الزائر هذه الأيام لمحافظة إب لا يصدق أنه في تلك المحافظة الخضراء الآمنة والمسالمة خاصة بعد تأخر هطول الأمطار هذا العام وانتشار العصابات المسلحة والمسلحين في مركز المحافظة وجميع مديرياتها يمارسون عمليات التقطع في مختلف الطرق ابتداء من يريم ونقيل سمارة والسياني وخط العدين والجراحي وعلى مداخل مدينة إب، كما يمارسون السرقة والقتل في شوارع المدن وأحيائها والأسواق الشعبية، ورغم جهود نائب مدير الأمن في إنجاح الخطة الأمنية وإخلاء المدن من المسلحين، إلا أن أيادٍ خفية داخل المجلس المحلي واللجنة الأمنية وبين أوساط تكتل المشترك تعمل على إفشال هذه الخطة وتشجيع السفهاء على مواجهة رجال الأمن وتحديهم بعد أن يشاهدوا بمشائخ العيار الثقيل من الجانبين ومن تجمعهم علاقات حميمة مع قيادات المحافظة يجوبون شوارع إب ويريم والقاعدة والعدين والسبرة وغيرها بالمرافقين والمدججين بالأسلحة، ليصل الأمر إلى حمل الرشاشات أعلى السيارات الحبة والصالون كتحد سافر للنظام والقانون وجهود الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي في إخراج البلاد مما تمر به واستهتار بدماء شهداء الثورة وأهدافها النبيلة المتمثلة بإقامة الدولة المدنية الحديثة.
وفي ظل القيادة الحالية للواء الأخضر وخلال العامين المنصرمين ارتفع معدل الجريمة في المحافظة بصورة غير عادية، ناهيك عما يمارسه النافذون من مشائخ ووجاهات ومسئولي دولة بحق إخوانهم المواطنين في مختلف قرى وعزل مديريات المحافظة وفي إدارات الأمن وسجون المشائخ من ظلم وابتزاز واعتداء على الحقوق والحريات، الأمر الذي ولد الذم والسخط لدى عامة المواطنين وصاروا فاقدي الأمل في إصلاح حال هذا الوطن، يفكرون بالهجرة إلى الخارج ولا يحبذون الحديث عن السياسة والثورة والمبادرة الخليجية وغيرها، لسان حالهم يقول: الجميع يبحث عن المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة ومصلحة الوطن، خاصة بعد الحديث عن الاتفاق الأخير بين قيادات المشترك في المحافظة وقيادة السلطة المحلية والذي يتضمن فحواه باختصار تقاسم المكتب والدوائر الحكومية مقابل السكوت عن الفساد والفاسدين الذين اعتصبوا هذه المحافظة خلال السنوات الثلاثين الماضية بعد تغييب متعمد للنظام والقانون حتى أثناء الثورة الشبابية وعقب تشكيل حكومة الوفاق وانتخاب الرئيس التوافقي لم تشهد إب أي تغييرات تذكر ويلمس أبناء المحافظة أي نوايا بالفعل للتغير وإصلاح أوضاع المحافظة سوى في مكتبي المالية وفرع المؤسسة العامة للكهرباء بعد صراع وشد وجذب ما كان له الذكر ودعم ومساندة شباب الثورة في ساحة خليج الحرية ولا يزال هنالك الكثير من عتاولة الفساد داخل المحافظة الذين للأسف يحظون بدعم ومساندة كبار قيادات المحافظة والمشائخ وأعضاء مجلس النواب وغيرهم في ظل صمت ومراوغة وهرولة قيادات اللقاء المشترك لعقد الاتفاق المشبوه والانغماس في وحل الفساد الذي جرهم إليه إخطبوط المخالفات والإفساد في ديوان عام المحافظة دون أن يسألوا أنفسهم عن أهداف هذا الاتفاق وبنوده وعلاقته بقضايا ومشاكل المحافظة وفي مقدمة ذلك اجتثاث الفساد المالي والإداري المتجذر داخل كافة المرافق الحكومية وقضايا مهجري الجعاشن والعدين وبقية قضايا محافظة إب، على الأقل فيما يخص البرنامج الاستثماري والمقرر بـ[16] مليون ريال لمديرياتها العشرين، بينما محافظة الضالع المتسحدثة قريباً يصل البرنامج الاستثماري إلى [16] مليون ريال لست مديريات فقط، إلا يدل ذلك على أن هنالك من يشرعن للفساد والمخالفات داخل المحافظة ويسهم وبشكل مباشر في تعثر المشاريع الخدمية والتلاعب والغش أثناء عملية التنفيذ واستبدال معايير الرشوة وحق بن هادي بدلاً من المواصفات والمعايير الفنية بكل مشروع حتى أصبح العمل في اللجنة الفنية بالمحافظة أفضل بكثير من العمل في رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية؟