يرى المختصون في الشأن الاقتصادي الأوروبي أنه على المدى القريب فإن مخاطر إثارة هلع مصرفي محتمل في أوروبا سوف يفرض على دافعي الضرائب كلفة أعلى بكثير من خروج اليونان، وليس من المستبعد في أعقاب ذلك قيام اضطرابات اجتماعية في الدول الأكثر معاناة جراء الأزمة، الأمر الذي سيعزز موقف الأحزاب المتطرفة والتطورات في اليونان أثبتت أن النخب لم تعد تؤثر على مجرى الأمور في أوروبا.
بعدما كان خروج اليونان من منطقة اليورو تهديداً مبهماً ومستبعداً قبل أشهر قليلة بأن يطرح اليوم بشكل صريح ومتزايد وسط غموض كامل حول ما يمكن أن ينتج عنه على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وإن كانت قمة مجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى دعت في بيانها الختامي في كامب ديفيد إلى منطقة يورو قوية وموحدة وتمنت بقاء اليونان فيها، إلا أن إمكانية التوفيق بين كل ذلك كانت موضع جدل فعلي، وخشي البعض من أن تضطر دول منطقة اليورو إلى مواصلة تقديم المساعدات المالية لأثينا إلى ما لا نهاية لمنع انهيارها، غير أنهم يحرصون على الطمأنة، مؤكدين أن منطقة اليورو محصنة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة خروج محتمل لليونان، أمور كثيرة تغيرت منذ بدء الأزمة اليونانية بدءاً بتعزيز منطقة اليورو دفاعها في مواجهة الأزمات من خلال إنشاء آلية الاستقرار الأوروبية المزودة بقدر كبير من منح قروض سيتم رفعها قريباً إلى "500" مليار يورو، وتم خفض إنكشاف البنوك الأوروبية على الديون اليونانية بشكل كبير.
وفي نهاية المطاف ستكون الكلفة محدودة بالنسبة لشركاء أثينا وقدرت بـ"86" مليار بالنسبة لألمانيا و"50" مليار بالنسبة لفرنسا وهي مخاطر يمكن امتصاصها بالكامل، لكن في مواجهة تفاؤل البعض يبدي البعض الآخر تشاؤماً يصل إلى حد التهويل ومنهم المديرة العامة لصندوق النقد الدولي التي اعتبرت أن الخروج من اليورو سيكون مكلفاً للغاية وليس بالنسبة لليونان وحدها، وفي هذه الحالة سوف تتبخر مدخرات اليونانيين فيما يرتفع دينهم العام والخاص إلى مستويات عالية جداً وقد يتم خفض الأجور ومعاشات التقاعد لموظفي الدولة.
وستتوقف الشركات الأجنبية عن الاستثمار في هذا البلد ولاسيما مع قيام مشكلة قانونية حول احترام العقود، وفي ظل هذه الظروف يرى العديد من المحللين أن منطقة اليورو ستجد نفسها ملزمة بالاستمرار لوقت طويل في تقديم المساعدات المالية لبلد أضعفته بنيته الاقتصادية واستنزفه هروب رؤوس الأموال.
غير أن الخطر الأكبر في نظر خبراء الاقتصاد سيكون في انتقال العدوى إلى الدول الأخرى التي تعاني أوضاعاً هشة في منطقة اليورو ومع خضوعها لضغوط الأسواق القلقة، وسيكون الضغط على أسبانيا والبرتغال وإيطاليا وحتى إيرلندا هائلاً.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 21/5/2012م
2. الاتحاد الاقتصادي 25/5/2012
3. الاتحاد الاقتصادي العدد "13470" 22/5/2012
د.علي الفقيه
هل ستشهد أوروبا موجات من الاضطرابات الاجتماعية 1685