بدت تعز في نضالها أول ما بدأت كحديقة غناء جمعت في ساحتها كل الأطياف الوطنية في تناغم جميل ونضال مدني ناضج يستند إلى درجة عالية من الوعي والتحضر عكس المستوى الثقافي المتميز لأبناء المدينة الحالمة ورغم الشهداء والجرحى تمسك هؤلاء الأبطال بسلميتهم وكانوا الأقوى بإيمانهم بشرف المقصد وعدالة القضية , هكذا بدأت ساحة الحرية بتعز بمجموعة من الشباب الطاهر ثم انضم إليهم المئات و توسعت المساحة لتكبر يوماً بعد يوم كضياء يشرق على وطن جديد يزف تباشير صبح طال انتظاره ويبث في الأنفس أملاً تلألأت أنواره , حينها حاول الظلام أن يبسط سطوته، أن يحجب الشمس بأشرعته الممزقة, صوب رصاصاته وقتل من قتل وكلما زاد في غيه يزداد الفعل الثوري زخماً والشباب الفتي ألقا وكأن الأرض المباركة تنبت أرواحاً جديدة كلما سقاها الدم الطاهر ؛ لتؤرق بصدورها العارية مضاجع الظلاميين.
بلغ الحقد مبلغه وأعمى الغيظ البصائر فمكروا وكادوا وأعدوا للضياء محرقة ولم يتبق سوى المبرر الذي يتخذونه عذراً لتنفيذ المهمة القذرة , تكالبوا من كل ناحية فلا تكاد تسمع إلا أزيز الرصاص ولا تكاد ترى إلا لهيب نار تلتهم كل شيء؛ حتى العجزة والمعاقين حركياً وحصد الحقد أرواحاً مؤمنة وأدمى أفئدةً ملئت كرامة وقلوباً نبضت حرية , إنها جريمة اهتز لها وجدان كل صاحب إحساس إنساني فضلاً عن يمني مسلم.
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين, فبعد أن ظنوا أنهم بفعلتهم هذه أحرقوا النضال وقتلوا الحرية تفاجأوا أن تعز كلها ساحة حرية فالحرية لم تكن ساحة وخيمة لكنها روح وثابة فتية, تخلصت من أغلال القهر والظلم ولم يزيدها القتل إلا بأسا ولم تزيدها الدماء إلا عزيمة , فجن جنونهم وقصفوا المدينة وقتلت النساء وعاشت الحالمة أياماً من الدمار والقصف العشوائي الظالم , والمؤلم من هذا كله والأشد أسفاً اشتراك مجموعة من المحسوبين على هذه المدينة العظيمة في ذلك الجرم ومباركة قيادات تعزية كنا نحسبها من تعز؛ إنهم ليسوا من أهلها، إنهم عمل غير صالح, وظلت تعز شامخة بأحرارها وحرائرها وستظل العزة والكرامة في هذه المحافظة إرثاً يتوارثه الأجيال وتاريخاً يحكي قصة الكرامة في مواجهة القهر.
تغريدة..
الحرية لم تكن ساحة وخيمة لكنها روح وثابة فتية, تخلصت من أغلال القهر والظلم ولم يزدها القتل إلا بأساً ولن تزيدها الدماء إلا عزيمة.
توفيق الخليدي
سقطت الساحة ولم تسقط الحرية والكرامة 2021