من المؤكد أن الرئيس مبارك وعائلته لم يعثروا على خاتم سليمان أو مصباح علاء الدين والمؤكد أيضاً أن الرئيس لم يرث عن والده عقارات أو أراضي أو أموالاً والمؤكد أيضاً للمرة الثالثة أنه لم يكن له مصدر رزق سوى راتبه كضابط في القوات المسلحة أو نائب لرئيس الجمهورية أو حتى صار رئيساً للدولة عام 1981، وجميعها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجعل صاحبها مليارديراً ولا حتى مليونيراً حتى تبلغ ثروة آل مبارك تقدر بسبعين مليار دولار.
 تلقت الولايات المتحدة رسالة من النائب العام المصري، طلب فيها الأخير مساعدة القاهرة في التحقيقات الجارية لاستعادة 700 مليار دولار يشتبه في تمكن الرئيس المصري السابق ونجليه من تهريبها، وأعرب النائب العام عن تخوفه من استغلال علاء وجمال مبارك لنفوذهما في عملية التهريب، ولاسيما في ظل الأدلة الدامغة التي حصل عليها النائب العام في القاهرة والتي تؤكد حصول "آل مبارك" على ثروات طائلة وتهريبها إلى خارج البلاد بعد أيام من اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير ولاسيما أن هذه الأموال تدخل في إطار المال العام، الذي تؤكد أدلة دامغة سطوة مبارك وأسرته عليه، ووفقاً لوثيقة الرسالة السرية، التي قالت "واشنطن بوست" إنها حصلت على نسخة منها، أكد النائب العام المصري في رسالته للولايات ألمتحدة "أن حجم الأموال التي هربها مبارك وأسرته خارج البلاد تقدر بـ 70 مليار دولار معظمها أموال سائلة، أما باقي الثروة، فتم تحويله إلى قطع ذهبية وتم تهريبها إلى بنوك ومؤسسات مالية في دول عربية.
الذي يتقاضاه رئيس الجمهورية حسب القانون رقم 47 لسنة 1978 يزيد على خمسة آلاف شهرياً ومن خلال دراستنا حول مفردات مرتب رئيس الجمهورية اتضح لنا الآتي: أن الأجر الأساسي لرئيس الجمهورية يبلغ ألف جنية يحصل فوقها 200% علاوة منظمة ليصل راتبه إلى 3 آلاف جنية إلى جانب علاوات خاصة غير منظمة تبلغ 65% من الراتب الأساسي أي 650 جنيها فضلاً عن علاوة أول مايو 2008 التي بلغت 30% من الأساسي أي 330 جنيها ليصل إجمالي العلاوات الغير منظمة إلي 980 جنيها تضاف إليها حافز الإثابة 750 جنيها و10 جنية علاوة غلاء معيشة وعشرة جنيها منحة عيد العمال ليصل إجمالي الأجر المتغير 1750 جنيهاً، وبالإضافة إلى الأجر الثابت يصبح جملة ما يتقاضاه رئيس الجمهورية حسب القانون 4750 جنيهاً في عام 2008، ونضيف عليه علاوتي مايو 2009 ومايو 2010 والبالغة 20% من الراتب الأساسي أي مائتان جنيه، فإن إجمالي ما يتقاضاه يبلغ 4950 جنيهاً شهرياً.. وهذا هو اعلي راتب تقاضاه رئيس جمهورية في حياته ومن الطبيعي أن يكون رئيس الجمهورية مبارك المخلوع قد انفق جزءاً غير قليل من هذا المبلغ لتلبية المتطلبات الحياتية له ولأسرته، ولكن دعونا نفترض جدلاً أن الرئيس المخلوع كان ينفق على أسرته من مخصصات رئاسة الجمهورية البالغة 168 مليون جنيهاً سنوياً وأنه كان يدخر كل راتبه بالكامل وبعملية حسابية يصل جملة ما ادخره من مرتبه حتى فبراير 2001 يبلغ جملته 2,6 مليون جنية، أما أن تصل إلي مليار جنية، فهذا أمر غير مفهوم والكارثة أن الوثائق المنشورة تحدد جملة ثروة مبارك 40 مليار جنية وأخرى 70 مليار جنية وهي مبالغ لا يتخيل أحد أن يمتلكها آل مبارك إلا إذا قد عثروا على كنز علي بابا أو مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان.
ولكن بعملية حسابية نفق هذا اللغز كيف حصل مبارك على هذه الثروة الطائلة، فكل شيء يمكن حسابه ولنبدأ بالمعونة العسكرية التي تحصل عليها مصر وهذه المعنونة بلغت حتى الآن 35 مليار دولار، وكما هو معروف فإن مبارك حصل على عمولة تتراوح ما بين 5% و15% منها أي أنه حصل على عمولة من هذا البند وحده ما يعادل 3و5 مليار دولار، إذا كان يحصل على 10% فإنه قد حصل على 150 مليون دولار، بالإضافة إلي حصة من المبيعات التي تبيعها وزارة الإنتاج الحربي من مبيعات الأسلحة والذخيرة التي تباع لدولة العالم تبلغ في المتوسط مليار ونصف المليار دولار سنوياً ربعها إنتاج مدني والباقي عسكري وجزء من الإنتاج العسكري يوزع علي وزارة الداخلية والجيش والباقي يتم تصديره ويحصل مبارك على عمولة عن كل ما يتم تصديره .
وإذا قارنا ما بين رؤساء مصر عبد الناصر والسادات ومبارك، فنجد أن الزعيم عبدالناصر الذي حكم مصر -16 عاماً- كانت ثروته يوم وفاته 28 سبتمبر 1970 تبلغ 3718 جنيهاً و273 قرشاً في حسابه ببنك مصر، إضافة إلي 200 سهم بشركة كيما و5 أسهم بشركة مصر للألبان وسند واحد بالبنك العقاري و600 سهم في الشركة القومية للاسمنت و30 سند تامين وشهادات استثمار بمبلغ 600 جنيه في شركة الحديد والصلب، إضافة إلى 5 وثائق تأمين على الحياة قيمتها 8500 جنيه، فضلاً عن ثمانية أزواج أحذية وآلة سيمنا و10 بدل ومجموعة كرافتات وكان قد استلف 3500 جنية من رصيد معاشه لزيجات بناته، ولم يكن له أي حسابات بنكية بالخارج.
أما الرئيس السادات الذي حكم مصر 11 عاماً، فلم يترك سوى 126 ألف جنيه من عوائد بيع كتاب البحث عن الذات، وحوالي 20 ألف جنيه قيمة استراحة وفدانين على المشاع ولم يكن في حسابه ببنك مصر سوى ألف جنية، أما نجله جمال وزوجته جيهان السادات، فلم يمتلكا سوى 7 أفدان.. هذا ما تركه السادات، أما آل مبارك، فجمعوا ثروة طائلة سبعون مليار دولار، هكذا صار مبارك أغنى ملوك ورؤساء العالم، بينما 40% من شعب مصر تحت خط الفقر وكان إذا طلب منه شخص هنا أو هناك بأن يرفع العلاوة الاجتماعية أو يقيم مشروعاً خدمياً ما كان يسرع بالرد: هاجيب لكو منين؟.. صحيح هيجيب منين؟.
× كاتب مصري دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام.