تخنقني العبرات وتزداد بي الآلام والأحزان، كلما انقضت ساعة أو ذهب يوم ومازال رفيق دربنا في النضال والثورة الطبيب العامري معتقلاً في سجون النظام ـ عفوا سجون الباشا ـ آه وألف ألف آه مما يجري ويحدث والجميع ملتزم الصمت والصمت المريب، سجن شخص أو ألف لا فرق عندي في العدد أو نوع الشخص ومكانته فكلهم في المأساة واحد، أقول الجميع ملتزم الصمت دونما أي موقف شجاع من سجون الباشا التي جرت فيها مسلسلات مكسيكية من الانتهاكات القاسية بحق المواطنين الذين ليس لهم من ذنب سوى أنهم ولدوا في تلك الأرض..
فما زال انتهاك كرامة المواطن وسجنه يتم أمام الملأ ودونما أي رادع فردي أو مجتمعي تجاه الباشا وأبنائه، السجون الخاصة بقاؤها جريمة بحق الثورة والثوار الذين ضحوا بدمائهم وبأنبل شباب اليمن، والذين قضوا نحبهم ومنهم من ينتظر، لنرى بعض أحلامهم تذهب كسراب بقيعة، الحكومة وقوى الثورة يخذلانك أخي أحمد، رغم يقيني الذي لا يخالطه شكاً ومن خلال معرفتي بك أيام الثورة بأن مواقف الخذلان هذه لاتهمك ولا تعي لها بال، فهو دائما مرفوع الرأس شامخ كجبل صبر الشامخ فوق مدينة تعز التي لها مكانة في قلبه العظيم، فهو يقول عنها بأنها مهبط الأحرار وينبوع الثورات، كل ما يمتلكه العامري هي الصراحة والوضوح والعزة بالنفس ونصرة المظلوم، أثر فيه مقتل والدته الثائرة بشرى الجعوش وأرتفع صوته عالياً في ساحة نصرة المظلوم، فجاءت ضريبة مواقفه القديمة والحديثة أن يرمى به في سجون الباشا، يعذب ويتعرض لأبشع صنوف التنكيل والمهانة، والأقسى والأمر أن والدته المسكينة حرمت من معرفة مصيره ومعرفة حالته الصحية، بل إن أولاده الأربعة ينتظرون بفارغ الصبر نبأ مصير والدهم المجهول حتى اللحظة، نعم لقد صودر عنهم معرفة مصير أبيهم أو حتى سماع صوته عبر الهاتف ويا لفضاعة وفجاجة الموقف، أي قلب يحمله هذا الباشا ونجله البرلماني صاحب الصوت المخادع وهم يحتجزون العامري في بدروم منزلهم ويمنعونه حتى من استخدام الهاتف ليسمع أبناؤه صوت أبيهم، وللأسف خذله الجميع بلا استثناء، وعلى كل فإن ما يجري في مملكة العدين من ظلم واستبداد ومصادرة لحقوق الإنسان وأدميته جرائم إنسانية، تستوجب النصرة والاهتمام بها، ويتوجب على جمال بن عمر أن ينزل إلى هذه البقعة المسجاة بالظلم منذ أزمان عتيقة، ويجعل لها من وقته شيئاً يسيراً فلعل وعسى أن ينفع الله به خير من هادي وحكومة الوفاق الذين لا يهمهم مثل هذه البعاسس والحاجات الدنيا، فما يمارسه شيخ العدين صادق الباشا وأخيه أمين الباشا وثالثهم محمد أحمد منصور ومن يدور في فلكهم من الرموز الاجتماعية الصغيرة والمتعددة، ينبغي أن ينتهي وإلى الأبد، بل لابد وأن يذهبوا جراء ما اقترفوه بحق المواطنين إلى دهاليز المحاكم وأقبية السجون .
الطبيب العامري المختطف ظلماً وعدواناً منذ أكثر من شهر وللمرة الثانية، يعاقب دون ذنب اقترفه أو جرم ارتكبه، وإن ارتكب جرماً أو اقترف ذنباً فليس مكانه الحقيقي سجن الباشا بل سجن الدولة، الدولة التي ضاعت في عهد صالح عمداً ليحل محلها الشيخ والمال والجاه، لا تزال حتى اللحظة مختطفة رغم تقديم الثوار آلاف الشهداء والجرحى، في سبيل استعادة الدولة واسترجاع دولة النظام والقانون، لست أدري ما هو موقف وزير الداخلية الذي استغاثت به والدة العامري، وناشدته مرات عديدة للإفراج عن ابنها، لكن تنادي لو أسمعت حيا والحقيقة أنه لا حياة لمن تنادي، إذا لم يكن لوزارة الداخلية والحكومة من دور في سبيل الإفراج عن الطبيب العامري ورفاقه، فما معنى أنهم أتوا من ساحات الثورة وميادين التغيير، أم أننا سنغالط أنفسنا بأن صالح وبقايا نظامه، هم من يعرقلون الإفراج عن الطبيب العامري ورفاقه، ما يتعرض له الطبيب العامري ما هو الإ نزر يسير ونموذج مصغر من نسخ متعددة لمظالم شتى يمارسها الباشا ورفاقهم دون أن تصل تلك القضايا إلى الإعلام..
