أوقات كثيرة لا أجد قلمي المختفي بين أكوام الهموم التي لا بداية لأوجاعها ولا نهاية لأنينها، بالفعل عندما تكثر أوجاعنا نمل الصراخ ونمل الشكوى ونمل البوح ونمل البكاء ونمل التذمر ونمل كل ما من شأنه أن يصف واقعنا، لذلك أجدني الفترة الأخيرة هجرت قلمي، فالواقع مليء بالتفاصيل الخانقة لقضايا ومشاكل أوصلنا عدم التفاؤل أنها لن تُحل، فنجد الصمت الوسيلة التي نعبر فيها عن إحساسنا بالأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد والتي ترسم نتائجها الضارة على العباد الأطراف السياسية التي مازالت تتناحر في ميدان الحزبية وليس لديهم الوقت الكافي ليفكروا في معاناة المواطن وهمومه، فصراعهم لا ينتهي في معركة الأحقاد والمماحكات التي يسقط ضحيتها كل يوم جزء من الوطن ليتحول في النهاية إلى أشلاء مبعثرة من الصعب جمعها، فهم بعد انتهاء معركتهم اليومية يخلدون للراحة في فلل مكيفة يهنأون بإضاءة لا تنطفئ، لأن مشكلة الكهرباء لاتصل إليهم ولا يهمهم الأمر وإذا كلفوا على أنفسهم لا تسمع منهم سوى الاتهامات المتبادلة فيما بينهم والمواطن يعيش في ظلام تخلفهم يُصارع سكرات الموت البطيء في المناطق الحارة والأمراض في المستشفيات، هم الكارثة الإنسانية التي تعتبر وصمة عار على جبين حكومة الوفاق التي لم تستطع حماية أبراج الكهرباء في الوقت الذي تتفاخر بإنجازاتها الأمنية في مكافحة الإرهاب.. أنا بصراحة غير مقتنعة بهذا الانتصار، لأنهم إن استطاعوا القضاء على جماعة من الأفراد فهذا لا يعني أنهم قتلوا الإرهاب، لأن الإرهاب قد تأصل جذوره وأصبح إرهاباً فكرياً يستهدف أكبر شريحة في المجتمع وهم الشباب العاطلون الذين احتضنتهم الشوارع بعد أن تبرأت الحكومة من أحلامهم وغرست الكره والانتقام وجعلت استهدافهم أمراً سهلاً في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وقلة فرص العمل والبطالة.
فيتم تجنيدهم وفقاً للمنهج الشيطاني الذي لا يحمل سوى ثقافة القتل والعنف والدمار.
وبإكمال الحديث عن كارثة الكهرباء فإن المتضررين ليسوا الأحياء فقط الذين كتب الله عليهم الشقاء وأطال أعمارهم ليتكبدوا مرارة العيش في وطن الكوارث وإنما طال حتى الأموات، فالجثث قد تعفنت في ثلاجات المستشفيات، يعني لم يكرموا بالعيش في حياتهم ولم يكرموا بالدفن في مماتهم، ألم أقل لكم بأن الصمت أفضل لأن الكلام سيكون مجرد قطرات من بحر أوجاعنا؟ والمضحك في الأمر هو تصريح وزير الكهرباء في مجلس النواب بأن مديونية الكهرباء لدى المستهلكين ثلاثة وثلاثين مليار لدى متنفذين من نواب برلمانيين ووزراء ـ ما شاء الله والاستهتار ـ وطبعاً الوزارة مازالت تحترمهم وتدعوهم إلى التسديد وإلا ستقوم بفضح أسمائهم، لأنه ما ينفعش تهددهم بالمقص الأحمر، لأنه ما تفرق بالنسبة لهم فالمولدات التي يمتلكها مسؤول منهم طاقتها الإستيعابية تشغل حارة كاملة، أما المواطن المسكين يتهدد بالمقص وبرضوا ما عاد تفرق معه، لأنه الكهرباء قده مفصوله خلقه فأصحاب الخبطات ما يشتوا يتعبوا عمال الكهرباء بفصل التيار والحكومة طبعا مش قادرة تحمي الكهرباء ولا قادرة تتصالح مع القبائل اللي أستغلوا ضعفها وهات ياإبتزاز مع إنه كانت من قبل الحكومة توقف حرب باتصال واحد وأحياناً برنه عموماً قبل أن أنهي مقالي بقولكم شيء أوعى أسمع حد يقارن اليمن بالصومال لأنه وصلنا لمرحله إنه من الظلم فعل ذلك فالتقارير الدولية الأخيرة تُشير إلى إن المجاعة في اليمن قده أضعاف ما هو حاصل في الصومال، لذلك لا تخربوا علاقتنا فيهم لأنه شكلنا بنعزل قريب هناك فخلوا الاحترام قائم.
*بقايا حبر:
تكبر جروحنا فتدوس على أحلامنا بفكر حافٍ لا يرتدي التمعن في قوة إرادتنا التي لم تجد لها مكاناً بين تلك القلوب المتسخة بالحقد.
نعائم شائف عون الخليدي
قطرات من بحر أوجاعنا!! 2200