الإصلاح هو التغيير إلى الأفضل، فالحركات الإصلاحية هى الدعوات التى تحرك قطاعات من البشر لإصلاح ما فسد، في الميادين الاجتماعية المختلفة، انتقالا بالحياة إلى درجة أرقى في سلم التطور الإنساني، والإصلاح ليس عملا فرديا، بل عمل يعتمد على المشاركة الجماعية .
ونحن ننشد الإصلاح ونحارب الفساد ولكل منّا على ما يبدو وجهة نظر مختلفة حول المعنى الحقيقي للإصلاح ومحاربة الفساد ودائما ما تميل الكفة باتجاه المصلحة الشخصية غالباً .
نفسر الأمور وحيثياتها حسب أهواءنا وغياب المنطق وبعد النظر حاضران بقوة في جميع قراراتنا ، بدأنا بالعودة للوراء وأصبح قانون الغاب هو سيّدُ نهجنا وبتنا نتمرد على القانون والقضاء وسياسة الأمن الناعم تغننا على ذلك ، أصبح كل منّا يشمر عن ساعديه ليأخذ حقه بيديه حتى ولو كنّا على باطل ، نرى الحقيقة والصواب بأم أعيننا ولكننا نغمض العيون ونصك الجفون ويمشى كل منّا إلى غايته ، نطالع كل يوم الكثير من الأحداث التي تنهش بالوطن وتنال من أمنهِ بغير وجه حق ولكننا مع ذلك لا نحرك ساكنا في هذا الشأن .
تعددت الآراء وغابت الحكمة ورجاحة الرأي والعقل وبات كل منّا يغني على ليلاه ، معلم يرقد على سرير الشفاء في غيبوبة تامة بعد أن امتدت إليه أيدي بعضنا بالضرب ولماذا لأنه يقوم بواجبه ويراعي ضميره ويمنع الغش في قاعات الامتحان فهل أصبح نيل الشهادات عندنا بالبلطجة وبحد السيف وهل هذا هو ما جنيناه من ثمار الإصلاح ومحاربة الفساد الذي قامت من اجله ثورتنا ، أم أننا شعب ذكي يعرف كيف يستغل حالة الفلتان التي تعاني منها البلاد ويتجرأ على القانون محاولا أن ينال ما ليس بحقه متسترا بسياسة الجبناء .
مجموعة أخرى أقل ما يمكن أن نطلقه عليها هو الخارجون عن القانون تهاجم مدرسة بالأسلحة في محاولة لسرقة أسئلة الامتحان وتهدد المراقبين وكأننا في شيكاغو أو كأننا في مشهد من مشاهد إحدى أفلام الغرب الأمريكي ولولا تدخل رجال الأمن العام لوقع ما لم يكن بالحسبان فانظروا إلى أين وصلنا, صناديق الإجابات على الامتحان والمراقبين تخرج من المدرسة تحت حراسة امنية مشددة ، فأيٌ منا يقبل أن يسرق جهد فلذة كبده المجتهد والمتفوق عن طريق بعض البلاطجة الذين يريدون سرقة أسئلة الامتحان وتمرير حلولها لإخوانهم وأصحابهم بغير وجه حق .
ومجموعة اخرى تحرق الإطارات وتغلق الشوارع وتدمر الممتلكات العامة ولماذا كل هذا !! لأنها تطالب بالإفراج عن ابنها القاتل ، او القاطع للطريق او غيره ... ، فأين المنطق والحجة في هذا المطلب ، ألا يريدون أن ينال المذنب جزاءه ، أليس للآخرين حقوقاً كما لنا نحن حقوق، فماذا لو كان الأمر معكوسا ؟! .