ومن المفارقات العجيبة والغريبة جداً أن البرلماني نبيل باشا أحد رجالات البرلمان البارزين، والذي أزعجنا طوال السنين الماضية بالفهلوات والشطحات الفاضية، ولطالما رأيناه يتكلم ويزبد ويرعد، وعند الحقيقة والواقع لا تجد شيئاً مما يقوله نبيل، يتحدث عن الديمقراطية كثيراً ويناقش ويطرح الآراء ويفند ما يطرحه الآخرون، ويتناسى أن وجوده في البرلمان بحد ذاته أكبر إساءة للديمقراطية، فكيف يتحدث عنها وهو من جاء من رحم التفرد والغطرسة ومراكز القوى، كيف يتحدث عن الديمقراطية وأباه لديه السجون المتعددة، ولا يزال الطبيب العامري حتى اللحظة في منزلهم الذي ترعرع فيه أبجديات الظلم والاستبداد وتنفس منه الكذب واللف والدوران والتحايل على الآخرين، بل إنه رد على بعض اتصالات أتته في سبيل الإفراج عن العامري فقال خلوا منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام تفرج عنه، أي خزي وعار أصاب العدين وأبناءها حينما تم تنصيب الباشا وأولاده ورفاقهم متحدثين وممثلين عنهم، الابن الأخر للشيخ صادق هو جبران باشا أعلن ذات يوم أنه منضم للثورة وأهدافها وحينما أدركوا أن الثورة في مهمة صعبة وشاقة تنكروا لها، وفضحوا أنفسهم في حركة مقززة وفاضحة، فذهب جبران مهرولاً إلى الثورة حتى يحجز مكان آمن له ولأسرته وبقى نبيل ووالده حتى تتضح لهم الأوضاع تماما، ولطالما سمعت وأنا أحد أبناء العدين وممن يعيش ويرى ظلم وجبروت مشايخ العدين سمعت أن ظلم الابن جبران وجبروته أشد من أبيه وتلك أم الكوارث، كونها تنذر باستمرارية ظلم المشايخ دون أجل مسمى، ولعل يأساً كبيراً يدب إلى النفوس وتشعر به في أوساط المجتمع، من أن ثورة الشباب ستحد من ظلم المشايخ هنا في مملكة العدين، كون من يمثلون الثورة والمحافظة جميعاً لا يهمهم ما يجرى في مملكة العدين، فقيادة المحافظة لم ولن تفعل شيئاً, واعتقادي بذلك يرجع إلى فشلها الذريع في قضية مهجري الجعاشن ووصول اللجنة البرلمانية إلى أرض الجعاشن قبل عامين، فما فشلت فيه سلفاً لن تستطيع أن تنجح فيه مستقبلاً، والأمر نفسه في أحزاب المشترك بالمحافظة واليمن بشكل عام، فلقد بدأ الوفاق الوطني في إب باكراً منذ اندلاع شرارة الثورة الشبابية ولا يزال بأقوى صوره، والتي تأتي على حساب ثورتنا وعلى حساب حقوق الناس وكرامة المواطنين فتباً لوفاق هذا مزيته، وألف تبا لنا معاشر الشباب الذي لم يستطع فعل شيئاً تجاه أحد المعتقلين، وينبغي على اللجنة التنظيمية بساحة خليج الحرية أن تعلن عن مسيرة تضامنية راجلة تنطلق من إب إلى مدينة العدين، طالما وقد أبدى العديد من شباب الثورة تفاعلهم الواسع مع مسيرة راجلة تضامنية مع المعتقلين، وختاماً أتمنى أن أجد أثراً لهذه الكلمات التى كتبتها ونجد أذناً تسمع من حكومة الوفاق أو الرئيس هادي أو أي من منظمات المجتمع المدني، وأخشى أن أجد نفسي بعد أيام رفيقاً للعامري في سجن الباشا جراء كتابتي عن ظلم ومظالم الباشا التي لازالت قائمة حتى هذه اللحظة .
محمود الحمزي
عن الطبيب العامري وسجون مملكة الباشا...إلى متى؟! 2292