الثورة عمل بشري يعتريه النقص ويجانبه الصواب..وهذه سنة الله في الخلق.. فالكمال لله تعالى، لا أحد من البشر معصوم عن الخطأ إلا من عصمهم الله تعالى.. ويكفي هذه الثورة انها كسرت حاجز الخوف في النفوس وأظهرت معادن الرجال وفتحت نوافد الأمل في القلوب وجعلت الشعوب تنظر إلى المستقبل بعين التفاؤل بعد سنوات من اليأس والإحباط والتعب وتجرع مرارة الظلم والاستبداد والقهر والهيمنة، وصار لها أهداف واضحة يعرفها القاصي والداني في بناء دولة ديمقراطية عادلة قائمة على النظام والقانون والمواطنة المتساوية.. لن تهدأ هذه الثورة إلا بتحقيق أهدافها كاملة ولو بعد حين من الزمن، وأنا على يقين أنها سوف تنتصر بإذن الله، لكنها بحاجة إلى صبر ونفس طويل وحكمة، فالقضية قضية وقت فقط لان إرادة الشعوب من إرادة الله وإرادة الله لن تقهر..
هناك من يروج ويزعم أن الثورة سرقت وانحرفت عن مسارها..هذا كلام يراد منه تثبيط العزائم وقتل الهمم عند الثوار ومن يقول مثل هذا الكلام يقدم خدمة كبيرة للنظام البائد، فالثورة مستمرة وكل يوم تحقق منجزاً جديداً والذي ينكر ذلك إنما يريد تغطية عين الشمس بغربال.. صحيح أن هناك أخطاء وممارسات رافقت مسيرة الثورة وعملت على تأخر تحقيق أهدافها خلال الفترة الماضية هذا شيء طبيعي لأنها كما قلنا في بداية هذه العجالة أنها عمل بشري وأي عمل بشري له سلبيات وأخطاء وهذا يوجب على الثوار المراجعة والتقويم والاستفادة من هذه الأخطاء وعدم تكرارها والاستمرار في الزخم الثوري و توحيد الصفوف لأن الوحدة شرط أساسي لانتصار الثورة..
القوة المضادة للثورة التي وراءها النظام السابق وأصحاب المصالح الذين يشعرون أن الثورة سوف تقضي على مصالحهم يعملون ليلاً ونهاراً من أجل إيقاف عجلة التغيير وعرقلة مسار الثورة بعد أن عجزوا من القضاء عليها من خلال أسلوب الدسائس ونشر الإشاعات والأكاذيب التي تهدف إلى تشتيت شمل الثوار و الوقيعة بينهم وإشغالهم بقضايا هامشية، بعيداً عن أهداف الثورة ودعم المشاريع الصغيرة التي تضر بالمشروع الوطني، والأكبر من ذلك كله هو محاولة الفصل بين جموع الثوار القوة الحاملة للثورة المتمثلة بالأحزاب الثورية والقوة العسكرية المناصرة للثورة، لذلك واجب المرحلة يقضي على الثوار بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم التركيز والعمل الحثيث في الوقت الحالي على أساس بناء الدولة التي ننشدها والتي انطلقت الثورة من اجلها،وعندما تقوم هذه الدولة ويشتد عودها سوف تعيد الحقوق إلى أصحابها وكل من أذنب في حق الوطن والمواطن سوف ينال عقابه حتى إن كان من مناصري للثورة «لان الحقوق لا تسقط بالتقادم» لا اعتقد ان من آمن بالثورة وأهدافها سوف يرفض المثول أمام القضاء العادل...
من مميزات هذه الثورة إنها ثورة شعبية شارك فيها كل أفراد الشعب بمختلف شرائحهم وفئاتهم لا يستطيع حزب أو فئة أو جماعة مهما كان حجمها و تأثيرها أو قوة تواجدها أن تحتكرها أو تدعي ملكيتها. فكل القوى الثورية قدمت لهده الثورة جهدها وطاقتها، فقد يتساوى القوي والضعيف والغني والفقير وصاحب الأكثرية وصاحب الأقلية كل قدم ما يستطيع تقديمه لو كان يستطيع أن يقدم أكثر لفعل..وهذا يتطابق مع ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم «رب درهم سبق مائة ألف درهم»..الذي لا يمتلك إلا درهمين ويتصدق بأحدهما ويبقى الآخر لأهله يسبق من يمتلك المال الكثير ويتصدق بمائة ألف من ماله.واقعنا الثوري يؤكد أن هناك من الأحزاب والقوى عندها إمكانيات كبيرة وهائلة وقدمت ما عندها وكان لها تأثير و هناك أحزاب إمكانياتها قليلة، لكنها في نفس الوقت قدمت وبذلت كل ما لديها..لذلك لا يمكن إنكار دورها في الثورة، فالواجب أن نؤمن إيماناً مطلقاً لا يعتريه الشك أن هذه ثورة شعب وليست ثورة أحزاب ولا جماعات..
تيسير السامعى
رسائل إلى الثوار..... 2038