لجوء قوى ممانعة التغيير للثورة المضادة يهدد الساحة السياسية في البلدان التي طالها التغيير عموماً، بالتحول إلى كيانات مقطعة وغير متحالفة مما يوفر الأجواء المناسبة لبروز نجم فلول الأنظمة الساقطة بعد أن أوشك على الأفول، حيث يراهن المتساقطون من بقايا أركان الأنظمة الساقطة على مهارتهم في المناورة السياسية..
ولعل الأمر في اليمن مرتهن بقدرة الساحات السياسية ونخب التغيير في التحالف الأقوى وبقاء هذا التحالف كعامل التحام قوي في مواجهة الثورة المضادة من خلال التمرد وإشعال الصراعات في البلاد ونشر الفوضى في ربوع الوطن الحبيب، كما يتطلب الأمر من القوى السياسية وقوى التغيير الوقوف الداعم للرئيس هادي في المضي قدماً بالعملية الانتقالية، فكلما تأخر الوقت دون انجاز ملحوظ تقوى شوكة أركان النظام السابق وتزداد فرصهم للمناورة والقدرة على استخدام تكتيكات الثورة المضادة.
اندفاع الشعوب لتغيير الأنظمة الفاسدة بصورة جذرية وسريعة اصطدم بواقع مرير ومحبط، فرغم سقوط رؤوس تلك الأنظمة إلا أن حضورها ما يزال موجوداً في مختلف مفاصل السلطة أو مؤثراً بطريقة تُشعل فتيل الثورة المضادة..
يوشك الربيع العربي أن يكمل عامه الثاني، إنها الأحداث التي اشرأبت لها أعناق العالم لتشهد إعلان الصباح بزوغ فجر جديد، فجر لم يَقدهُ الضباط الأحرار وإنما قادته الشعوب هذه المرة لتفجر كل خيبات أملها على شكل ثورة بيضاء لم تنحني للبطش والإرهاب وأطاحت بعروش أنظمة ديكتاتورية تسلطت على رقاب الشعوب لعقود من الزمان.
فرغم استخفاف البعض بتأُثير الثورة المضادة – خصوصاً بعد الشعبية التي حققتها بعض الأحزاب والجماعات بعد الربيع العربي - إلا أن قدرة بقايا الأنظمة السابقة أو الفلول على تنظيم صفوفها من جديد أثار الدهشة والتساؤل على كيفية قدرة هؤلاء العودة مجدداً إلى الساحة بأساليب مختلفة ومؤثرة بعد أن اكتسحت الثورة تلك البلدان واحتلت مقاماً عالياً واعتزازاً وفخراً لدى مواطنيها بمثل هذا المنجز.
إيمان سهيل
الثورة وقوى ممانعة التغيير 2141