;
أحمد حمود الأثوري
أحمد حمود الأثوري

في بيتنا طالب ثانوية!! 2364

2012-06-13 03:53:08


دقت ساعة الصفر وأعلنت حالة الطوارئ وبدأ الاستنفار بكل بيت.. فالوضع لا يسمح بأي خروقات إضافية.. امتحانات وزارية يا ناس مش لعب أطفال .
بدأت الأمهات بتجهيز الأكلات الدسمة ومشروع الدلال "الدنمركي" لطالب الثانوية  وأغلق التلفاز ومنع الجميع من متابعة الأخبار أو كأس الأمم الأوروبية أو مسلسلات الأتراك التي غزت العقول  وفصل التلفون الثابت وأغلقت الجوالات وكتب على باب المنزل "يرجى عدم الزيارات حتى انتهاء الامتحانات"، تتصل ب احد أفراد الأسرة ليرد عليك المجيب الآلي "ابننا في الثانوية إذا نحن لسنا هنا" ثم تصلك رسالة "أنا أذاكر إذا أنا مش موجود – مهلناش".
التوتر يعم الصغير والكبير, والضغط على القولون " في أعلى درجاته " ومسالة الطلاق واردة في هذه الحالة بين الأزواج " سترك يا رب"، فإبليس جاثم فوق رأس الأسرة كلها " يبعسس " لخلق مشاكل بين أفراد الأسرة وأكثر الوقت مخيماً فوق رأس الطالب -وشغااال قرعة وخصوصي ومقاول مقاولة مربحة، فترى العشق والغرام يتسلل بقوة في هذه الفترة وخيال الحبيبة بكل سطر في الكتاب والمشاكل على قدم وساق داخل البيت .. صوت الجيران ما يخفت أبداً وهو موسم ترميم المنازل فلا تخف الدقدقة والشقدفة إلا بانتهاء الامتحانات.. الأعراس – بالصلاة على النبي - تكثر بالحارة وصوت الميكرفونات "والقح بووم" لا تهدأ أبداً.. الأمراض حق السنة تأتي دفعة واحدة في هذا الوقت .. أضف إليها انقطاعات الكهرباء كل ساعة، ويطل صوت المولدات من كل شقة وقالوا امتحانات وزاري؟.
***
كيف نسوي يا جماعة الخير؟ ما فيش تأجيل للأعراس؟ طيب ألا توجد إمكانية – أنا فداء شواربك - يا جار بتأجيل ترميم بيتك إلى بعد انتهاء الامتحانات؟ وأنت يا وزارة الكهرباء ممكن يا منعاه تخففي الانقطاعات الكهربائية، مش عشان نذاكر أكيد عشان ننام بهدوء وببرود من دون الإرهاب المصاحب لصوت المولدات والحمى الذي يخلس الجلود، وأنتم يا مخربين – اصبروا علينا هذا الشهر بس وبعدين كلنا "عنجي نخرب – وكلنا سوف نتحول إلى جدعان وجذعان".
***
جيب رب الأسرة مثقوب، فالصرفة تزيد أضعافاً مضاعفة "حق تغذية وفواكه.. حق تصغير كتب براشيم وحق قات من نوع خاص" وعد باقي شعرة إلا وقد الأب "مقرح فيوز" وتلاقيه بالشارع يصفق ويهادر نفسه ..
***
أصحاب آلات التصوير والمكتبات يعيشون بنعمة هذه الأيام، فهذا فهو الموسم الرابح، كل آلات التصوير مشغولة بتصغير الكتب وتنسيق "البراشيم" كأول احتياج للطالب قبل أن يذهب إلى القاعة الامتحانية "يعني تنسى رقم الجلوس عادي, تقوم مريض عادي, لكن تروح الامتحان من دون "براشيم" فهذا هو الغباء الغير مقبول وما ليس لك منة عذر أبداً ".
***
رزمة من النقود تتكفل بتوفيرها الأم المسكينة – غالباً-  قبيل الامتحانات بأشهر وبطرق شتى "أما ببيع الذهب أو الدخول بهكبة أو غيرها" وحرمان نفسها وبقية أولادها من متطلبات أساسية حتى تؤمن لضناها تكلفة شراء المراقبين والسماح له بحقه المشروع دستوراً وقانونا ً (الغش) وما إن تخرجها حتى تزفر نهدة طويلة وترفع يديها للسماء، داعية ربها أن يسخر قلوب المراقبين لابنها وتدعو عليهم لأنهم منعوا عن ولدها حقه المشروع وعدم السماح له بممارسة هذا الحق سوى برزمة فلوس المقوت حاجز أجود أنواع القات لهذا المناضل المجاهد الفذ "طالب الثانوية ".
وإذا حدث إن كان القات مش درجة أولى تجد أن "المجاهد" يصرخ في وجه أسرته جميعاً كبيرهم وصغيرهم "بلا هدرة وخبر فاضي بتقوموا بالواجب سع الناس وإلا بطلنا دراسة" ويا وجع قلبك يا أم البطل, لا تتمالك نفسها وتجدها فرصة للتنفيس عن ضيقها وتكدير نفسية ابنها من دون قصد، "شوف ابن فلان يراجع ومجتهد وذكي و و و إلخ، وأنت داخل الغرفة مغلق على حالك أنك تقرأ أو تلعب أنت أكيد بتفشل وبيروح تعبنا وخسارتنا على الفاضي أنت وأنت وأنت......إلخ ".
***
وهذا هو الإدراك الخاطئ لهذه المرحلة وعدم التعامل معها بعقلانية وبروز منغصات عديدة لتزيد من حدة التوتر في هذه الفترة العصيبة على الطالب بشكل خاص وعلى الأسرة بشكل عام , مع قصور في العملية التعليمية وأداء الواجب من قبل بعض مدرسين سيتحولون بعد فترة بسيطة – عند بدء الامتحانات - إلى مرتزقة يبحثون عن " حق ابن هادي " لتوفير الغش للطلاب في اللجان الامتحانية وهذا سبب تهافت المدرسين على لحصول على رئاسة لجان امتحانية، مما يدفع الطالب إلى تصغير الكتب " براشيم " وتأمين حق بن هادي للمراقبين وعدم مراجعة دروسه باهتمام وجدية، لأنه يعرف مسبقاً بأنه لن يستعين بما في رأسه بل بما في الكتب "والبراشيم" وصولاً إلى أنه قد ينقل إجابة سؤال إلى سؤال آخر, أو يكتب سؤالاً في إجابة سؤال آخر.
وسيبقى الأمل معقوداً على تفهم الآباء والأمهات والجيران والمجتمع ككل في توفير الأجواء النفسية السليمة والمناسبة لطالب الثانوية ومساعدته على تجاوز هذه المرحلة والابتعاد عن إثارة المحبطات.
وأيضاً الأمل معقود على الحكومة بالبدء بعمليات تثبت لهذا المجتمع بان الماضي بسلبياته أصبح جزءاً من الماضي الذي ثرنا ضده، وأن السبيل لنهضة البلد بإصلاح العملية التعليمية،‏ ومحاربة الغش بكافة أشكاله وفرض عقوبات كبيرة على من يتعامل به أو يساعد عليه وأخيراً استشعار المسؤولية الأخلاقية من قبل رؤساء اللجان والمراقبين بان الغش هو أسلوب مدمر للأجيال ولا يصنع سوى جيل منهزم وضعيف متكل على غيره.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال "من غشنا فليس منا" لما تترتب على عملية الغش من أضرار مستقبلية على البلد كافة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد