بمناسبة الكلام عن الاختفاء والتخفي لا يزال يراودني الشعور أو الأماني التي طالما راودتني أيام الطفولة.. عندما كنت أتمنى أن أمتلك طاقية الإخفاء حتى أتمكن من الانطلاق في كل مكان أو أماكن بعينها دون أن يراني أو يحس بي أحد من الناس...أجد ذلك الشعور يعود لي بقوه خصوصاً هذه الأيام ومع هذا الوضع الذي وصلت إليه البلاد والحالة التي لا يمكن أن توصف إلا بأكثر من السيئة...ليس لدي أحلام شريرة أو سيئة.. لكن لدي أحلام خيرة تشبه ما كان عليه السوبرمان أو البات مان الرجل العنكبوت الذي يقوم بإنقاذ الناس أثناء الحوادث أو قبل وقوعها وهي تستهدف حياة الناس بالشر والأذى.. ولكنها للأسف أحلام تتحرك في اللاشعور عندما يصعب تحقيقها على أرض الواقع..
في بلاد اليمن الخفي أو اليمن الشقي الذي لم يعد لا اليمن السعيد ولا بلاد وضاح اليمن...فقد اختفت السعادة من على وجهه ولن تعود ما لم يتوقف نزيف دماء أبنائه وتتوقف الشرايين والأوردة عن صب المزيد من الدماء كل يوم وكل ساعة وكل لحظة. ولم يعد اليمن بلاد الوضوح ولا بلاد وضاح اليمن الذي خالف اسمه حين تحول من الوضوح إلى الاختفاء في صندوق زوجة الخليفة أم البنين، فكان الصندوق التابوت الذي حمل به إلى قبره بعدما وشى به الواشون.
الغموض والاختفاء والتخفي يجعل الكثيرين يحملون شهداء على ما يشبه صندوق وضاح اليمن في رحلة عشق مختلفة يعشق أصحابها وطنهم ويدفعون حياتهم ثمناً لعشقهم...في مقابل آخرين يبيعون الوطن ويبيعون مواطنيه بأبخس الأثمان وأرخصها..
ربما بل الأكيد أن الوطن تنفس الصعداء وشعر الناس بالكثير من الفرحة والراحة بأخبار تحرير أبين وتصفيتها من الجماعات التي عاثت فيها فساداً وقتلاً وتشريداً...ولكن نهاية الخبر لم تكن مفرحة ولا مريحة عندما بدا الغموض واختفى الوضوح مع اختفاء أو تسلل وفرار وانسحاب تلك الجماعة من عزان في محافظة شبوة دون أن يعرف الناس لا أين ولا كيف؟؟...ولم يظل الغموض كثيراً أو يكمل حتى ساعات اليوم.
حتى ظهر في استهداف قائد المنطقة الجنوبية ومرافقيه... فهلا توقف الساسة عن ممارسة سياسة الإخفاء والغموض وتصريحات الاستغفال؟.....وتوقفوا عن سياسة الاسترخاء وسذاجة التعامل؟... وعدم اتخاذ احتياطات وإجراءات ترقى إلى مستوى الأحداث والحوادث؟ وتعاملوا مع الغموض والتخفي بوضوح ومصداقية مع النفس ومع الناس في ظل ظروف استثنائية غاية في الخطورة.. ومنعطف أخطر من الخطر يمر به الوطن يضع أصحاب الهمم العالية والغيورين على الوطن أمام الامتحان الأصعب الذي لا يمكن أن يتجاوزه الضعفاء أو المترددون أو المتمصلحون.... لا تتركوا الغموض يذهب بالمزيد من حملة الهم الوطني
خصوصاً وأن المتربصين كثر والمتآمرين أكثر...والمصطادين في الماء العكر يمارسون نشاطهم بارتياح في ظل هذا المناخ العكر والملبد بالغيوم...مطلوب الوضوح أكثر وتسمية الأشياء بمسمياتها..فالوطن تستهدفه أكثر من جهة ينبغي عدم السكوت عنها قبل أن يقع الفأس بالرأس.
علي الربيعي
الإرهاب في بلاد الاختفاء والتخفي 2276