إذا كانت الثورة هي ردة فعل على تسلط الأنظمة واستبدادها فإن الثورة المضادة هي ردة فعل أيضاً على الثورة نفسها التي تحاول تجريد بقايا النظام من أي دور مؤثر من خلال عزلهم سياسياً من جانب والملاحقة القضائية من جانب آخر ..
أحرار ضباط وجنود اللواء الثالث حرس جمهوري في منطقة النهدين بصنعاء والذين أعلنوا انتفاضتهم ضد قادة التمرد على قرارات الرئيس, أثمرت انتفاضتهم بتغيير فعلي بعد استقبالهم قائد اللواء المعين بقرار رئاسي اللواء الركن/ عبدالرحمن الحليلي استقبالاً حافلاً أثناء وصوله إلى مقر اللواء وبعد فرار قادة التمرد مجبرين بفعل الانتفاضة الحرة المباركة.
وقد عبر أفراد اللواء عن فرحتهم بقدوم الحليلي بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء،وترديد الشعارات والأهازيج المعبرة عن انتصارهم ضد قادة التمرد العائلي.
وتلعب التوازنات السياسية والتحالفات الإقليمية وتدخلات دول الجوار دوراً هاماً في التأثير على سير الأمور في البلدان التي حررها الربيع العربي، بما يحقق مصالحها الخاصة أو مصالح إقليمية عامة، بالإضافة إلى امتصاص وتخفيف التأثير المباشر لتلك الثورات على الأوضاع الداخلية في البلدان الأخرى.
على مدى العقود الماضية، نجحت الأنظمة العربية عموماً ليس في فرض سيطرتها على المشهد السياسي فقط، وإنما في السيطرة أيضاً على الحياة العامة بمختلف تفاصيلها الدقيقة بغرض إعادة توجيهها لتصب في مصلحة النظام والحفاظ على استقراره، واستطاعت بذلك عزل وتحييد معظم أشكال المعارضة لتصبح ضعيفة التأثير وشكلية في كثير من الأحيان..
في المقابل نجحت الأنظمة كدائرة استقطاب في جذب شريحة واسعة من مختلف أطياف المجتمع وطبقاته، الذين وجدوا في انتمائهم لهذه الدائرة تحقيقاً لمصالحهم الشخصية المتمثلة في حصولهم على المال والسلطة والوصول إلى الواجهة الاجتماعية النخبوية من خلال البقاء ضمن دائرة الاستقطاب، وبهذه الطريقة نجحت الأنظمة في خلق حزام من المنتفعين الذين وجدوا أنفسهم بعد الثورة إما مواطنين عاديين تم تجريدهم من كل الامتيازات التي كان يوفرها لهم النظام السابق، أو ضمن قائمة الفلول الملاحقة قضائياً أو إعلامياً على أقل تقدير .
ولعل فلول الأنظمة السابقة نجحت في اللعب على أوتار حساسة تملك فيها خبرات متراكمة على مر العقود الماضية، أحد هذه الأوتار هو الإرهاب كما حدث باليمن والتحذير من محاولات تغيير النظام ستستغل من قبل الجماعات الإسلامية وفرض إيديولوجيتها الدينية في محاولة لتشويه صورة تلك الجماعات وإثارة مشاعر الكراهية تجاهها للحفاظ على كرسي الظلم فحسب..
لكن في اليمن يبدو الأمر أكثر تفاؤلاً بثورة المؤسسات التي لا تقبل باستمرار العبث ولن يرتضي الشعب إلا بثورة مكتملة الأهداف..
إيمان سهيل
التمرد يسقط في النهدين 2225