اراد الله بهذه الامة خيرا فأرسل اليها من عنده ليحملها رسول الله من نفسها فغيرت هذه الرسالة نظامها وبدلت مناهج حياتها وقومت سلوكها فصار الضعيف فيها هو القوي حتى يؤخذ له الحق والقوي هو الضعيف حني يؤخذ منه الحق صار العدل قاعدة للحكم والوفاء بالعهد صفة للسلوك والمحبة اساسا للعلاقة والأمن من الاعتداء مبدأ ثابتا في الحياة فلا ريب ان العلم هو متاح كل خير وهو الوسيلة الي اداء ما اوجب الله وترك ما حرم الله فان العمل بنتيجة العلم لمن وفقه الله وهو ما يؤكد العزم علي كل خير فلا ايمان ولا عمل ولا كفاح ولا جهاد إلا بالعلم فالأقوال والإعمال التي بغير علم لا قيمة لها ولا نفع فيها بل تكون لها عواقب وخيمة وقد تجر الي فساد كبير لجميع ما يقدمه اهل الباطل و ما يلبسون به في دعواتهم المضللة وفي تواجهانهم لغيرهم بأنواع الباطل وفي تشككيهم غيرهم فيما جاء عن الله عز وجل ورسول الله صلي الله وعلية وسلم بعبارة اوضح وبيان اكمل وبحجة قيمة تملأ القلوب وتؤيد الحق فكل ما يدعيه الداعون وينعق به الناعقون يلتبس عليهم لعدم العلم هذا هو الانسان الصالح الذي نريده والذي نريده من تعليم الدين والذي نريده من الوعظ والذي نريده من تشجيع الدولة بذلك الكبير المبين للعقل الانساني والغرر الاثيم به لم تقو الحركة الفكرية علي المضي في سبيل حريتها والظهور علي ما كان يبيت لها نحو تحرير العقول ومعالجة المسائل العلمية بالسليبة الجديدة التي وضعها واقتاد الباحثين اليها وألان الفكرة الجامعة للعرب والمسلمين يجب ان تكون فكرة ثقافية وليست سياسية فلن يجتمع العرب في القريب المنظور علي فكرة سياسية ان عوامل التقريب الثقافي والحضاري كثيرة ومختلفة فمنها القديم الذي يرجع الي ظروف تاريخية قديمة ولكن اثارة ما تزال قائمة تحدث اثرها في الوقت الحالي ما هو حديث ومستر في وجودة وتأثره فيها ومنها ايضا ما يغري إلي أجواء داخلية تتمثل بالشعوب الاسلامية نفسها ولا ينبغي ان نغفل ما لفساد الحكم وغياب الحرية والعدل السياسي والاجتماعي في كثير من المجتمعات الاسلامية من بالغ الاثر في تأزيم الوضع الداخلي ونشر ثقافة اليأس والشك وعدم الثقة في هذه المجتمعات وقد توّج العدل تعاليم الأنبياء، الذين أعطاهم الله أسُسَه منذ شاء الله أن يكون له دينُ على الأرض، ويحدثنا القرآن الكريم عن ذلك في سورة (ص):“وهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (21 ) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (22 ) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ ( 23)” هذه قضية واضحة المعالم بيّنة الحكم، حين جاء بها خصمان يطلبان العدل، ولا شيء غير العدل من النبي داوُد، ولأنّها واضحة المعالم بيّنة الحكم، لم يتوان النبي داوُد عن إصدار الحكم بمجرد أن شرح له أحد الخصمين المشكلة، دون أن يسمع رأي الخصم الآخر فقال:“قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعًا وَأَنابَ (24)”.