لم أكن ارغب في الرد على تقرير الشارع حينما رأيت جدلاً فيسبوكياً عليه وظننت الأمر بسيط، لكن صديقاً مشكوراً طبعه لي وأرسله لي على بريدي، فأرغمني ذلك على قراءته وتحليله , وغضبت جداً حينما شعرت أن التقرير يستهدف كل قاماتنا الوطنية بمن فيهم أبناء زعماء كنجلي الحمدي وشخصيات مهمة كعلي ناصر والعطاس وحزبين مناضلين كالإشتراكي والإصلاح وغيرهم فكان هذا الرد ..
ذكرني تقرير الشارع بالدبلوماسي الإيراني "فر زاد فرهنيكان" والذي كان يحتل منصب الملحق الصحافي في السفارة الإيرانية في بلجيكا، كان قد كشف عن تفاصيل مثيرة ومهمة لأول مرة منذ إعلانه الانشقاق وطلب اللجوء السياسي بالنرويج في أيلول من عام 2010، وفي حديثه المطول مع صحيفة (صحيفة أفتن بوستن) النرويجية كشف فر زاد فرهنيكان عن معلومات خطيرة جداً في اللقاء الصحفي عندما تحدث عن وجود خلايا إعلامية وثقافية تتبع لإيران في جميع الدول العربية وخصوصاً دول الخليج العربي وقال إنه تقابل مع بعض هؤلاء في دبي ولندن واسطنبول خلال مهمة عمل سيكشف عن تفاصيلها قريباً.. وأكد أن الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية تنفق مبالغ كبيرة على عملية تجنيد الخلايا الإعلامية والثقافية واضعة إياها من أهم أولويات عملها الخارجي وقال إن إيران تستفيد من زرع العملاء والجواسيس في الدول الخليجية والعربية عبر وسائل الإعلام وعبر الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الحقوقية، فهي أفضل غطاء لعمل الجواسيس في تلك الدول لخدمة الحرس الثوري وعبر المبالغ الكبيرة المدفوعة مسبقاً.. وواصل حديثة عن معلومات خطيرة بأن هناك مواقع الكترونية ومنها إخبارية وثقافية وتحمل مسميات خليجية ومصرية تعمل تحت إشراف كامل من الحرس الثوري الإيراني وأن جمعيات ومنظمات تحت مسميات حقوقية خليجية تعمل للأجندة الإيرانية مقابل مبالغ مالية. وأبرز ما كشفه الدبلوماسي الإيراني أن إيران تجند خلايا من السنة في مجال خلايا الإعلام والثقافة والكتاب، لأن تحركهم وقبول آرائهم وأطروحاتهم مقبول وسهل توصيله لدى الطائفة السنية، بينما يصعب ذلك على العملاء الشيعة من سكان الخليج، ولكن الحرس الثوري يعتمد على الشيعة الموالين له في مجالات أخرى كخلايا التخريب والتفجير، أما السنة فهم الأفضل له في مجال الخلايا الإعلامية والثقافية لتقوم بعملها بعيداً عن الأنظار الأمنية أو الشبهة.. بينما لا يتحقق ذلك مع الشيعة الذين هم دائماً تحت أنظار أمنية مشددة، خاصة بعد الثورة الإيرانية وأهداف إيران بتصدير ولاية الفقيه للدول المجاورة ذات الأقلية الشيعية وأوضح بأن السفارتين الإيرانيتين في لندن وباريس دائماً ما تكونا منسقاً لالتقاء مسؤولي المخابرات والحرس الثوري الإيراني مع إعلاميين ونشطاء منظمات وجمعيات حقوقية في دول الخليج، خاصة في أوقات الصيف وتوافد الخليجيين إلى لندن وباريس، أكثر من 700 عميل إيراني يعملون في السفارات والقنصليات الإيرانية في دول الخليج وجميعهم من الشيعة العرب وأصولهم من العراق وسوريا ولبنان ويعملون تحت حصانة دبلوماسية وهؤلاء يشرفون على تمويل الخلايا وتزويدها بالخطط المطلوبة.. طبعاً لن أستفيض في الكتابة عن التحالفات الجديدة بين إيران وبقايا نظام صالح لزعزعة استقرار اليمن ووحدته والتحريش بين قوى الثورة والتي يطمعون في أن تتسبب في عدم استقرار البلد وبالتالي تتطور مشاريعها الصغيرة وتتوسع وينشغل اليمنيون عن كل ذلك وعن ملاحقة صالح وأقاربه.. هذا الكلام كتب فيه الكثيرون وسأكتفي أنا بمناقشة التقرير وصياغته الماكرة ..
أعتقد أن التقرير أعد بعناية وبتهذيب صحفي إستخباراتي مشترك بين اليمن وطهران ومشاركة الفريق الصحفي للدنجوان يحيى, والدليل أن التقرير ذكر أن معلوماته من مصادره التي يرفض تسميتها كعادته ذكرت أن الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط "الذي يرفض الوقوع دوماً في فخ الطائفية الإيرانية " يستلم من اللجنة الخاصة 25 مليون دولار.. طبعاً هذا تعريض واتهام خطير من الفريق الإيراني في لجنة صياغة التقرير غفل عنه الصحفي الباحث عن الفرص صاحب الشارع ..ونسى فيه أن جنبلاط عدة مرات اختلف مع السعودية لحد اتهامها بتدمير لبنان حين كان يجدها تزيد من تدخلاتها فيه ..
