طوت أبين صفحة العنف وعاماً من التطرف وسفك الدم المتلازم مع حياة شتات في بقاع عدة نزوحاً إجبارياً وقهراً ما بعده قهر لأبنائها، ومنذ بداية المشهد المأساوي فيها وأهلها في استبشار متواصل مع كل جديد من الانتصارات للجيش الوطني فيها وفي أكثر من مرة يعودون واليأس يتملكهم بعد صدمتهم بعدم صدق أنباء الانتصارات أو المبالغة فيها. غير أن الأمر بدا مختلفاً تماماً عقب الانتخابات الرئاسية إلى اليوم، وأضحى الأمل كبيراً في العودة للديار وعودة أبين لحظيرة الوطن. ان ملاحم البطولة التي سطرتها وحدات الجيش واللجان الشعبية لتحرير أبين من المسلحين مؤشر قوي على انتصار الثورة وبث الطمأنينة في قلوب كل أبناء الوطن الشرفاء وأن مرحلة جديدة قد أطلت تحمل بشرى البناء والعمل الجاد وتؤسس لهيبة الدولة التي طالما طال انتظارها لعقود ظلت فيه حبيسة عصابات وقوى متنفذة حولت الوطن الى أملاك خاصة وقتلت أحلام أبنائه.
أبين اليوم تعود بعد عبث وتدمير لكنها عودة تبعث السعادة وتزيل ماعلق بهيبة جيشنا الوطني من لوثات خلفتها قوى الغدر, عوده تعيد له في المقابل ما استنفد منه من طاقات، بل هي مدخل لاستجماع القوى واستعادة روح الفداء المشرقة في ظل وطن حر يحكمه أبناؤه ويناضلون من أجل رفعته وعزته.. ليس هناك فرحة أكبر من أن ترتفع معنويات جيشنا الوطني وتتظافر الجهود الشعبية لمساندته لتذوب معها حالة القطيعة التي خلفها النظام السابق بين المواطنين وقوات الجيش إثر حصرها في مهمة القمع وغرس ثقافة الصدام حتى أضحت الروابط واهنة وتحولت ساحة الوطن إلى ساحة للهدم أكثر منه للبناء، تضحيات جسام قدمها جيشنا الوطني وبفضل تلك التضحيات يرتسم اليوم تاريخ أبين بل الوطن بكله من جديد, وفي نفس السياق يتواصل بهذا الانتصار المد الثوري ممهداً الطريق لتأسيس الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون، دولة لا مكان فيها بعد اليوم للفزاعات والأكاذيب.
ثمة أمر هام اليوم يعتبر من ضمن الأولويات لإعادة الاعتبار لمحافظة أبين المنكوبة، يتركز ذلك في إعادة إعمار ما خربته آلة الحرب لتعود إليها الحياة وتغادر مربع الحرمان والتدمير.
أبوبكر الجبولي
تحرير أبين انتصار للثورة. 1851