25/5/2011م يوم لن يمحى من ذاكرة أبناء تعز الثائرة، ما حدث لم يكن ليخطر على بال أبشع مطابخ الإجرام، مشهد ستعجز هوليود بكل إمكانياتها وخبراتها في أفلام الرعب عن إنتاج مثله، مازلت أتذكر تفاصيل تلك الليلة المشؤومة تماماً ومازال الحريق في داخلي، مشهد الثوار وهم يسيطرون تلك الملحمة البطولية في الدفاع عن ساحة جريمتهم بأجسادهم البريئة لا بد أن يتحول إلى دروس في الإرادة للأجيال القادمة..
نيران الحقد التهمت كل شيء ولا ثمة موطيء قدم، كانت السماء تمطر رصاصاً وقذائف والأجواء مخنوقة بسموم الغاز والحقد والعقول سلبها هول ما يحدث حتى مجرد التفكير في الدافع والمدفوع، ليلة اختزلت ثلاثة عقود من القهر والهمجية وكانت تعز عند مستوى التحدي، لم تنم ليلتها في انتظار الفجر القادم وانبلاج الصبح الذي لا يساورها شك من قرب بزوغه..
أشرقت شمس اليوم على آثار جريمة بشعة استنفذ المجرمون فيها كل إمكانياتهم وقدراتهم في الدمار، أفرغوا مخزوناً هائلاً من الحقد الأسود في قلب المدينة التي استثمروا صمتها لسنوات طوال ثروات وسلطة ثم انسحبوا معتقدين أنهم أعادوها للصمت مجدداً وأن شلال الحرية الهادر الذي تدفق من تعز ليروي كل الوطن قد تم إيقافه.
لا شك في أن الرئيس السابق هو من تولى كبر تلك الجريمة، ولا شك أيضاً أنه كافأ المنفذين بسخاء يوازي لؤمه وحقده على تعز، شربوا دماء الأبرياء كنخب انتصار مؤقت واعتقاد واهم بأن الثورة انتهت بالمحرقة، لكنها تعز بوابة الوطن المشرعة للخلاص والانعتاق من الشدائد والمحن لم تتأخر في الرد، تحولت كلها بقراها ومدنها إلى ساحة حرية بحجم الوطن وآماله وتطلعاته، تدفق ينبوع الحرية في كل بيت بقوة وإيمان وصلابة كصلابة جبل صبر.. ومضت تكتب السطر الأخير من سفر الخلاص.
وها هي الذكرى الأولى لتلك الجريمة تحل على تعز بحقيقة أخرى لا تقل بشاعة عن المحرقة، حقيقة إن الذي احترق في تلك الليلة ليس الخيام والأجساد بل القيم الأخلاقية والإنسانية لأولئك الذين منحوا القتلة حصانة من المساءلة وكبلوا يد العدالة بمبادرة بات جلياً أنها بحاجة إلى مبادرة لإنقاذها ولن تكون هذه المرة من الخارج، ثقوا جميعاً أن المبادرة الحقيقية لتطهير البلاد من بقايا العائلة وكل من سفك دماء الثوار في كل الوطن ستأتي من تعز.
أكرم ياسين المساح
وما زال الحريق في داخلي 1734