العدل هو أساس الحكم وأساس بقاء الشعوب، والعدل هو أساس لاستقرار الأمن والاطمئنان، إننا في هذا الوطن الغالي، في يمن الحكمة والإيمان، نمتلك مجلساً، للقضاء، يهتم بشكوى المواطنين والمتظلمين من إجراءات التقاضي في مختلف درجاتها، ويسعى العاملون في هذا المجلس لإيجاد العدل بالقدر المستطاع، لكن ما يحزن القلب، و يدمع العين، هو تجاهل هؤلاء القائمين على هذا المجلس، القائمين على إيجاد العدل وترسيخه بين كافة أفراد المجتمع، تجاهلهم متطلبات ومستحقات الموظفين الإداريين المنتسبين إلى هذا الجهاز القضائي، يسعون إلى إيجاد العدل وموظفيهم أحق أن ينظر لهم، بنظرة العدل التي يسعون لتحقيقها.
يتعرض فئة من العاملين في هذا المجلس، إلى شيء من الغبن أو الظلم "الإداري" أن صح التعبير الذي قد يكون مصدره إما بعض الأنظمة المعمول بها في ذلك المجلس أو سوء تطبيقها أو الاثنين معاً.
وبسبب تباين صور " الظلم الإداري " الواقع على الكادر الإداري في ذلك المجلس مقارنة بالكادر القضائي،نستعرض بعضاً من هذه الصور والمتمثلة، تجاهل متطلبات الكادر الإداري من كافة الحقوق المادية منها والمعنوية، تتمثل في إسناد المسؤوليات على أسس ليس من بين أولوياتها الكفاءة المهنية للموظف، وإذا ما تجاوزنا ما تسببه هذه الحالة للموظفين الأكفاء من إحباط، فإن لها تداعيات سلبية على أداء الموظف، فهي تؤدي إلى صعود غير الأكفاء درجات لا يستحقونها، وبدافع من شعورهم الداخلي بأنهم غير مؤهلين للمناصب التي يشغلونها يعيشون على هاجس القلق من مرؤوسيهم الأكفاء الذين يرون فيهم تهديداً لمناصبهم، وبالتالي فإنهم يناصبونهم العداء ويشنون عليهم حرباً خفية، مستخدمين ما تتيحه لهم المسؤولية من قدرة على تسخير اللوائح والنظم.
عدم إنصاف الكادر الإداري في هذا المجلس القضائي، من التسويات والترقيات السنوية وعدم إدراجهم ضمن قانون السلطة القضائية، واعتبارهم جزاءً من هذا الجهاز القضائي، وليس كما يحلو لهم أن يدعوهم (أعوان القضاء) وهنا أحب أن أقف واعرف بان العون هو مؤقت يستعان به فقط وقت الحاجة...
ومن ضمن معاناة هذا الكادر المغلوب على أمره هو عدم وجود التدرج الوظيفي، أسوة بباقي أجهزة الدولة الأخرى.
إن مثل هذا الظلم الذي يعانيه الموظف الإداري في جهاز العدالة والإنصاف يجعل الموظف المظلوم يغلف معاناته بالصمت والاحتساب أو بالشكوى إلى زملائه وأصدقائه وأهله الذين لا يملكون سوى نصحه بالصبر حتى يحين موعد الفرج،وعندما تطول فترة الصبر تترك لدى ذلك الموظف انعكاسات سلبية على نفسيته والتي قد تمتد إلى حياته الأسرية وصحته بصورة قد تؤدي إلى تراجع أدائه في العمل، الأمر الذي ينتج عنه خسارة المؤسسة لطاقة ذات مؤهلات مهنية عالية كان يمكن أن توظف لتقديم عطاء متميز ينعكس بمردوده على المجتمع بأكمله.
ومع يقيني بأن القائمين على هذا المجلس لا يقرون مثل هذه المقالات ما أن تقع عينهم على العنوان، وهو إن قرأ لن تردعه كلمات عن الاستمرار في غيهم.
لا أجد ما أختم به هذه المقالة سوى توجيه هاتين الرسالتين إلى طرفي العلاقة في هذا الموضوع:
الرسالة الأولى: إلى كل موظف يعيش حالة ظلم، واصل طريق العطاء والمثابرة ولا تجعل الإحباط واليأس يعرفان طريقهما إليك، وتذكر دائماً أن أحلك الساعات ظلمة هي تلك التي تسبق انبلاج نور الفجر.
الرسالة الثانية : إلى كل مسؤول له القدرة على اتخاذ القرار أن يتقي الله في ما اؤتمن عليه من مسؤولية، وتذكر دائماً بأنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك، وما ثارت الشعوب وانتفضت إلا لانتزاع حقوقهم.
أملي وطموحي أن يفهم أولئك المتربعون على كراسى المسؤولية، القابعون خلف مكاتبهم، أن يقفوا مع أنفسهم ولو لمرة واحدة، وأن ينظروا إلى معاناة من هم أدنى منهم بعين العدل والإنصاف.
وأخيراً أوجه كل معاني الشكر إلى كل منتسبى السلطة القضائية من الكادر القضائي الذي يشعر بمعاناة الموظفين الإداريين في هذا الجهاز، ويعمل لمعالجتها وتوفير الحلول المناسبة بكل ما أوتي من صلاحيات، والذي هو من باب إعانة الموظف المظلوم إلى الوصول إلى حقوقه المكفولة.
رائد محمد سيف
من ينصف هؤلاء !!! 2182