ما يتحتم على الشعوب العربية الاتجاه إليه بعد الربيع العربي، هو الدولة المدنية وإلا فإنها ستخرج من دكتاتورية الأنظمة الفاشية إلى دكتاتورية الأحزاب ذات التوجهات المختلفة.. وستحاول تلك القوى فرض وصايتها على المجتمع بشعارات زائفة، وستعيد إحياء الدكتاتوريات العربية بصور أخرى.
إن وظيفة الدولة الأساسية تكمن في توفير أجواء خلاقة من الحرية لكافة مواطنيها، تضمن عدم تحول تناقض الأنماط إلى صراعات دينية أو مذهبية وبقائها في إطار التعايش الاجتماعي والسلم الأهلي، فإن تساهلت الشعوب في أهداف ونتائج ثورتها فلا تلومن إلا نفسها، وليس لها أن تسأل بعد ذلك عن حرياتها وحقوقها.
لذا فإن الدولة المدنية لا تتخذ مواقف مسبقة ومناوئة للقيم والنظم والقوانين الدينية، لأنها تقوم على قيم إنسانية أساسية محفورة في نظامها الأساسي، في مقدمتها التسامح واحترام الحريات الفردية والعامة، وتنظيم خلاب لتعدد وتنوع المجتمع.
فالدولة ملقى على عاتقها مهام وواجبات محددة ومؤطرة لا يجوز لها تجاوزها إلا بما يحفظ الصالح العام، فالدولة مؤسسة تقتصر مهمتها على تنظيم وإدارة المجتمع، وتستند على سنن ونواميس خاصة بها، بعيدا عن معتقدات الناس وطلاسم الطائفية والمذهبية، وان كان عليها كمؤسسة بل من أهم واجباتها تجاه مواطنيها هو تنظيم الشئون الدينية لشعبها، واحترام قوانينها العامة لقيمهم الروحية والأخلاقية، وحماية حقوقهم في حرية العبادة والاعتقاد والتدين وتطبيق الأنماط الدينية والاجتماعية، مهما كانت متناقضة ومتضاربة.
إن الشعوب العربية اليوم أمام مفترق طريق، فإما الدولة المدنية الدستورية والحرية والديمقراطية وإما العودة إلى الاستبداد وحكم الفرد والحزب الشمولي.. فماذا ستختار شعوبنا العربية يا ترى ؟.
إيمان سهيل
إلى أين يسير بنا الربيع العربي؟! 1972