مرت أكثر من عشرة أيام على جريمة الاعتداء على محطة توفيق عبد الرحيم مطهر في منطقة الجندية بمحافظة تعز ولم تحرك الأجهزة الأمنية واللجنة العسكرية وقيادة المحافظة ساكناً إزاء ذلك العدوان الغاشم، وما يزال الجناة يحاصرون المحطة ويهددون بارتكاب المزيد من الدمار والعبث ، ويتلقون أوامرهم من جهات وشخصيات تريد الثأر من تعز والانتقام منها وألا يسكنها الأمن والاستقرار، بل وما تزال تتوالى عبارات التهديدات بالويل والثبور على الضحية (مالك المحطة)، من قبل قادة عسكريين ونافذين في محاولة منهم تحميله مسؤولية تغطية بعض وسائل الإعلام لما تعرضت له محطته وكأن تلك الوسائل تابعة له ولا تتمتع بحرية نقل الحدث وتحليله.
يأتي كل هذا في ظل صمت مريب من قبل قيادة محافظة تعز وألوية الحرس الجمهوري والنجدة والأمن المركزي والأمن العام والتي تبدو جميعها نائمة في العسل، وهي محاولة من قبل البعض أن يظهر الرجل وكأنه غريم تعز الأول وليس القتلة الذين يسرحون ويمرحون، بل ما تزال آثار جرائمهم تشهد على ما ارتكبوه من فضاعات بحق تعز وسكانها المسالمين، من حرق ساحة الحرية وقتل الثوار والثائرات، وأخيراً الاعتداء على المحطة الغازية التابعة لرجل الأعمال توفيق عبد الرحيم، مع أن المحطة ليس لها من ذنب في الذي جرى ولا علاقة لها بمقتل طه عثمان الملقب بـ(الزومة) حتى تتعرض لذلك الخراب والتدمير والعبث، بل والتهديد بأن سيطالها المزيد.
مع أن القضية برمتها لا تعدو عن كونها أمنية قضائية بحتة ومن اختصاص الأجهزة الأمنية، إذ أنه وبعد تلقي مدير منطقة الجندية عبد الحكيم الحنسري بلاغاً ضد القتيل (الزومة) وأمراً بالقبض القهري عليه طلب من إدارة امن المحافظة تعزيز بأطقم أمنية لضبط المتهم وزملائه، وبالفعل توجه يوم الثلاثاء 5/ 6/ 2012م بأربعة أطقم إلى قرية العماقي التي يقع فيها منزل (الزومة) لتنفيذ أمر القبض القهري إلا أنه وبحسب تقرير أمن محافظة تعز فقد هرب (الزومة) من سطح المنزل وباشر بإطلاق الرصاص الحي على الجندي سفيان المسعودي (أمن مركزي) والذي أصيب إصابة بالغه وعلى إثر ذلك اضطر الجندي وزملاؤه للرد عليه مما أدى إلى مقتله.
عقب تلك الحادثة مباشرة وعن سابق تخطيط قام عدد من أصدقاء وأقرباء القتيل (الزومة) بقطع خط تعز – صنعاء ولا يُعلم من هو الطرف أو الجهة التي قامت بإبلاغ الحرس الجمهوري فاستجاب على الفور لتبدو العملية مرتب لها وبإتقان وخرجت عدد من الأطقم وقامت بفتح الطريق ولا ندري ما هي العبارة أو الحديث الذي دار بين تلك الأطقم وبين قاطعي الطريق وما هي إلا دقائق من تلقي المحتجين شفرة التنفيذ حتى توجهوا صوب المحطة يصبون عليها جام غضبهم تدميراً وتكسيراً وحرقاً وتفجيراً وظلوا يعيثون فيها الفساد من العاشرة والنصف صباحاً وحتى الثالثة عصراً ولم ينسحبوا إلا بعد أن شب النار في المحطة، وبالمقابل من ذلك لم يتحرك طقم واحد لمنعهم ، وبعد انصرافهم بكامل إرادتهم أتت عدد من الأطقم العسكرية تتبع الأمن المركزي لحماية المحطة، لكنه وبعد مضي نصف ساعة على تواجدهم عاد المسلحون الرابعة عصراً بقيادة (ف، ب) لمحاصرة المحطة ومطالبة الأطقم الأمنية بالانسحاب، وبعد تدخل عدد من الشخصيات أنسحب المسلحون ثانية، وانسحبت الحملة الأمنية أيضاً مع إبقائها ثلاثة أطقم للحماية، لكن المسلحين ما لبثوا أن عادوا مرة أخرى في تمام الساعة السادسة مساءً.
