الحوار واليمنيون قصة لم تنته, ومهما طال الحديث عنها ووصل إلى درجة الملل، فليس أمام اليمنيين من حل للأزمات والمشاكل التي أثقلت كاهلهم وعكرت حياتهم وجعلهم يعيشون في ضنك العيش "وليس لها حل إلا الحوار".
في عام 1993 اندلعت الأزمة بين شركاء الوحدة اليمنية التي تحققت في 22 مايو 90م وكانت أجمل وأعظم منجز حققه اليمنيون في تاريخهم الحديث.. فاجتمع عقلاء اليمن وتحاوروا واستمر الحوار أشهر وكانت النتيجة الاتفاق على وثيقة تاريخية سميت "وثيقة العهد والاتفاق" وتم التوقيع عليها من كل القوى السياسية في عمّان عاصمة الأردن الشقيق وكانت هذه الوثيقة كفيلة بحل مشاكل اليمن وأرضية مناسبة لبناء دولة مدنية حديثة تقوم على العدل والمواطنة المتساوية، لكن لغة البارود انتصرت على لغة الحوار وذهبت الجهود التي بذلها عقلاء اليمن أدراج الرياح، فاندلعت الحرب بين شركاء الوحدة في صيف 94م وكانت هذا الحرب جريمة شنعاء بحق الشعب اليمني، لأنها قضت على ثقافة الحوار، وضربت الوحدة في مقتل، فالطرف المنتصر في الحرب تفرد بالحكم وصار هو كل شيء وظل سنوات من الزمن يمارس الاستخفاف وضحك على الذقون وتعامل مع الحوار على طريقة "نجمني ونجمي الأسد" وهذا أدى إلى تفاقم أزمات ومشاكل اليمنيين حتى جاءت الثورة الشعبية التي كانت بمثابة المنقذ والمخلص الذي أنقذ اليمن من الانهيار والتفكك.
على اليمنيين بكل شرائحهم وأحزابهم وطوائفهم أن يدركوا أنهم أمام مسؤولية تاريخية لإنقاذ بلادهم وإخراجها مما تعانيه من مشكلات وعلل كثيرة وليس لها علاج إلا الحوار الصادق المخلص المتجرد الذي يكون الهدف الأول والأخير منه هو اليمن وليس شيئاً غير اليمن، فالوقت لا يسمح لأي نزوات شخصية أو نزاعات طائفية أو مناطقية أو حزبية وعلى الذين نصبوا أنفسهم وكلاء للقضية الجنوبية التي الكل مجمع على أنها قضية عادلة بامتياز أن يعلموا أن مصلحة اليمنيين تكمن في الوحدة وأن الانفصال لا يخدم إلا أعداء اليمن, وأن الظلم والاستبداد والهيمنة والإقصاء الذي عانى منه أبناء المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 94م لم يكون سببه الشعب في المحافظات الشمالية ولا أصحاب البسطات والعربيات في الشيخ عثمان، إنما من كان السبب في كل مشاكل اليمن.
تيسير السامعى
مشاكل اليمن لن تُحل إلاَّ بالحوار 1986