صدق عز وجل القائل في محكم كتابه ((وتلك الأيام نداولها بين الناس)) يأتي الحكم الصادر ضد الرئيس المصري السابق/ حسني مبارك بالسجن "المؤبد" متزامناً مع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والتي ستكون المنافسة فيها محصورة بين مرشح الإخوان المسلمين الدكتور/ محمد مرسي ومرشح النظام السابق أحمد شفيق..
ولهذا التزامن العديد من الدلالات والمعاني والمغازي، وخاصة إذا جاءت النتائج لصالح محمد مرسي وفوزه في الانتخابات، حيث نرى آية من آيات الله: الفرعون إلى سجن طره الشهير والمعارض المظلوم إلى دار الرئاسة والسلطة، بل إن طبيعة المنافسة الانتخابية تعتبر امتداداً للصراع المرير بين الإخوان المسلمين ونظام مبارك القديم، فالحق أن الإخوان عانوا وقاسوا أثناء حكم مبارك معاناة شديدة وقاسية وظالمة، كما عانى وقاسى الشعب المصري أو غالبيته، إلا أن معاناة الإخوان كانت أشد وطأة وبشاعة.. لأجل ذلك فإن مجرد أن الإخوان المسلمين ينافسون على منصب الرئاسة وفوزهم في البرلمان، وهذه الحرية التي يتمتعون بها، هذا في حد ذاته نعمة من الله عز وجل عليهم وتعويضاً عما لحق بهم وأصابهم ليس فقط أثناء حكم مبارك وإنما منذ عام 1954م، وبالتالي فإن على الإخوان أن يذكروا نعمة الله عليهم ويقدروها ويشكروه عليها ويتواضعوا لله عز وجل ثم للناس، فما حصلوا ويحصلون عليه ليس من قوتهم ومن عند أنفسهم وإنما هو من فضل الله عليهم ورحمته بهم.
عليهم أن يغلقوا أبواب الماضي ويفتحوا أبواب المستقبل، وأن يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع الآخرين، وأن لا تغرهم السلطة والصدارة وأن يبتعدوا عن الظلم والحيف بكل أشكاله وأنواعه.. وفي سياق الأحكام الصادرة ضد مبارك وأبنائه وأعوانه، فإن على الإخوان وبقية القوى السياسية عدم التدخل في أحكام القضاء والمؤسسة القضائية، وأن تسير الأمور وفق الشرع والقانون، وأن يتركوا أي نزعات ورغبات بالثأر والانتقام أو أي شماتة بالآخر.
عبد الفتاح البتول
مرسي إلى دار الرئاسة ومبارك إلى سجن طره 2013