تتجه أنظار العالم غداً إلى الحبيبة (مصر) وانتخاباتها الحبلى بالمفاجآت، فبعد الانتهاء من الجولة الأولى نحن على موعد مع جولة الإعادة ولكن هذه المرة بمرشحين اثنين أحدهما محسوب على القوى الثورية والآخر محسوب على النظام السابق وآخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع.
الصعود المفاجئ للفريق / أحمد شفيق في الجولة الأولى وضع الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل الثورة المصرية، فغرائب الشعب المصري لا تنتهي، فبالرغم من مرور عام ونصف على الثورة العارمة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق ونظامه إلا أن هناك إمكانية كبيرة لعودة النظام ذاته.
تتباين آراء وردود أفعال الشارع المصري في انقسام واضح حتى داخل صفوف القوى الثورية، حيث من المتوقع أن يجري التصويت على هذا النحو : بينما ستذهب أصوات أنصار السيد عمرو موسى مباشرة إلى مرشح المجلس العسكري، ستذهب معظم أصوات أنصار الدكتور / عبد المنعم أبو الفتوح إلى صالح الدكتور محمد مرسي التي هي في الغالب بعض قواعد الإخوان المسلمين وأنصار حزب النور السلفي.
بقي الدور هنا على القوى اليسارية (أنصار السيد حمدين صباحي) التي ستلعب دوراً مهماً في تحديد ملامح رئيس (الجمهورية الثانية), فمن المتوقع أن يصوت الكثير من هؤلاء لصالح مرشح الثورة محمد مرسي خصوصاً حركة 6 ابريل التي أعلنت موقفاً واضحاً وإن كان مشرطاً.
لا أعتقد أن ثواراً نزلوا إلى الميادين أسقطوا النظام ويسعون الآن لإعادة إنتاجه بقالب ثوري. إعادة النظام السابق لسدة الحكم ربما يحدث فوضى عارمة، خصوصاً فيما يتعلق بأهالي الشهداء. من العيب مقارنة مرشح النظام السابق حتى بمرشح جماعة دينية متطرفة (حسب قولهم) محسوبة على الثورة إن جاز التعبير.
ربما حالة الركود والجمود التي أصابت الثورة المصرية بعد تنحي الرئيس المخلوع وبعد الانتخابات البرلمانية وكذلك حالة الإحباط التي عمت الشارع المصري والتشرذم وكيل الاتهامات المجانية والتخوين داخل القوى الثورية، هي من أعطت دفعة للمجلس العسكري بالتجرؤ بالدفع بمرشح محسوب على النظام المخلوع رغم صدور قانون العزل السياسي الذي ينطبق تماماً على مرشحهم أحمد شفيق! كان حري بالقوى الثورية عدم السماح حتى بالتفكير بالدفع بمرشح محسوب على نظام قامت ضده ثورة عارمة وسقط مئات الشهداء والجرحى.
تقتصر حملة المرشحين الانتخابية في جولة الإعادة على كيل الاتهامات للآخر خصوصاً من مرشح العسكر الذي يشن هجوماً عنيفاً بشكل يومي على مرشح حزب الحرية والعدالة المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين لإرباك الموقف، هذه التهم الملقاة جزافاً على الجماعة تبدو سمجة وساذجة للغاية خصوصاً تلك المتعلقة بموقعة الجمل. والسؤال المطروح : لماذا يتهرب شفيق المطلوب للإدلاء بشهادته أمام المحكمة بشأن هذه الموقعة ؟!
يخاف شفيق ومثله المجلس العسكري من المثول للشهادة كونها ستكون لطمة قاسية في حملته الانتخابية التي يحاول من خلالها إسقاط التهم التي ارتكبها النظام السابق بكل معاونيه على خصومه السياسيين تحت قاعدة " الهجوم خير وسيلة للدفاع ", بينما يكتفي محمد مرسي باستقبال الضربات الغير موجعة بطبيعة الحال والاكتفاء بالرد على بعضها على سبيل التوضيح ليس إلا.
أليست الشائعات التي يبثها مرشح العسكر هي ذاتها التي كان يطلقها النظام السابق قبيل كل انتخابات آخرها تلك التي فاز بها المخلوع قبل أقل من عام على خلعه ؟! ما أشبه اليوم بالبارحة! ولا أظن أن هذه الشائعات بالمجدية مع حدوث تغير للعقلية العربية بشكل غير مسبوق.
سألت أحد أصدقائي من مدينة (الجيزة) من رشحت في الجولة الأولى؟ قال "رشحت الدكتور أبو الفتوح.. قلت له طيب من سترشح في جولة الإعادة ؟ قال: الفريق أحمد شفيق! لماذا ؟ قال : " عاوزين أمن وأمان ".. هذا ما يستشف من خطابات شفيق الشبه يومية ( سيختار الشعب المصري الأمن والأمان).. يلعب النظام السابق بالملف الأمني بمعنى أن نكون نحن وإلا سنعبث بأمنكم! علما بأن الداخلية تملك أكثر من مليوني فرد شرطة وهي ما زالت بأيدي النظام السابق، ولا ننسى أحداث العنف الأخيرة التي سببتها قوى الشرطة كإستاد (بورسعيد) وأحداث (محمد محمود) ووزارة الداخلية.. ياللحقارة !
شفيق لا يعني ما يقول أبداً, فعندما يقرأ ما كُتب له في (الروشيتة) المعدة سلفاً يبدو كلامه ثورياً بحتاً وكأنما بُعثَ لإنقاذ ثورة مصر من مختطفيها، وعندما يرتجل الحديث يقول النقيض تماما.. هل سيفعلها المصريون وينجحوا ثورتهم والحيلولة دون رجوع النظام السابق للحكم ؟ أم أن المفاجآت لا تزال سيدة الموقف ؟!.
متولي محمود
هل يفعلها المصريون..! 2028