تعز عاصمة الثقافة وقلب الثورة السلمية النابض، قائدة التغيير ومحاربة الفساد والمفسدين، بل إنها قائدة الثورة التي أطاحت برأس النظام رغم دمويته وطغيانه وجبروته، وعدم تقبله لنصح الناصحين، الذي حاول بكل ما أوتي من قوة أن يخمد هذه الثورة ويقمعها، ابتداءً من جمعة الكرامة ومحاولة اقتحام الساحة بصنعاء، إلى مجازر عصر وجولة كنتاكي وشارع الزراعة، إلى إحراق ساحة تعز وتدمير مبانيها بمختلف الأسلحة ...إلخ، وبالرغم من هذا كله انتصرت اليمن، وهدمت الثورة مشروع التوريث وتصفير العداد أو قلعه، بل أسقطت رأس النظام، وإن كان كثير من أركانه لا يزالون يسرحون ويمرحون، بل لا يزالون في مواقعهم ولم يحدث التوافق إلا في الحكومة، أما بقية أجهزة الدولة فلا يزال غالبيتها العظمى بيد النظام السابق وقل مثل ذلك على مستوى المحافظات، والواجب وفق المبادرة الخليجية أن يتم تغيير المحافظين ومدراء الأمن وما شاكل ذلك بالتوافق، لكن هذا لم يحدث إلى الآن وما يهمنا هو وضع مدينتنا تعز التي لا تزال تعاني من مخاطر وتحديات كبيرة، فبعد أن عين العميد/ علي السعيدي مديراً لأمن المحافظة والذي أتى من رحم الثورة، ونعمت المدينة بالأمن والاستقرار واختفت المظاهر المسلحة أو كادت، هذا كله أغضب بقايا النظام خاصة وأن الرئيس هادي قال لمحافظ المحافظة : "شوقي إن أمن اليمن واستقراره يبدأ من تعز " وأعطاه صلاحيات واسعة من أجل ذلك.
ولقد استبشر أبناء تعز خيراً بقدوم محافظ من أبنائها، ليكون باراً بها خلافاً لسلفه بعد معاناة استمرت أكثر من عام ، وتواصلت القوى الخيرة في المحافظة مع المحافظ من أجل التعاون معه وكانوا فيما أحسبهم والله حسيبهم من المخلصين وخاصة التكتل الوطني لأعيان وأحرار تعز، لكن يبدو أن هذا التواصل أزعج البعض، فبدأوا بالكيد والمكر والتخطيط من أجل أن يعيدوا تعز إلى المربع الأول، مربع العنف والانفلات الأمني والمظاهر المسلحة، ابتدأ ذلك من بعد الذكرى الأولى لمحرقة تعز وابتداءً بالمطالبة بإقالة السعيدي وكأنه مجرم وخطر على المحافظة.. أليس من قتل شباب تعز وأحرقهم ودمر منازلهم أحق بأن يطالب المحافظ بإقالتهم وتغييرهم ؟!
كنت أتمنى من المحافظ وبموجب الصلاحيات الواسعة التي أعطيت له من رئيس الجمهورية أن يتخذ قرارات شجاعة بتصفية الفاسدين من جميع المؤسسات، لا أن يقوم بنقلهم وتدويرهم على طريقة النظام الفاسد، وكـأن المدراء والموظفين أحجار على رقعة الشطرنج، وكأن تعز عقمت وليس فيها كفاءات!!.
إن محافظ تعز يعرف أن مدراء أمن كُثر وقعوا في أخطاء فادحة ومع هذا لم يغيروا، هذا إذا سلمنا أن السعيدي قد وقع في الخطأ، بل إن محافظ المحافظة وجه أوامره للإفراج عن الجنود الذين اختطفهم الحرس الجمهوري ومع هذا لم يستجب لتوجيهاته، فلما لم يطالب بتغيير قائد الحرس؟ لما الكيل بمكيالين؟ ولما كتب النائب محمد الحميري وقال: "إذا كان المحافظ يأمر فلا يسمع لأمره، فعليه أن يقدم استقالته" وتكلم المأجورون بالشيخ محمد الحميري، تلك القامة والهامة الثورية والمناضل الكبير الذي قدم للثورة عامة ولتعز خاصة ما لم يقدمه غيره، لأنه تحلى في الفترة الماضية ولا يزال بالشهامة والإباء والصدع بكلمة الحق، تكلموا فيه كلاماً جارحاً لا يرضاه إلا من كان لا يريد التغيير ويحن للماضي النكد وإنني أخشى أن تكون بطانة السوء قد أحاطت بالأخ المحافظ، وهو يعمل جاهداً من أجل تمكين المؤتمر من رقاب أبناء المحافظة كما يتناقل في بعض وسائل الإعلام.
إن ما يدور في تعز يراد من وراءه الانتقام من الرئيس هادي وإفشال ما يريده من إرساء الأمن والاستقرار في اليمن انطلاقاً من تعز، لأن التغيير بدأ منها والاستقرار سيبدأ منها بإذن الله وإنها سنة الله وإرادته واقرأوا إن شئتم كيف أن الصحف والمواقع الأجنبية تتحدث عن تعز ودورها الرائد في التغيير وكيف أن توجهات الدول المانحة يتجه صوب تعز نظراً لريادتها.
كم كنت أتمنى أن ينأى الأخ/ المحافظ بنفسه من أن يحسب لحساب طرف دون آخر وكم كنت أتمنى أن يختار لنفسه مستشارين محايدين ومخلصين لبلدهم وعندهم الكفاءة، وكم كنت أتمنى إن كان ولابد أن يجمع القوى الفاعلة ويتشاور معهم لاختيار الرجال الأكفاء سواءً كان مدير أمن أو غيره، لا أن يستجلب للمحافظة من تلطخت أيديهم بالدماء والتواطؤ مع الجماعات المسلحة ومن أدخلوا اليمن في ورطة كبيرة كلفت اليمن واليمنيين وكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والأموال.
إنني أخشى من تآمر كبير على هذه المحافظة، خاصة وأن رئيس المؤتمر ولأول مرة يتصل برئيس فرع المؤتمر بالمحافظة للتعاون مع المحافظ من أجل إعادة الأمن والاستقرار إليها ـ بحسب زعمه ـ وهل يهم علي صالح أمن واستقرار المحافظة وهو من أحرق أبناءها ودمر البيوت على أهلها؟.. إنه حقاً كما يقال يقتل القتيل ويمشي في جنازته.
وهنا أطرح سؤالاً للمحافظ: هل هذه هي بداية الخطة التي ستحول بها تعز إلى دبي الثانية؟!.
www.almaqtari.net
الشيخ / عقيل محمد المقطري
تعز.. جرح يُنكأ مجدداً 2420