الثورات تنتكس وتنهض، تتراجع وتتقدم، والثورة المصرية ليست حالة شاذة عن باقي الثورات، نضوج الثورة يحتاج إلى صبر وحنكة وأبناء مصر يملكون المؤهلات والمعاناة قد تمتد لسنوات..
فرحة مصر لم تكتمل بسبب محاولة بقايا النظام البائد احتواء الثورة وإجهاضها عبر سلسلة من الإجراءات الماكرة،كان هدفها ولا يزال تذويب الثورة وإضاعة ملامحها، فكانت صناعة الأزمات وسيلتها..
حقيقة لا ثورة بلا أخطاء وخطايا،فالتاريخ يشهد أن الثورات الكبرى حدثت فيها انتكاسات وأخطاء، لكنها استمرت وصححت، ففي صفحات الثورات الناجحة دروس وعبر لتتخطى هذه المرحلة الصعبة، خدمة لمستقبل مصر والأمة العربية لتستعيد مجدها،وهذا ما يجب أن يفعله أبناء مصر، فالمستقبل أمامها، والكلمة الفصل في جعبتها..
بقايا النظام السابق بمصر زرعت قنابل في طريق الثورة، فتورطت القوى الوطنية في صراع على السلطة، فانشغلت ببعضها البعض، محدثة فجوات وفراغات عميقة تمدد فيها المجلس العسكري بأدواته المختلفة الذي ارتبط بمصالح شخصية وإقليمية ودولية، تجسّد ذلك بالتنسيق مع المخابرات الأميركية لتنفيذ سيناريو معد ضمن برنامج محكم يتضمن وسائل تناسب كل مرحلة من مراحل الفترة الانتقالية لحكم مصر.
المجلس العسكري كان يعلم بالخلل الدستوري الذي اعترى الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب، لكنه لم يحرك ساكناً ولم يثر بطلان الانتخابات أمام المحكمة الدستورية العليا إلا بعد استحقاق مرحلة الحسم للإجهاز على الثورة، فقد كان سيناريو خبيثاً أعد له بذكاء، تبعها بضربة موجعة وقبل التقاط الأنفاس وقبل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، حين أصدر المجلس العسكري الحاكم في مصر "إعلانا دستوريا مكملا" أحدث مخرجاته: رئيس منزوع الصلاحيات، بلا دستور يحدد نطاق عمله، ولا برلمان يراقب أداءه وهكذا انتقلت السلطة التشريعية الآن إلى المجلس العسكري، ولن يكون من السهل أن يتنازل المجلس عن السلطة التشريعية، قبل أن يثبت أقدامه وتجرى انتخابات لاختيار مجلس شعب جديد، وتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، ولكننا وحسب قول الكاتب العربي :"وصول رئيس شرعي لمصر بلا صلاحيات أفضل من رئيس مزوّر بكامل الصلاحيات ".
إيمان سهيل
مصر.. فرحة ستكتمل رغم محاولات العسكري 2150