كل هذا السيناريو كان مخططاً ومعداً له سلفاً ومدبراً على مستويات عليا والهدف إشعال مزيد من الحرائق في الحالمة تعز، واستهداف كل من وقفوا ولو بالكلمة مع ثورة الشعب، ومحاولةً لا يقاض فتنٌ علها توسع من هوة الخلاف بين أبناء المحافظة الواحدة وتجعلهم يتناحرون فيما بينهم، ولكي نؤكد ونثبت أن ما تعرضت له محطة توفيق عبد الرحيم كان أمراً مخططاً له ومدروساً نطرح عدداً من التساؤلات والتي لا شك أنه وفي حال عثرنا على إجابات لها سنصل إلى الحقيقة المرة وإلى الجواب على الاستفهام الكبير وهو من الفاعل الحقيقي؟ وهل هو عمل من تنفيذ مجموعة مواطنين غضبوا لمقتل واحد من أبناء قريتهم على يد قوات أمنية، أم أن الأمر أكبر من ذلك واستخدموا كأدوات لتنفيذ المخطط فقط؟
أولاً: ماذا يعني خروج الناطق باسم المؤتمر الشعبي العام عبده الجندي قبل حادثة الاعتداء البربري على محطة توفيق عبد الرحيم وبالتحديد يوم 30/5/2012م وضمن مؤتمره الأسبوعي من على منبر قناة اليمن اليوم لمهاجمة عضو البرلمان فتحي توفيق عبد الرحيم منتقداً إياه ومستكثراً عليه ممارسته للسياسة أو جمعه بين السياسة والتجارة كما قال بل ومهدداً ومتوعداً؟ ومما جاء على لسان الجندي الذي حاول في أثناء حديثه خلط الأوراق للتمويه كما هو معتاد عليه في سيناريوهات المؤتمرات الصحفية.
" انه قال عليا أني كذا وكذا" يقصد فتحي ثم تابع قائلاً " ان فتحي شتم أبناء الجندية جميعهم وليس عبده الجندي وحده ثم استطرد قائلا ان ممتلكات توفيق ممكن ان تنتهي بإشعال عود كبريت " فهل أطلق الجندي بهذه العبارة صافرة البداية لمن تم إعدادهم من قبل موجهيه بشن ذلك العدوان الغاشم على محطة توفيق عبد الرحيم بمنطقة الجندية .
ومما قاله الجندي : "ان فتحي تشجع بمصاهرته مع أبناء الشيخ الأحمر " وهو ما يعني أن الجندي حاول أن يتذاكى هنا للتستر على ما تم الترتيب له وراء الكواليس واستهداف توفيق عبد الرحيم بخروجه عن لغة التهديد المباشرة إلى التورية، لكنه نطق العبارة التي زادت الموضوع تجليةً وإيضاحاً فهو أراد ان يوصل رسالة مفادها أن الأمر لن يتوقف عند الاعتداء الهمجي على المحطة، بل سيتعدى ذلك إلى تصفية حسابات بين آل الأحمر في عمران وآل الأحمر في سنحان وسيكون الضحية توفيق عبد الرحيم طبعاً لأنه من تعز، وتناسى الجندي أنه من ذات المحافظة وأنه لدى من يتولى الحديث نيابة عنهم مجرد (بُرغلي)من تعز على حد تعبيرهم.
