الـ 29 من مايو يوم محفور في ذاكرة تعز وساكنيها، اليوم الذي أحرقت فيه أكباد أمهات من اُحرقوا نياماً في خيامهم بساحة الحرية بتعز، وهاهي الذكرى الأولى للمحرقة تطل وتصدح شوارع تعز في صباح هذا اليوم بصوت واحد (لا حصانة..لازم يعدم من أحرق ساحتنا لازم يعدم )..
اليوم الذي تقاطرت السيول البشرية فباتت مسيرة مليونية تضم الرجال والنساء كباراً وصغاراً من داخل المدينة وخارجها، راجلين ومعاقين وتحت أشعة الشمس الحارقة لتجوب شوارع المدينة وتجدد الوفاء لشهداء المحرقة وتطالب بمحاكمة القتلة المتسببين في المحرقة والتي حصدت الأرواح وأحرقت الخيام والأشجار بحقد مصبوب نيران بأجساد الثوّار في ساحة تعز.
تعز الذي لا يشك فرد فيها يحبها في أنها شعلة الثورة،ذات يوم أحرقوها ظناً منهم أن ساحتها ستنكسر ولكن هيهات ما حدث فاق التوقعات، فتعز باتت بشوارعها ومنازلها ساحات حرية، ففي كل شارع وكل مديرية نُصبت الخيام وعلت الأصوات وكأن الحرائق أشعلت فتيل الحماس أكثر في نفوس المدينة، ففاضت المدينة بالساحات وحطمت مساعيهم الشريرة لتمزيق روح الثورة في هذه المدينة الحالمة..
مجرد الحديث عن المحرقة بالأمس ونزيف الفؤاد على من احرقوا مرهق ومؤلم رغم فداحة التشبث به، فتعز مازالت تنعي أبناءها الثائرين..
وبينما الشموع تضاء عشية الذكرى وفاءً للشهداء وهناك أصوات من مسيرة ليلية تجوب شوارع المدينة أبت حروفي إلا أن تنطق هي الأخرى وتكتب:
لمن اُحرقوا : جُرح لم يزل يقطر دماً وندى جراح تشتعل !
لأُسَرهم : سَقَطَ السَيفُ ولَم يَبقَى حِصانَة وتدور الاسطوانة !
لمن تبقى : لا سلام، لا كلام / لا مقالة!
لي أنا : إِنفَطَرَ القَلبُ قُروحاً فهُمومُ الصَدرِ فِي القَلبِ تزداد بدانة..
وتظل تعز شعلة الثورة..
أحلام المقالح
تعز..شعلة الثورة ومحرقة لم تنطفئ! 1923