قامت الثورة وانتعشت مصر من رقدتها وتفاءل الجميع بل افرطنا في التفاؤل للانتا شعب عاطفي يغلب علية ( الطيابة ) وحسن الظن علي اطلاقة امام ثورة الشعب وإصراره علي إسقاط نظام مبارك وعلي مدي ثمانية عشرة يوما خرجت فيها الملايين الي الشوارع امام هذا تخلي مبارك عن منصب رئيس الجمهورية للمجلس الاعلي للقوات المسلحة وهي بلا شك محاولات خبيثة ومخططات شيطانية تقف وراءها اياد داخلية وخارجية تسعي للإسقاط مصر وإذابتها في ثقافات الاخرين لكنها تبقي دائما عصية عن السقوط والذوبان فأعداؤها علي يقين ان سقوط مصر لا قدر الله يعني سقوط الامة كلها ولن تقوم لها قائمة بعد ذلك وذلك هو السر المصري والتي كلما اقتربنا من ترويضها والسيطرة عليها عادت من حيث لا ندري سببا مؤكدا علي ان مصر ليست دوله قبائل او بطون بسبب المال او البترول بل هي اقدم دولة مركزية عرفتها البشرية طوال تاريخها الطويل الي كل ما يتصور أن كرسي الحكم يدوم له فله ان يتعظ بمنظر الرئيس المخلوع وهو خلف القضبان وإمامة ولداه فقد صدق اولئك المنافقون من اعلاميين وحزبين وغيرهم وهذه هي النتيجة قضبان حديدية يقبح خلفها هو وولداه بعد ان أعطته أحلام التوريث للسلطة احساسا بالتعالي والغرور مما جعله لا يسمع للأي غيور محب لهذا الوطن اقول إلا قاتل الله الافاقين والمنافقين الدين لم نجن من ورائهم إلا كل تخلف ونكوص والي كل مواطن شريف محب لوطنه ادعوا الله ان يعرف الصواب لتعرف الجيد من الشر والطيب من الخبيث وان يحكمنا عدل الله لننعم في ظلاله بالحيرة والإيمان وعدل الاسلام وإنصافه هذه حقيقة من المهم جداً أن تُستَصحب عند التطرق للشأن العام: حقيقة أنّ العدل هو مصدر شرعية نظام الحكم وسبب تجذره لهذه القرون الطويلة. قُننت مبادئ العدل التي توارثها حكامناً جيلاً بعد جيل في شكل دستور يتوافق ومقتضيات الدولة العصرية . تضمن الدستور مبادئ تصون حقوق المواطنين وغيرهم وتحافظ على كرامتهم. كما وضع إطاراً عاماً لعمل المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية. ذلك يعني أنٌ نشاط هذه المؤسسات وتصرفات العاملين فيها يجب أن تكون في إطار الدستور للمحافظة على العدل وعدم تقويض أركانه، والمحافظة بالتالي على نظام الحكم وتقويته. والعدل سواء أكان عاما أم خاصّا، فهو واجب وفريضة على الحاكم وعلى المحكومين معا، إذ الأمر به ورد مطلقا، ولم توجد قرينة تصرفه إلى النّدب أو الإباحة، فقوله:(وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ: وقوله:(كونوا قوّامون بالقسط )، كلّها أوامر محمولة على ظاهرها من الوجوب، نظرا لأهمّية العدل ومنزلته في ردّ المظالم وأداء الحقوق والأمانات إلى أهلها. ومن أجل إقامة العدل، ونظرا لأهميّته وقيمته الاجتماعية والسّياسية البالغة، فإنّ الشّارع أوجب نصب الحكومة لتحقيق ذلك في واقع النّاس، وقد دلّ استقراء الشريعة على ذلك، وأنّ من مقاصدها أن يكون للأمّة ولاة وحكّام يسوسون مصالحها ويقيمون العدل فيها، وينفّذون أحكام الشّريعة بين المحكومين، ومن أجل إقامة ذلك المقصد العظيم، فإنّ الشّريعة عيّنت الحقوق لأصحابها، ولم تتركها مبهمة أو مجهولة، سدّا للتّنازع والمشاحة، ولم تكتف بذلك بل أمرت بتولية الحكّام وشدّ أزرهم بقوّة يستعينون بها على تنفيذ الشريعة وإيصال الحقوق إلى أهلها، وبذلك كانت إقامة الحكومة والسّلطان من لوازم الشريعة، وقد أشار إلى هذا قوله تعالى :(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)،( الحديد:25)، فالحكومة إذا وسيلة وليست غاية لتحقيق الجاه والثّراء والمنصب الفاخر، بل هي أداة وجهاز لإيصال الحقوق إلى مستحقّيها، والعدل بين المحكومين عند التّنازع فيها، وتعيينها من غير ظلم ولا عسف، فيصل الضّعيف والعاجز والفقير، إلى حقّه بقوّة العدل.
--
كاتب مصري دكتور في الحقوق و خبير في القانون العام
د. عادل عامر
العدل قاعدة للحكم 2206