ذكر تقرير الشارع أن المعلومات من مصادره التي لا يسميها كعادته , عن "الهديان " الملحق العسكري للسفارة السعودية أيام الحمدي أنه تولى الإشراف على الجيش اليمني وكان يتحرك كحاكم عسكري .....وذكر التقرير أن الرجل واجه الرفض "فقط ؟!!" من قبل الحمدي .."لكن التقرير يقول : ثم طرده صالح مطلع الثمانينات من اليمن ..لاحظتم .. قوة صالح وتهاون الحمدي؟.
ورغم استدراك التقرير الشوارعي أن السعودية لم تغضب من صالح.. ليش؟: لأن صالح قدم نفسه كبديل للهديان.. وهو استدراك شيطاني تعوده صاحب المنشور الشوارعي، فهو أراد إرسال رسائل منها للشباب المنخدع به, إنني أشتم صالح, ورسائل للممولين المحليين، إنني أمتدح صالح بأنه خدع السعودية وأظهر لها أنه قادر على خدمتها دون تدخل سفيركم وبالتالي منع تدخلاتها في وضع اليمن , وهو منطق يصدقه دوماً أنصار وأولاد وأصدقاء صالح من مشائخ الدواوين , كما أنه منطق يكرره صحفيو الشارع والأولى أن صالح دوماً ماكر وذكي بالمعنى المحبب لهم .. كما أن دأبهم مستمر في تصوير صالح كبطل , وليس علينا سوى أن نتذكر حادثة النهدين لنتأكد كيف جندتها الأولى والشارع لصالح خوارق وملائكية صالح ! فحين أصيب في الحادث كان يصرخ حسب الصحيفة ومموليها أن "أسعفوا الناس ..أسعفوا الناس " ولا في باله نفسه ولا حتى أثرت عليه وعلى صوته الخشبي قطعة الخشب التي ذكروا أنها اخترقت رقبته!!.
كما يذكرنا ذلك حين عاد صالح من الرياض بعد علاجه وفي زمن الحرب والسلام في الحصبة، كيف أنزلت صحيفة "الأولى" في صفحتها الأولى عناوين وقصص أسطورية عن زيارة صالح للحصبة والمتضررين فيها وبسيارة واحدة، يا عيني على باتمان، وعلى الصحفي كونان.
وفيما يخص الإصلاح, الصحيفة تقول إنه يستلم 3,5 مليون من السعودية كانت تسلم عن طريق الشيخ عبدالله.. ثم أصبحت عن طريق الشيخ صادق, طيب كيف تقولوا أن الكشف جديد, وفيه اسم الشيخ عبدالله وهل من المعقول يكتبوا أنه أصبح يسلم ليد الشيخ صادق بعد أن كان ليد والده.. وهل السعودية محرجة من اليدومي لماذا لا تسلم المبلغ ليده أو ليد عبدالوهاب الآنسي لتحظي بولاء حزب كامل يؤثر على كلمته هذين الشخصين، فعلاً بدل ما أفراد الإصلاح يبهذلوا السعودية في كل صحيفة يومياً!! وتكتفي بدفع راتب للشيخ صادق كما إخوته؟.
كما أن الإصلاح معروف بأن بيت الأحمر يقدمون له عشرات الملايين من زمان ولم ينكر أحد ذلك أبداً لا الإصلاح ولا بيت الأحمر.. فليس من المعقول أبداً أن يقدم رئيس الإصلاح الشيخ/ عبدالله مبالغ كبيرة لحزبه ثم يطالب الإصلاح أن يردها إليه.. الأحزاب تعتمد على دعم أعضاءها.. وهذا متعارف عليه في كل الديمقراطيات.. أما مسألة من أين يجني أمواله فلا دخل لهم بذلك.. تكون من السعودية من إسرائيل مش ضروري أن يحققوا معاه من أين لك هذا الذي تبرعت به؟.
رغم أن نايف حسان كان ناصرياً، لكنه لا يتوان في إثبات ولاءه لمموليه الجدد في تشويه صورة أبناء شخصيات كانت قامات وهامات لهذا البلد مثل نشوان إبراهيم الحمدي (5000 ريال) ومحمدعبدالله الحمدي (5000 ريال) وعبدالرحمن الحمدي (25000 ريال) وقد يكون من الأغراض الخفية لذكر هؤلاء هو التأكيد للناصريين المناضلين ولمحبي الحمدي من كل أطياف الشعب أنه حتى أولاد الحمدي قد باعوا دماء والدهم وعمهم للسعودية المتهمة بقتله، فهؤلاء أبناء الزعيمين قد باعوا من أجل المال فلا تلوموا أبناء صالح, ولا تلوموا الصحفيين الذين باعوا منهم أيضاً.
