقتل الأبُ والأخُ والأم والصديق والابن والقريب ومن أجل ماذا ؟؟ في كثير منها لأجل - وسخ هذه الدنيا وقذارتها - المال...؟؟
 نعم.. المال يا حضرات.. المال في عصر الجنون،، والعهر الكوني فمن النزاعات البسيطة إلى الحادة ومن المنزل العائلي إلى منازل البغاء والعهر،، إلى أوكار المخدرات والممنوعات،، مسرحية لاتنتهي فصولها،، أنظروا الصحف والمحطات والجرائد والنشرات والقصص والروايات والحوادث،، في كل يوم هناك نفوسٌ بريئةٌ تُزهق لاتسمع إلا إبناً طعن أباه من أجل خلاف مادي أو شاباً قتل مسنة ًطمعاً بمالها أو زوجة اتفقت مع عشيقها على زوجها ليخلو لهما الجو؟؟..الخ.
 هنا نتوقف عن العد لنقف في المنتصف بين الوطن والمواطن والعقل والضمير،، لنصرخ بأعلى الصوت دون ملل أين الهيئات المسئولة وأين ذوي الاختصاص علينا جميعاً بالتوعية وكل حسب طاقته وفي كل الميادين. ثمة أكثر من سبب لهذا التدهور الأخلاقي والوحشية الآدمية، منها ما هو متعلق بالصراعات الدولية الهائلة التي أسهمت بشكل كبير في القضاء على ما تبقى من الإحساس بالأمان الذي كان سائداً ومنها ما هو متعلق بالانهيار المُتسارع للمبادئ والقيم، حتى المواطن البسيط لم يسلم منها فبعد أن أقترض ليسكن وكأنه شيّد منزله على رمالٍ متحركة مما تركت هذه الانهيارات آثاراً عميقة في المجتمع بل وغيرّت مجرى العديد من مناحي حياتنا والعامل التربوي والنفسي المهم الذي يؤثر بشكل رهيب في شبابنا.
 ومن بين الأسباب شيوع حالة العداء لذا المراهق والشاب،، نتيجة مفرزات آخر في عصر يصدقُ فيه قول الله –تعالى- في الذكر الحكيم (ظهر الفساد في البّر والبحر بما كسبت أيدي الناس) في هذا العصر الذي يتسّم بالكذب والتزّوير..في عصر تغلّب فيه النّقل على العقل,وسيطر التقلّيد على التحقيق والتعصّب الأعمى على المحبّة البصيرة... عصر غريب عصرنا أسميته عصر الجـنون هو عصرُ أشباهِ الرجالْ أوْ عصْرُ عشـــاقِ المجونْ أوْ عصر تكريمِ اللصوصْ في كــل واد، يسرقونْ بدون خوف من رقيب فلا تراهـمْ يستـــحونْ ومن الجهالة مـا ترى أهل الجهالـة يحكمون فابْكِ علـى أهل التقى كمْ منْ تقيٍ فـي السجون والراقصـات حقيقةً أصبحن أعـلام الفنون وشبابـنا تعسًا لهم هم بالتفاهــةِ مغرمون أقصى أمـانيهم إذن وصف القدود أو العـــيون ويقـلدونَ مخنثا فإذا تغني يسمعون قرانهُـمْ ألبُومهُ ليلاً نهارًا يحفظون علماؤهــم بعضُ الدمى فإذا أتوهم يسألون أفتوا بما يرضونه إذ أنهم لا يعـرفون عن دينهم غير القشـور هم بالتديــن يكسبون فكـأنه ديـنٌ جديدْ إذ أي دين يقصدون دين الحـلال فلا حرام هم في الضلالـة يعمهون دين عجيب مصطنع فقوامه بعض الظنون أهل الصحافة والقلم بالله ماذا يكتبـون؟ سوى الذي يذكي الفتن وكأنهم لا يكذبون فابك على عصر مضي ولتنتظر عصرا يكون فيه الثقات محـكمون فيه الثقاة مكرمــون ولا تسل عن عصـرنا إذ انه عصر الجنون.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد