المحافظ الجديد لتعز شوقي أحمد هائل، إنسانٌ استبشرنا به خيراً ولا زلنا كذلك، نعرف عن الرجل أنه (نظامي) ويحب أن يعمل، ولكن ما حدث مؤخراً جعلنا نصاب بـ(الصدمة)، بل بـ(الفاجعة الكبرى)، ليس لأننا (يئسنا) منه، بل لأننا تفاءلنا كثيراً بمقدمه إلى منصبه !.
لم نتخيل أن شوقي الذي قال إنه (بكى) في ليلة المحرقة (سيُبكي) تعز وأبناءها في الذكرى الاولى لتلك المحرقة، من خلال مصادقته على قرار فصل معلمات مدرستي أسماء ونعمة رسام، وفصل طالباتها الثائرات الحرائر، وإعادة المديرات اللاتي قمن باستقدام (بلاطجة) لإنهاء مطالب المدرسات والطالبات بتغييرهن، وبعد هذا الخبر جاء الخبر الآخر ليُشعرنا أن شوقي يريد أن يختبر مدى صبر تعز وأبناءها من خلال الحديث عن قيامه بإقالة مدير الأمن العميد/ علي السعيدي، الذي شهد الأمن في عهده (أمناً) حقيقياً (ولو نسبياً) بعد رحيل مدير (الخوف) المطرود عبدالله قيران!!.
وهنا تزاحمت في رأسي الكثير من التساؤلات المُلحة عن ماذا يريد شوقي بالتحديد من هكذا قرارات؟ فهل خلت المحافظة من (المشاكل) لكي يبحث شوقي عن ثغرات (وهمية) للسعيدي؟ هل عمل شوقي على إعادة المجندين المبعدين من الجيش والأمن والمنضمين للثورة من أبناء محافظته إلى أماكن عملهم؟ وهل أُبعد القتلة والمجرمين من مناصبهم؟ أليس محمد الحاج وعبدالله أمير والشوافي وضبعان وغيرهم الكثير، أليسوا جميعاً في مناصبهم السابقة؟ هل يدافع عنهم شوقي ويهاجم عضو تكتل أعيان تعز المنضم للثورة من بداية انطلاقتها علي السعيدي المحسوب على الثورة؟.. كل هذه التساؤلات تبحث عن إجابة من الإنسان الذي لا أتمنى أن يسقط.
ورغم نفي المحافظ شوقي إصداره لقرارات الفصل التي قال إنها صدرت من لجان تحقيق مستقلة، إلا أن التساؤلات الحائرة تطل برأسها من كل مكان، تزرع في الجميع إحساساً أن الثورة لم تصل بعد إلى حيث أراد من قدموا دمائهم رخيصة في سبيل تحقيق ذلك، دعونا نعترف وبكل تجرد ومنطقية أن من أحرقوا ساحة الحرية والذين طالب الشعب بإنزال العقوبات بحقهم ما زالوا يحكموننا، وما زالوا (يقهقهون) في مكاتبهم (المُكَيَّفة) ساخرين من هتافات الثوار الأحرار الذين (يخيطون) الطريق إلى المحافظة (طالع نازل) رغم حرارة الشمس (اللاذعة) في مسيرات يومية تنادي المحافظ بتحكيم (الدستور) و(القانون) من جانب (نظامي)، وتحكيم شرع الله في القتلة من جانب (شرعي وإنساني) ومن باب المسؤولية التي يتولاها..فشوقي الآن هو المسئول عن كل صغيرة وكبيرة تجري في المحافظة، فهل يرضى هذا المسئول أن لا (يساءل) أحد عما اقترفته يداه؟ وهل من (النظام) و(القانون) أن لا يعاقب المفسد بما أفسد، وأن لا يحاسب المسيء بما أساء؟....كيف الخبر يا شوقي ؟!.
أنا هنا لا أعارض عزل شخصٍ ما إن ثبت تقصيره في عمله، فكلنا سنكون مع شوقي في ذلك، ولكن بالله عليكم : هل العمل الموكل إلى (ضبعان) – مثلاً – هو قتل الناس وقصف المدينة المسالمة والتآمر على الثورة والثوار، إن كان الجواب (نعم) فإن ضبعان أثبت جدارته بكل ذلك، وهو يستحق الترقية والنياشين والأوسمة، فلم يقصر في شيء، بل أنه كان (ملكياً) أكثر من الملك، وحاقداً على (تعز) أشد من الحقد ذاته، وحقق المطلوب بدرجة (امتياز) مع مرتبة (الخزي والعار)!.
أتعجب عندما أرى الحقيقة أمامي، فوكيل المحافظة (الشوافي) لا زال يسرح ويمرح دون خوفٍ من أحد رغم كل ما فعله في الماضي، بينما(عبدالله أمير) وهو المثقف والشاعر صاحب القلم الرشيق، يتخلى عن ثقافته، ويستدعي ثقافة (القطيع) ليرتقي في ميزان العائلة، يتخلى عن قلمه ويمسك بـ(السلاح) لدحر الثورة التي جاءت من رحم الشعب، يترك (الشعر) و(المشاعر) ويتحول إلى أداة، يبرر قتل الناس، بل ويحرض على ذلك، فكيف بالله يظل مثل هؤلاء في مناصبهم، وكيف يكوِّن مثل هؤلاء (طاقم عمل) للمحافظ شوقي والذي لم تأتي به إلى منصبه أسرته التجارية العريقة ولا خبرته القيادية ولا أناقته ولا غير ذلك، وإنما أتى بفضل الثورة والثوار..الثورة نفسها التي أعمل فيها (طاقمك) – يا سيادة المحافظ - قتلاً وتنكيلاً وبلطجة وإحراقاً وتعذيبا !.
سيادة المحافظ.. أتتذكر عندما كنت رئيساً للجنة الخدمات والتخطيط في المجلس المحلي، يومها كنت تقول أن هناك من يقف حائلاً بينك وبين خدمة محافظتك وأهلها، وهما حمود الصوفي المحافظ السابق ومحمد أحمد الحاج أمين عام المجلس المحلي، فكيف راق لك محمد الحاج الآن؟ وكيف أصبحتم (سمن على عسل) رغم أن هذا الشخص هو من أكبر المتهمين في قضية محرقة ساحة الحرية، فهو من طلب (ستمائة مسلح) لكي يخوض بهم محرقة (الحقد الأسود) والتي هدف من خلالها إلى إخماد شعلة الثورة في محافظة الثورة الأولى، هل هذا الشخص الذي (تتصابح) بوجهه كل يوم في مبنى المحافظة هو ذات الشخص الذي كان يقف حائلاً بينك وبين تقديم الخير لتعز، أم أن الأمور قد تغيرت بتغير (المناصب) وتبادل (المصالح) بين (الحاج) الذي أحرق العباد ذات ليلة جنون، وبين محافظ استبشر به أهل (المحروقين) عند سماع اسمه في القرارات الجمهورية، تفاؤلاً منهم بأنك ستقتص لهم، وستعيد لهم حقوقهم، وأنك ستقدم الخير لمحافظةٍ عانت كثيراً لتصل إلى إيجاد (المحافظ) الذي يحافظ عليها فعلاً بعد سلسلة من (المحافظين) الغير محافظين،, لكن يبدو أن التفاءؤل كان في غير محله؟!.
سيادة المحافظ..أرجو أن لا تكون أنت (الدرع الواقي) الذي يحتمي به (فلول) النظام السابق والراغبون بالزج بك في أتون صراع مع أبناء محافظتك قد يقضي على كل آمالنا فيك، بل قد يقضي على كل حلم لهذه المحافظة الراغبة في الهدوء والسكينة، بعد أن عاشت ردحاً من الزمن تئن تحت وطأة الألم من فسادٍ لم ينتهِ، وفاسدين انتشروا في كل مفاصلها، فأصبح استئصالهم (هماً) يحتاج إلى طبيبٍ جراحٍ ماهر!!..
طارق فؤاد البنا
التفاؤل بشوقي كان وهماً 2530