كما حاول التقرير الانتقام من عبدالله سلام الحكيمي الناصري القدير لعدم انسياقه لمشاريع إيران وجواسيسها في اليمن!!.
ذكرت من الهاشميين فقط بيت حميدالدين والذين لا يرتبطون بمشروعهم بإيران وهو عمل استهدافي لصالح أجندة المخابرات الإيرانية وضرب خصومها من الهاشميين لصالح بيت العماد.. وأتباعهم.. كما أنه للتمويه أن الصحيفة فضحت حتى الهاشميين.
الحراك المدعوم من إيران لم يذكر مع علمنا أن الكثيرين منه استخدموا عن طريق السعودية منذ سنوات، لكن انتقالهم لأحضان إيران براء همٍ عند الشوارعيين ..
وتم استهداف الذين يناوؤن مشروع إيران في الجنوب لتحويله لبؤرة صراعات مسلحة كالعطاس ومحمد علي أحمد وعلي ناصر الذي خرج من سوريا..والذي كان كويس حين كان يدعم الثوار عن طريق أشخاص مقربين لمن صاغوا هذا التقرير ولما قطع تلك المساعدات عنهن أو عنهم بسبب اكتشافه أنهم يستخدمون اسمه لأغراض لا تخدم لا الثورة ولا القضية الجنوبية, فزعلوا منه خاصة حين قطع الصلة بهم وبمموليهم في دمشق حين غادر سوريا بلا عودة, لذلك يستهدفونه اليوم بشكل مقزز, وهو ما تتفق فيه إيران وجنودها وبقايا نظام صالح .
المبلغ الذي ذكره التقرير بأنه لعلي محسن.. ذكر ملحوظة بأنه وضع بند "دعم لحرب الروافض".. واضح أنه لصالح الحرب ضد الحوثي الذي كان يتوسع بقوة السلاح شمالاً وجنوباً وبجوار السعودية , ويقوم بطرد السكان الذين لا يقبلون باعتناق مذهب إيران , أي واحد في مكان علي محسن إن صدق التقرير والكشف يقود منطقة عسكرية يتم فيها نشوء جماعة مسلحة تستخدم الدين الوافد من قم للتوسع وإبطال دور الدولة وإحلال الإمامية بدلاً عنها, كان لابد أن يحاربها وأن يطلب الدعم من أي بلد لديه مصلحة لإيقاف إرهاب إيران خاصة أن نظام صالح كان يرفض تسليح قوات الجيش الذي يقوده محسن .. فليس من المبرر أو المنطقي مثلاً أن نرفض دعماً مادياً ولوجستياً من الولايات المتحدة لمحاربة القاعدة وإرهابها في أبين بدعوى أن الأمر خيانة , وبدعوى أنه لا يجب أن تكون هناك أمور مشتركة ومصالح أمنية معها ..!
ذكر التقرير " أن مؤتمر المصالحة في جدة "بعد حرب السبعين "كان مدخلاً أقامت عبره الرياض تحالفاً جديداً مع عدد من المشائخ المحسوبين على الجمهورية الذين أصبحوا فيما بعد رجال السعودية في اليمن وحربتها...إلخ ".
طيب قد أوافق التقرير ومعديه ..لكنهم أغفلوا أن معظم مشائخ الجمهورية الثوار آنذاك كانوا أذرعاً للنظام المصري شاءوا أم أبوا, رغم أن عبدالناصر كان يحمل مشروعاً قومياً لكنه توسعي وشخصي وحصلت من قواته أخطاء تاريخية ليس أقلها نهب آلاف القطع الأثرية اليمنية وتهريبها ..ثم تم الانقلاب على كل شركاء الثورة الذين منهم شيوخ طالبوا بإصلاحات دستورية تناسب المجتمع اليمني وفي عهد الحمدي أصبح اغلب هؤلاء مطاردين وجزءاً من المشائخ في السلطة كقادة للجيش فقط لارتباطهم بمخابرات السادات والقذافي ..هذا التهميش من الطبيعي أن يوقع البعض في حبال أول داعم وهو ما استغلته السعودية من جديد ..
على العموم تقرير الشارع ظهر يحمل مغالطات لا تحصى، هناك أسماء تم إخفاؤها .. من مصادر الشارع المزعومة .. وكان التركيز على كل من رفض الإنسياق لمشروع المخابرات الإيرانية من الهاشميين ومن الحزب الإشتراكي ومن الجنوبيين..وحزب الإصلاح والأخطر أنه صاحب حملة من شلة إعداد التقارير ضد كل صحفيي الثورة , وحاول التلميح وربما ينشر أسماء الصحفيين الداعمين للثورة بقوة في كشف جديد للجنة الخاصة ... كما أن تأخر إصدار العدد أو نشر التقرير بعد الإعلان عنه بيوم يدل أن أيدٍ خااااصة جداً أرادت تهذيب التقرير لأهداف لا اجزم بمعرفتها , كحماية أسماء لا يريدون أن تكون ضمن من يستهدفونه لقربه من الممولين أو للإبتزاز المعروف عن ناشري هذه الصحف الصفراء .
نسيم حمود
أجندة إيران والنظام في تقرير "الشارع "عن اللجنة الخاصة 2341