يعرَف النزوح: ( بأنه حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة, ويتم النزوح رغماً عن إرادة النازح بسبب مؤثر خارجي مهدد للحياة كالمجاعة أو الحرب أو الجفاف والتصحر أو أي كوارث أخرى تدفع النازح إلى مغادرة موقعه والتوجه إلى موقع آخر طمعا في الخلاص من تلك الظروف).. وكذلك يعرَف النازحون : ( بأنهم الأشخاص أو مجموعات من الأشخاص الذين أجبروا على هجر ديارهم أو أماكن إقامتهم المعتادة فجأة أو على غير انتظار بسبب صراع مسلح أو نزاع داخلي أو انتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان أو كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان وهم لم يعبروا حدود أية دولة معترف بها دولياً).
نلاحظ أن النزوح لا يندرج تحت مفهوم الهجرة الاختيارية للمواطن داخل وطنه أو وفوده من منطقة إلى أخرى على الرغم من تشابهما في عدم العبور لحدود دولة أخرى, فالنزوح يختلف عن الهجرة، لأنه يتم قسراً بلا رغبة واختيار من الفرد أو الجماعة، كما أنه قد يحدث فجأة دون سابق تخطيط, والنزوح قد يكون شاملاً وذلك بأن تنزح قبائل بأكملها دون أن يحمل هؤلاء النازحون ما يكفيهم من احتياجاتهم المادية والعينية.. وقد عرف النزوح منذ قديم الزمان بحثاً عن المرعى والكلأ والماء، وكان الإنسان في العصر البدائي يعتمد على ما تجود به الطبيعة ومن ثم حدث له تطور وبدأ الإنتاج باكتشاف توليد النار، ثم عرف بناء المساكن والاستقرار في الأماكن التي تفي بتلبية احتياجاته وتوفير مطالب حياته اليومية, وفي ظل سعيه الدؤوب لتوفير مقومات أفضل للحياة الكريمة ؛ ظل الإنسان ينزح من مكان لآخر.
**********
في وطننا الحبيب سمعنا عن نازحي الحروب والاقتتال، كالنازحين من أبين بفعل القاعدة وجرائمها ، نازحي صعدة جراء الحروب الستة .....الخ
ودخل لدينا تحت بند النازحين، نازحو الكهرباء! إذ ندعو منظمات حقوق الإنسان والمجتمع مدني للالتفات لمعاناة الشعب في المناطق الحارة من بلادنا.
الانطفاءات المتكررة لمدة طويلة بمثابة إرهاب حقيقي لا تقل حدته عن بقية أنواع الإرهاب .. من الظلم حقاً ان يكون أحد أفراد قبيلة الجدعان سبباً في معاناة الملايين وتوقف أعمالهم، ناهيك عن موجات الحرارة التي تصل كوارثها إلى الوفاة .. تعطلت أعمال الناس .. وظهر لنا إرهاب من نوع آخر وهو إرهاب ضوضاء المولدات الكهربائية التي تصدح من كل شقة حتى تجبرك على تمني الموت على ما تجده من صنوف الإرهاب حرارة خانقة وإزعاجات "تخزق" طبلة الأذن ..
وأمام هذه الصنوف ذات الأوجه المتعددة من الإرهاب نناشد الحكومة لتسهيل عملية النزوح إلى المناطق المعتدلة والباردة وتأمين المساكن للنازحين واستقبالهم وترتيب أمورهم في المناطق التي الرحال إليها..
ومناشدة أخرى للدول المجاورة والخارجية لتبني رفد المناطق الساحلية الحارة بمحطات كهربائية متنقلة عبر البواخر لتخفيف هذا الإرهاب بعداً عن تقطع الجدعان وغيرهم ممن يعبثون بحياة أمة ..
*******************
حكاية الناس هنا -صغاراً وكباراً شباناً وصبايا- عن الكهرباء.. ارتباط مواعيد الحياة بمواعيد " طفي لصي".. تخرج لقضاء مشاويرك لتعود وكأنك حامل جهنم بين جنبيك، تختنق بوصولك منزلك باحثاً عن رائحة برود تصدر من مكيف أو على الأقل من مروحة فتنصدم بمجرد سماعك أصوات المولدات التي تحاصرك .. أين المفر يا الله ؟؟ لكأننا نحلم بامرأة مصرية في كل منزل كالتي صادفتها الزميلة أحلام القبيلي في الحرم وكتبت عنها في مقالها " خواطر " وكانت تدعو بالبرود فيستجيب ربها لدعائها فتهب نسمات باردة.. حيث أن النسمات أو نفحات الهواء عندما تهب تأتي ساخنة أكان الوقت نهاراً أم ليلاً .. تصحو من نومك أربع مرات ولو كنت " غارق في نوم عميق " تفيق من نومك لمجرد انطفاء الكهرباء .. وإذا كنت من سعداء الحظ ولديك سطح أو بلكونة لن تستطيع مواصلة النوم من صوت المولدات .. فأين المفر يا الله؟.
*****************
إذا امتلك الرجال والشباب القوة على تحمل درجة الحرارة وتمكنوا من الخروج إلى الشوارع بثياب سباحة بحثاً عن نسمات باردة , ماذا تفعل النسوة ؟ فهم الهم الأكبر لجانب الأطفال .. رفقاً بنسائنا يا الله ؟..
***************
لا خيار أمام الجميع سوى النزوح ريثما يعي الجدعان والمخربون أن هناك قوة رادعة ؟ أو يصبح لديهم هم وضمير الأمة وحب الوطن؟..
قالت إحدى الأمهات المثقفات معلقة على انطفاء الكهرباء " عسى يخرج كل سارق من مدينتنا" لم تنتبه إلى أن السارق لديه مولد يكفي لتوليد الكهرباء لمدينة ولن يغادر المدن الحارة سوانا المساكين الذين لا نمتلك حول ولا قوة في مواجهة هذا الإرهاب الممارس علينا ليل نهار.. ومازلنا في انتظار الحكومة أن تصلح ما خربه الجدعان أو تأمين عملية النزوح .. وكنا قد سمعنا بأن هناك محطات متحركة من دول مجاورة ستصل إلى المدن الحارة كعدن كمساعدة لمواجهة موجات الحر الشديد ولا ندري هل ينون إيصالها في فصل الشتاء أم ماذا؟.
أحمد حمود الأثوري
حقول ملغمة نازحو الكهرباء 2200