رمضان شهر التوبة والغفران على الأبواب, شهر المحبة والإخاء والإيمان والإسلام والسلام, شهر الصدقات والإيثار والتراحم قادم هذا العام والحال لا يختلف كثيراً عن العام الماضي, لكننا في رمضان الماضي كنا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يدفع عن بلادنا اليمن شر المصائب والفتن وكان جميع المواطنين يحاولون بقدر الإمكان تأجيل كافة المناكفات والمواجهات إلى ما بعد الشهر الكريم، لأن الوطن كان في وضع لا يحسد عليه، حيث لا حاكم ولا حكومة, لكن هذا العام سيحل علينا الشهر المبارك ونحن ننعم بوجود رئيس توافقي وكذا حكومة وفاق ولدينا أيضاً مؤتمر حوار ومبادرة مشلولة وأنصار شريعة بدلاً من الشرعية ولدينا أيضا السيد/ جمال بن عمر بدلاً من الزياني والسفير الأميركي وغيرهم, ولدينا هذا العام عبوات ناسفة وانتحاريون متمكنون وغير ذلك, أما الذي لم يتغير عن العام الماضي ويبدو أنه لن يتغير أبداً سواء كانت هنالك ثورة أم أزمة هم أولئك الفاسدون الجاثمون على مختلف المرافق الحكومية في ظل غياب النظام والقانون وتجاهل الجميع لذلك الإخطبوط الخبيث الذي ينخر في جسد الوطن.
يأتي رمضان هذا العام والشعب منقسم إلى طبقتين وهما الطبقة الكادحة من مزارعين وعمال وجنود وموظفين إداريين وفقراء ومساكين وغيرهم والطبقة الأخرى هي طبقة التجار وكبار الموظفين والمشائخ والفاسدين وقيادات الأحزاب والمنظمات وغيرهم من قيادات الحراك والحوثيين وأنصار الشريعة والمخربين وبين الطبقتين هوة كبيرة لا يمكن تجاوزها, فنحن طبقة العامة تجمعنا الكثير من الصفات والتقاليد والسلوكيات والهموم والمعاناة, وهم طبقة الكبار يجمعهم الظلم وتجاهل من دونهم ولا نتشارك معهم سوى في البطاقات الشخصية أو جواز السفر أو وثيقة تخرج وغيرها تحت عنوان "الجنسية يمني" نحن طبقة الفقراء نهتم كثيراً لأخبار ومشاكل وخلافات الكبار ونراقبها بحذر وخوف شديدين وهم لا يلتفتون إلى أخبارنا سارة كانت أم محزنة.
العامة من الشعب قد تمثل ثلاثة أرباع عدد سكان البلاد، نتشارك في الجوع والخوف والمعاناة وارتفاع الأسعار وتدني مستوى العملة الوطنية والبطالة والتشرد واللجوء والاغتراب والظلم وغياب العدالة والنظام والقانون والمساواة الاجتماعية، نحن نتشارك في حضور المسيرات والاحتجاجات والانتساب إلى القوات المسلحة والأمن من اجل لقمة العيش, ونحن أيضاً من يسقط قتيلاً في المسيرات والمواجهات المسلحة والغير مسلحة.
أما طبقة الكبار فإنهم للأسف شركاء في صناعة الفوضى والأزمات وتجذير الفساد المالي والإداري وتغييب النظام والقانون وسن شريعة الغياب, هم للأسف من يتلاعب في المشاريع ويستولي على المناقصات ويحظى بالتعيينات في المناصب العليا للدولة, وهم للأسف من تفتح لهم القنوات مع الخارج والداخل وهم من يصنع القانون وأول من يخالفه نحن الطبقة الكادحة, استبشرنا خيراً يوم توقيع المبادرة الخليجية للخروج من الأزمة "كما تراها دول الجوار" أو الثورة كما يراها الثوار, من أجل تحقيق أحلام أطفالنا والتخفيف من همومنا, وهم طبقة الكبار لا يزالون في سباق الحلقة المغلقة, ومنغمسين في وحلّ الأزمة لم يتقدموا خطوة واحدة رغم وضوح المبادرة وآليتها التنفيذية ونجدهم اخذوا من كل بند في الأزمة النصف وتركوا النصف الآخر, ولأنهم متعودون على ترحيل الأزمات هاهم يرحلون المبادرة وبنودها إلى ما شاء الله, وتناسوا أننا السواد الأعظم في هذا الوطن وأن الصبر له حدود ولن يضر الشاه سلخها بعد ذبحها, وفي الأخير نذكرهم بأن ما شهدته البلاد العام الماضي هي ثورة الشباب وأن ثورة الجياع لم تأتي بعد، أفلا تعقلون؟!.
عبدالوارث ألنجري
بين جوع الصغار.. وصراع الكبار 2051