قامت ثورة 25 يناير 2011م في مصر الكنانة ضد طاغية من طغاة حكام العرب كان عميلاً للغرب ولليهود، حكم مصر بالحديد والنار وبقانون الطوارئ الذي به ملأ السجون بالشرفاء والوطنيين وكان كغيره من الطغاة يفتعل الأزمات ليلصقها بالإسلاميين وليزج بهم في السجون وأدخل مصر في محن عظيمة وأزمات كبيرة ألهت الناس واشغلتهم بلقمة العيش في حين تفرغ هو وزبانيته لنهب المال العام وثروات البلاد وخيراتها، كما قمع حرية التعبير وأوجد حالة خوف وهلع بين الناس وبث المخابرات في كل مكان لدرجة أن الرجل في بيته كان يخاف أن يتكلم خشية أن تكون الاستخبارات قد وظفت ابنه أو ابنته.
ومع هذا قام شباب مصر بثورة 25 يناير 2011م رغم محاولة قمع تلك التظاهرات، فكم سجن وكم قتل وكم جرح ومع هذا مضى الشباب ، وكانت الثورة تزداد قوة كلما اشتد بطش النظام حتى صارت ثورة شعبية عارمة استطاعت أن تسقط رأس النظام خلال أسابيع وبالرغم من زعم العسكر أنهم انحازوا للشعب ولإرادة الشعب، إلا أن ذلك كان في الظاهر وكأنه بتآمر محبوك من النظام نفسه أو أن العسكر أجبروا مبارك على التخلي وهم سيقومون بإدارة البلاد بنفس النظام الذي سلكه مبارك مع شيء من التجميل وهذا ما تم فعلاً، فلقد أمسك العسكر بزمام الحكم وأبوا أن يسلموا الحكم لحاكم مدني ولو مؤقتاً ورغم مطالبة الشعب بذلك وأجريت الانتخابات البرلمانية بعد أن حصل لغط كبير هل تكون بالفردي أم بالقائمة ثم تقرر أن يكون بعضها بالقائمة وبعضها بالفردي وكان ذلك على علم من القضاة ومن المحكمة الدستورية ثم لما فاز الإسلاميون عض العسكر على أنامل الغيض وبقوا طيلة هذه الفترة يحبكون ويحكمون خططهم لقطع الطريق على الإسلاميين ولسرقة الثورة وتحطيم آمال الشعب وتطلعاته وانتخب الشعب أعضاء البرلمان والشورى وانتقل الأحزاب إلى السباق على الرئاسة وكثر اللغط، هل يجوز لمن عمل في نظام مبارك أن يترشح للرئاسة أم لا ، وأصدر البرلمان قانون العزل السياسي كإجراء حتى لا يتم إعادة إنتاج النظام السابق من جديد ولقد بدأ العسكر بتمهيد الطريق لشفيق مبكراً، فبدأوا بالأضعف في نظرهم فأزاحوا مرشح السلفيين بحجة أن أمه أمريكية رغم صدور حكم البراءة من ذلك لكن العسكر مضوا , ثم ازاحوا خيرات الشاطر الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بحجة أن عليه حكماً فلما صفى لهم الجو ورأوا بقية المرشحين لا يحظون بشعبية وحتى تكون اللعبة صحيحة أبقوا على مرسي وأبي الفتوح لمعرفتهم أن الأصوات سوف تتشتت، بل لا استبعد أن يكون العسكر قد أعدوا العدة للتزوير حينئذ
وقبل إقفال باب الترشيح بأيام قليلة، دفع العسكر بأحمد شفيق كونه أحد رموز النظام السابق، فهو آخر رئيس وزراء في حكم مبارك وهم يرون أنه سيكون طوع أمرهم وسيعيد إنتاج النظام السابق، بل ربما يُصدر عفوا عن مبارك والعادلي والآخرين ، وبالطبع فهذا السيناريو أمريكي يهودي بامتياز مع تآمر إقليمي على الإسلام والمسلمين رغم معرفتهم أنه لا خطر عليهم من الإسلاميين وإنما الخطر المحدق بهم هو الخطر الصفوي الإيراني ولكن تلك الأنظمة كالنعامة التي تخبئ رأسها من الصياد وتدسه بالتراب وتترك جثتها بالعراء وصدق الله (ومن يضلل الله فماله من هاد) (ومن يهن الله فماله من مكرم).