ثانياً: بعد أربعة أيام من تحريض الجندي تعرضت المحطة وفي تمام الساعة السابعة من مساء يوم الاثنين 4/6/2012م لإطلاق نار كثيف وتم الإبلاغ عنه ؟
ثالثاً: ما صحة رواية البعض من أن حملةً عسكرية من الحرس خرجت لفتح طريق تعز – صنعاء عقب قطعها من قبل المحتجين على مقتل (الزومة)؟ وفي حال صح ذلك كيف نفسر استجابتهم لتوجيهات الحرس الجمهوري وفتح طريق تعز – صنعاء و هل أُعطوا شفرة التنفيذ لاستكمال المخطط؟.لينطلقوا بعد ذلك مباشرة صوب المحطة؟
رابعاً: من أين أتى المعتدون بالقنابل المسيلة للدموع وصواريخ (لو) وقذائف الـ(ر بي جي ) والأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة لتكون أداة للاعتداء على معدات المحطة؟ ومن زودهم بها؟
خامساً: ما الرابط بين ما قام به صقر عبده الجندي وبين حديث أباه المتلفز يوم 30مايو والذي حرض فيه على رجل الأعمال توفيق عبد الرحيم وبشكل مباشر وقيام الابن يوم الجمعة 8/6/2012م وبرفقة أكثر من 100 مسلح بحسب نيابة التعزية باقتحام مبنى نيابة التعزية وتهريب الحنسري؟
ثم كيف تم تهريب الحنسري من نيابة التعزية وأين هو الآن ؟ وبأي صفة يقود نجل نائب وزير الإعلام مجاميع مسلحة ويطلقون الرصاص على مبنى نيابة التعزية؟ ومن سهّل له ذلك؟ وأين هي الأجهزة الأمنية؟ ومدير الأمن؟
سادساً: ما موقف قيادة محافظة تعز واللجنة العسكرية والأجهزة الأمنية مما تعرضت له محطة توفيق عبد الرحيم ؟ ومما قام به صقر الجندي؟!
سابعاً: ما دور الصراع الدائر بين محافظ تعز ومدير الأمن في إضعاف الأجهزة الأمنية وتلكؤها وتباطؤها في ضبط الجناة ؟ والانعكاسات السلبية على أمن واستقرار المحافظة بشكل كامل جراء ذلك الصراع الخفي والمعلن؟
أين هي اللجنة العسكرية من الجريمة التي طالت محطة توفيق مطهر ومشاركة عشرات المسلحين بالعدوان عليها؟ ثم لماذا يصر محافظ تعز على سجن الحنسري وإظهاره على أنه منفذ ذلك المخطط ورأس حربة فيه؟ مع أن هناك جرحى سقطوا جراء مقاومة القتيل الزومة للحملة التي خرجت للقبض عليه بحسب تقرير أمن المحافظة؟
وما موقف اللجنة العسكرية مما تعرض له الحنسري؟
لماذا ظل المعتدون يعبثون ويدمرون ويحرقون كل شيء في المحطة ولأكثر من 4 ساعات دون أن تتحرك أي قوة لمنعهم وحماية المحطة؟
ما موقف قيادة الحرس الجمهوري التي ترابط في اللواء 33 وتبعد النقطة التابعة له عن المحطة 500متر فقط مما تعرضت له المحطة ومن سماعها لصواريخ (لو) وقنابل وقذائف ولم تتحرك؟
أين هو مجلس النواب من تعرض ثاني أكبر البيوت التجارية في محافظة تعز لاعتداء بمختلف أنواع الأسلحة وفي وضح النهار؟ وكيف يقرأ أعضاؤه وخصوصاً كتلة تعز ذلك العدوان وصمت الجهات الرسمية عنه؟
ماذا لو كانت المحطة التي طالها الهجوم تتبع مجموعة المرحوم هائل سعيد أنعم؟ هل سيكون الموقف ذات الموقف أم ستقوم الدنيا ولن تقعد؟
ما علاقة ما تعرض له توفيق عبد الرحيم من الحملة الإعلامية التي تشن عليه منذ أشهر وبالذات في الأسابيع من قبل الأخيرة المواقع التابعة للمؤتمر الشعبي العام ومواقع الأمن القومي؟ وتلك المواقع التابعة لبعض الأطراف والشخصيات الناقمة على مدير امن تعز السعيدي؟ بل وطريقة تناول تلك المواقع للجريمة وتغطيتها لها ؟.
