أرى البشائر تترى في نواحيها.. من بعد يأسٍ طغى من فعل طاغيها
بشائر من الداخل
لقد وقفت في ثلاث حلقات مع بشائر من مصر العظيمة الحبيبة بشعبها وأرضها وتاريخها وعظمائها الذين لم تنقطع سلسلتهم.. وما كانت تلك الوقفات مع بعض البشريات إلا لما ينتظره العرب والمسلمون من مصر بعد التغيير الصحيح والانعتاق من العبودية للطغيان والانخداع به عقوداً ضاعت فيها مواهب وإمكانات وكرامة المصريين.. بشريات وقفنا معها وحق لنا أن نستبشر.
وعند كتابة هذه الورقة كنت قد فكرت قبلها: أن نبقى مع مصر، والحدث الأهم "الانتخابات الرئاسية.. الجولة الثانية"، وفيها ما يبشروا فيها ما ينفّر ويكدّر؟ أو نعود لبشريات عندنا في الداخل؟ ففضلت أن أقف مع بشريات ثلاث في الداخل (بشرى إعادة اللحمة للجيش وما حققه ـ وبشرى تلاشي التمرد على الشرعية ـ وبشرى عودة أبين لوحدتها واستقرارها)..
أ. بشرى إعادة اللحمة إلى الجيش:
لقد خلت كثير من العقد، بل أكثرها في الجيش، تلك العقد التي أحكم صناعتها ونفث فيها كثيراً من كان يظن أن هذا الجيش بفرقه وألويته وكتائبه ملك له، لأنه ولىَ عليها من يثق به، ومن هيأه ورثياً، أو سيكون سنداً للوريث، لذلك أحكم العقد وظنها كافية لمواجهة شرعية القيادة الجديدة والمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية وقرارات مجلس الأمن وإجماع العرب والعجم والجن والأنس على أنه لا مجال لرجوعه وبقائه في الحكم، وقد أمضى ثلث قرن حاكماً أخطأ وأصاب والأخطاء تفوق الصواب كثيراً، وأعطى له ولمن عمل معه طيلة حكمه قانون حصانة، ويحضَّر من أجله قانون عدالة انتقالية، فكان الأحرى به وبمن معه أن يفهم أن المشكلة ليست بينه وبين فلان من الناس، أو الحزب أو الجماعة الفلانية، وإنما هو شعب ثار سلمياً وتجاوب معه عقلاء العالم وإن لم يدينوه، ولم يعرضوه للملاحقة والمحاسبة، فوصلوا إلى ذلك الحل الذي أصبح مرضياً عند الجميع، بل يشاد به ويثنى عليه، ويراد تعميمه في بعض أقطار الثورات!.
لكن لجأ إلى التمسك بما بين يديه من مؤسسات الدولة عسكرية ومدينة، وكلما صدر قرار من صاحب القرار رفض حتى يأتي المصلحون! ونشهد ويشهد المتابعون أن القرارات التي صدرت كانت حكيمه، وبها حلت كثير من العقد، والتحم الجيش، حيث ظهر أنه موحد وأنه للشعب والوطن لا لفرد ولا لقرية، تمثل ذلك بحروب أبين وشبوة والنجاحات التي حققها.
ب. بشرى عودة محافظة أبين لوحدتها واستقرارها:
كان النظام السابق قد فرط بأبين، حيث استمر في سحب الجيش منها، وترك الأسلحة الثقيلة في أماكنها، مما جعل الاستيلاء على مدنها ومديرياتها سهلاً ميسراً لمن يتقدم لذلك، ولا شك أن ذلك كان مكشوفاً ظاهراً حز في نفوس الغيارى والمتابعين، الوحدويين، وزاد ذلك بايناً ما حققه الجيش في فترة قصيرة من انتصارات، وإعادة المدن التي كانت قد فصلت بما فيها عاصمة المحافظة، وإعادة النازحين إلى منازلهم، ولو أن الخراب كبير والخسائر فادحة يتحمل وزرها من كان سبباً لها، ومن مارس القتل والإيذاء دون وجه حق إلا رغبة في القتل ورفع الشعارات والسيطرة وما هكذا تنصر الشريعة والإسلام.
فبشرى عودة أبين بشرى وحدوية متعددة الجوانب، وكما كان لأبين أدوار وحدودية كثيرة، عادت لتضرب المثل، بل الأمثال الوحدوية، سيكون لها ما بعدها.
ج. بشرى تراجع المتشددين في التمسك بمعسكرات الجيش:
لنا أن نفهم هذه البشرى في ظلال فهم الواقع لأولئك، وتراجعهم واستعدادهم لتنفيذ قرارات الرئيس الشرعي، وهم بذلك إذا كانوا كذلك يكونون قد سلكوا الطريق الصحيح ولو في الأخير وسيجدون راحة نفس وراحة ضمير ولو ناقصة.
ولنا أن نفهم هذه البشرى في ظلال فهم أنهم عجزوا عن مواجهة العالم وما عليهم إلا أن ينفذوا أوامر الأخ الرئيس وقرارته كما كان ينفذ كل ما يؤمر، وكما كانوا يشددون في التمسك بالشرعية الدستورية ويطالبون غيرهم الالتزام بما يدعون، ولو بعد ثورة الشعب العامة ((والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)) وإلى بشرى أخرى.
د.غالب عبدالكافي القرشي
بشائر ......... 2212