ولا شك أن وسائل الإعلام المصرية وكثيراً من إعلاميي النظام السابق وجدوا متنفساً وضوءاً أخضر من قبل العسكر، فنفثوا سمومهم وتهجموا على الإخوان بالذات ورموهم عن قوس واحدة وتفوه أحمد شفيق وأعرب عما تكنه نفسه من حقد على الإسلاميين وعلى الإخوان المسلمين على وجه التحديد ودخل الإسلاميون في خلاف على مرشحي الرئاسة وما كنت أتمنى ذلك، بل إن لي في قضية الترشح للرئاسة في هذا الظرف الاستثنائي رأي آخر الحاصل أن النزاع والتفرق الذي حصل بين السلفيين والإخوان كونهم لم يتنازل بعضهم لبعض ولم ينزلوا بمرشح واحد ساعد في إفشال العملية الانتخابية وتبديد الأصوات وفشل العسكر بالتزوير رغم أنهم فيما يظهر لي فعلوه وإلا فكيف يحصل شفيق المنبوذ شعبياً على تلك الأصوات وما أن قرر المجلس العسكري إعادة الانتخابات حتى أعطى الضوء الأخضر للمحكمة الدستورية لتعلن أن قرار العزل السياسي غير دستوري ولا قانوني ولتفجر قنبلة قوية مدوية وهي قضية حل البرلمان بحجة أن الانتخابات لا تصح أن تكون بالقائمة والفردي، بل حكمت بأن ثلث البرلمان والذي كان بالفردي يعد باطلاً لمخالفته للقانون ونحن نعلم أنه قد مضت أشهر على الانتخابات
فيا ترى أين كان المجلس العسكري بل أين كانت المحكمة الدستورية لو لم يكن ذلك هو المكر (ومكروا مكرا كبارا)
إنهم بهذا يعيدون مصر إلى الصفر وكأن مبارك سقط بالأمس إنها باختصار لصوصية في عز النهار وسرقة للثورة واستهجان برغبة الشعب وجهده ودماء الشهداء، لكننا آملين في الله أولاً وفي شعب مصر ثانياً أن يرص صفوفه، فالمعركة معركتهم والثورة ثورتهم ويحرم عليهم أن ينظروا إلى اللصوص وهم يسرقون ثم يقفوا مكتوفي الأيدي، إن عليهم أن يعزلوا شفيقا شعبياً وإلا ذهبت جهودهم أدراج الرياح وذهبت دماء الشهداء وصارت في خبر كان ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) .
ولقد كنت كتبت في صحيفة الجمهورية مقالاً في يوم الجمعة 20 إبريل 2012م توقعت فيه هذه الانقلاب وها هي الأيام تثبت ما كنت توقعته .
إن ما يردد من أن الجيش والقضاء المصري نزيه وأنه منحاز للشعب ما هي إلا أضحوكة وخدعة فقادة الجيش والقضاء هم من رموز النظام السابق ولا يزال كثير من الرموز ممسكين لمقاليد الأمور.
إن العسكر بدأوا يلعبون دوراً قذراً يحالون من خلاله إضعاف الإخوان المسلمين شعبياً وعزلهم سياسياً فلقد روجوا في وسائل إعلامهم أن البرلمان هزيل وما وضع شيئاً لذلك أعطى العسكر للبرلمان صلاحيات منقوصة خلال المدة الماضية وأوجدوا القرارات المتضاربة لأنه لا يمكن للعسكر أن يسلموا البلد كاملة للثوار بكل مكوناتهم لأنهم يعلمون ويوقنون نهايتهم ولهم عبرة بما حدث في تركيا.
وحين شعر العسكر بأن قوى الثورة لا ترغب بأحمد شفيق وأنها ملتفة حول مرسي الذي هو جزء من الثورة وحاولوا ومعهم القضاء أن يتداركوا الأخطاء التي و قعوا فيها , فألغوا قانون العزل وحلوا البرلمان لتعود إليهم الصلاحيات كلها من جديد وهو الآن يطبخ للتزوير من أجل نجاح شفيق فإن حدث ذلك فعلى الثورة المصرية بجميع مكوناتها أن تجمع أمرها وتشكل مجلساً ثورياً لإنقاذ الثورة وإن كان العسكر سيتهمونهم بأنهم أعداء للديمقراطية، لكن مهما كان الأمر فالوحدة قوة والتفرق سبيل الهوان وذهاب الريح وعسى الله أن يجعل كيد الكائدين في نحورهم، هذا هو رجاؤنا "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
/////////////
الشيخ / عقيل محمد المقطري
اللعبة القذرة .... 2054