لماذا يرابط المسلحون أمام المحطة حتى اللحظة ويعجز محافظ تعز واللجنة العسكرية ومدير الأمن عن منعهم وصرفهم خصوصاً وأن زعيمهم يقول بأن مطلبهم القبض على قاتل (الزومة)؟ فهل المحطة هي من قتلت الزومة أم أن الأوامر القهرية الثلاثة الصادرة بحق القتيل طه عثمان الحاج (الزومة) والمؤرخة بـ (مايو 2009م ، وأغسطس 2011م، وآخرها في 27/9/2011م) والصادرة جميعها من نيابة التعزية هل هي أوامر كاذبة وغير صحيحة؟
ما هي مبررات المعتدين على المحطة في مكوثهم أمامها حتى اليوم؟ وما علاقة ذلك المكوث باختفاء الحنسري؟
ما موقف عقلاء تعز من المؤامرة الدنيئة التي تستهدف محافظتهم وتستهدف رجالاتها وبيوتها التجارية؟ ألم يأنِّ لهم أن يعوا الدرس جيداً ويستفيقوا من سباتهم؟ ألم يكفهم ما لحق بساحة الحرية دونها من الساحات؟ وهل يرضون أن تكون محطة توفيق ساحة أخرى؟
ألا يكشف كل ما تعرضت له محطة توفيق عبد الرحيم مطهر عن حجم الحقد الذي يحمله الظلاميون على تعز الحرية تعز الوعي تعز الثقافة والإبداع، ألا يكشف أيضاً أن هناك مخططاً يحاك ويرسم جيداً لتعز ثأراً منها وانتقاماً من ثوريتها؟ بل ويريد من يقفون خلف ذلك المخطط الإجرامي أن يكون توفيق عبد الرحيم منطلق البداية، إذ ما علاقة الاتهام والتحذير اللذين أطلقهما المؤتمر الشعبي العام بمحافظة تعز في بيان له بتاريخ 2 يونيو أي قبل الحادثة بثلاثة أيام فقط وتحدث فيه عن تنفيذ مخطط مشبوه يهدف إلى الدفع بالمدينة نحو المواجهات الدامية ونشر الفوضى والعنف وقطع الطرقات وإحداث شلل امني وتهريب عدد من السجناء وإغراق تعز بالقتلة والمحكوم عليهم في قضايا جنائية مختلفة؟ ألا يكفي هذا ليكون دليلاً كاملاً على أن هناك سيناريو معد له مسبقاً يستهدف تعز؟ويستهدف أمنها واستقرارها؟
وما موقف رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي من المؤامرة التي تتعرض لها تعز؟ ومما تعرَض له أحد رجالاتها التجارية؟ ومن الصراع الدائر بين محافظ تعز وبين مدير الأمن والذي ألقى بظلاله على الأمن والاستقرار؟ ألا يخشى أن تصبح تعز مسرحاً مفتوحاً لكل الاحتمالات في ظل صمت الحكومة على ما يُعتمل بها؟
وما هو موقف الحكومة من الجريمة وتأثيرها على الاستثمار والمناخ الاستثماري في البلد خصوصاً وأنها بذلت جهوداً كبيرة في إقناع البروفيسور مهاتير محمد صانع النهضة الماليزية لاستقدامه إلى اليمن وتقديم رؤيته وخلاصة تجاربه للنهوض بالاقتصاد اليمني وقد أفاد الرجل انه لا اقتصاد بدون أمن واستقرار، فهل تعي الحكومة هذا؟
إن الخشية كل الخشية أن يُستخدم محافظ محافظة تعز ومن حيث لا يشعر ومن حيث لا يعلم سُلَماً ومطيةً لتنفيذ بعض المخططات التي يقف ورائها من لا يريدون لتعز الخير والسلام والأمن والوئام.
أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة عليها من المعنيين، فالموضوع جد خطير ولو تم السكوت عليه فلن تكون محطة توفيق الأخيرة.
صفوان الفائشي
تساؤلات بين يدي الرئيس والحكومة والبرلمان واللجنة العسكرية ومحافظ تعز 1994