هل تستحق مثل هذه الحادثة كل هذا التدمير والتخريب .. ألم نعد نؤمن بالقانون والقضاء..والله أنني لا ألوم أفراد الأمن العام على أي شيء يقومون به فهم في البداية أبناؤنا ويقومون بواجباتهم وقد أيقظنا مضاجعهم ولم يعودوا يعرفون للنوم طعما وهم يصلون الليل بالنهار للحفاظ على أمننا ، ونحن نلهث ونركض ونتظاهر ونعتصم لتحقيق مصالحنا الشخصية وتحقيقا لرغبة الكثير من المتسلقين الوصوليين والذين لا يهمهم لا وطناً ولا إصلاحاً وإنما يسعون لتحقيق مكاسب شخصية واستئثار بالسلطة وينفذون مخططات خارجية للذهاب بالوطن إلى غياهب الظلمات ، في كل يوم نسمع ونقرأ عن جماعات تغلق الشوارع وتحرق الإطارات وتدمر الممتلكات وتقطع خطوط الكهرباء وعندما نبحث وراء الأسباب نجد أن تلك الجماعات تتمرد على القانون وتغمض أعينها عن الخطأ وتحاول استغلال الموقف وتلعب على وتر القوي يأكل الضعيف .
مهزلة وأي مهزلة نجلد الآخرين ونكون عليهم كالنار الحارقة لا تبقي ولا تذر وعندما يتسلم احد اقاربنا او أصدقائنا أو حزبنا دفة القيادة وإن كانت سياسته لا تختلف عن سابقيه وقد تكون أسوأ نكون له مطبلون ومساندون ومزمرون ، لماذا كل هذا يحصل منا ؟! .
ارحمونا فقد استخففتم بعقولنا كثيرا فو الله لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... ولأننا لا نجلد الأشخاص كأشخاص ولا نتجنى عليهم وإنما يكون حوارنا حول ما يقومون به من أعمال وما يتخذونه من قرارات فأننا لا ننكر على أصحاب المناصب صلاتهم وصيامهم ومشاركتهم لنا بالمناسبات الاجتماعية وجوارهم لنا حسن الجوار ولكننا نتحدث ونسلط الضوء على ما يتخذونه من قرارات لا تصب في مصلحة الشعب وإنما تأتي لإرضاء من هم أعلى منهم منصبا, طمعا في الترقية وتمسكا بالكرسي وقد يكون لدينا الإيمان بأن أكثر هؤلاء لا يملكون الصلاحيات لاتخاذ القرارات دون الرجوع لمرؤوسيهم ولكننا نعيب عليهم ضعفهم وقلة حيلتهم في نقاش من هم أعلى منهم منصبا في سبيل اتخاذ القرارات الصحيحة والصائبة ,بعيدا عن التمسك بالكرسي والمصلحة الشخصية وبعيدا عن تسجيل المواقف على حساب الوطن وشعبه ومقدراته فليس كل ما يلمع ذهبا والوجوه لا تبدي بالضرورة ما تخفي النفوس .
الكثير الكثير من الأحداث التي تحتاج منا أن نقف عليها ونتفكر بها ولو قليلا وفي مجملها تجدها محاولات للتجاوز على القانون والقضاء مما سيدفع بالوطن إلى حالة من الفلتان الأمني لم يسبق لها مثيل والذريعة هي الإصلاح ومحاربة الفساد فهل نحارب الفساد بفساد أعظم منه وهل نفسر القوانين حسب أهواءنا ونحو ما يصب في مصالحنا الشخصية وهل نتجاوز على حدود الله في الاقتصاص من المجرمين ومن المذنبين ,أليس القضاء هو صاحب الكلمة الفصل دائما, فلنراجع ضمائرنا ولتكن الحكمة ورجاحة العقل هما الفيصل فيما نقدم عليه من تصرفات ولنبدأ بإصلاح أنفسنا قبل مطالبتنا الآخرين بإصلاح أنفسهم وليكن كتاب الله وسنة رسوله هما منهجنا وطريقنا فو الله ما تمسك قوم بكتاب الله وسنة رسوله إلا أعزهم الله .
رائد محمد سيف
نعيب الغير والفساد فينا!! 2444