، وإلا ماذا يعني غرفة لخمسة ملايين ريال في مشاريع مكتب مديرية القفر؟ وقس على ذلك في مختلف المرافق الحكومية والجانب المالي والإداري وغيره فعلى سبيل المثال للرجل الأول في المحافظة وأعلى الهرم الوظيفي بالمحافظة أكثر من أثنى عشر وكيلاً، البعض منهم لا يتواجد في المحافظة إلا نادراً لعدم وجود عمل يوكل إليه والبعض منشغل في مصالحه الشخصية، كما يوجد للمحافظ أيضاً أكثر من عشرين مستشاراً ولا أحد منهم يتم استشارته إلا ما ندر والبعض حصل عليها لغرض الشهرة والبعض منهم تحولوا إلى وكلاء شريعة في المحاكم والنيابات وأقسام الشرط والبعض حصل عليها لغرض الانقطاع عن العمل الموكل إليه والتفرغ لمصالحه الشخصية وهكذا، ويندرج ذلك على مدراء عموم المكاتب التنفيذية من حيث النواب والوكلاء والمستشارين، من أكثرهم مستشاري مدير عام مكتب التربية والتعليم وبدأ مدير المالية يتفاءل بارتفاع عدد نوابه، على عكس مدير الأوقاف الذي أصبح يتضايق منهم لمشاركتهم له في التلاعب بأراضي الوقف وتأجيرها لأقاربهم ومضايقة خلق الله بهدف الابتزاز، أما مدير الزراعة فإن لديه اثنين أو ثلاثة من النواب اضطر كل واحد منهم لفتح بوفية جوار المكتب للتوقيع ومن ثم طلبة الله بالعصير والسندويتشوهكذا.
أما الأمين العام نائب المحافظ فالحديث عنه يحتاج إلى مجلدات، فهو نائب المحافظ الوحيد في الجمهورية الذي لا يدخل أبداً في خلاف مع المحافظة وهو على أتم الاستعداد لرفع صرفيات دار الضيافة إلى الخمسة والعشرات مليون ريال من إيرادات الصندوق لنيل رضى رئيسه ما دام قادراً على الحصول على أكثر من ذلك من الإيرادات الغير قانونية للصندوق والتي لا يعلم حجمها ومصادرها إلا هو وعدد ضئيل من المقربين وما دام هؤلاء سيبقون في نعمة فلتذهب المحافظة وأبناؤها إلى الجحيم والكرة أصبحت في ملعب المشترك وشركائه معارضة الأمس وشركاء اليوم وعليهم أن يحددوا أي نوع من الشراكة: هل شركاء الفساد وتقاسم المكاتب التنفيذية والنيل من المحافظة وأبنائها أم شركاء في التصحيح وبناء اللبنات الأولى لليمن الجديد؟.. نتمنى أن يستفيدوا من إخوانهم في محافظة تعز الذين نالوا ثقة وحب كافة أبناء المحافظة لوقوفهم إلى جانب المواطن العادي في أحلك الظروف وممارسة كافة وسائل الضغط على قيادة السلطة المحلية لتنفيذ مطالب المواطنين المشروعة، لكن في اللواء الأخضر أصبحت قيادات المشترك من المدافعين عن المحافظ والمشيدين به، متناسيين أنه المسئول الأول أمام الله والقيادة السياسية حيال ما يعاني منه المواطن والمحافظة بشكل عام، وهو المسئول الأول عن فساد الفاسدين في المكاتب التنفيذية والمديريات، وعن اختطاف أبناء العدين والتقطعات الحادثة في سمارة والسياني وعلى خط العدين الجراحي، وعن العبث بإيرادات المحافظة، وعن المتلاعبين في المرافق الحكومية، وعن المعلمين المنقطعين في مكتب التربية وقيادات المشترك مسئولين أمام الله عن المواطنين والوطن في قول الحق واستنكار المنكر ومحاربته، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عبدالوارث ألنجري
إب المحافظة التي اغتصبها الفساد بعد غياب النظام والقانون 2007