;
2012-05-28 15:47:34


أرى البشائر تترى في نواحيها.. من بعد يأسٍ طغى من فعل طاغيها
من مصر!

كنت حريصاً أن أكتب هذا الأسبوع حول بشرى بدت لنا يوم 22 من هذا الشهر "مايو" المناسبة الثانية والعشرين لإعلان الوحدة المباركة التي حققها الشعب كله لنفسه بلملمة نفسه، والإصرار على التمسك بها لماَّ خرج من يعلن الانفصال والحرب، ثم بكى واشتكى، ثم صدق ذلك بعض السذج مصدقين أن حرب 94 كانت ظالمة، عدوانية من قبل شخص على شخص، أو جهة على جهة، أو حزب على حزب، أو نظام استبدادي قديم على النظام كان مثله وأشد، وكل ذلك غير صحيح، بل الصحيح الذي لا شك فيه هو أن الشعب بشماله وجنوبه بجيشه وطلائعه دافع عن الوحدة لتثبيتها، وإن كان كل من القطبين يتحملا وزر ما وصلت إليه الأمور حتى وصلت إلى حالة قرارات خاطئة مفرقة وممزقة نتيجة مماحكاتٍ بين شخصين، وأنانية مفرطة متبادلة، عرّضت الوحدة للخطر وأوصلت الشعب إلى أحد أمرين أحلاهما مر، فأما الاحتراب وأما الانفصال.
 والذي أردت هنا أن أشير إليه قبل الدخول في موضوع اليوم هو أن هذا العيد "22" الذي مر علينا قبل أيام مختلف عن كل الأعياد السابقة والتي سبقتها من المناسبات الأخرى، وإن كدر ما حصل من تفجير قبله بيوم قرب المكان الذي كان سيقام فيه الحفل "السبعين" أودى بكثير من القتلى والجرحى الأبرياء، لكن البشرى والفرحة عمت أكثر الناس برؤيتهم رئيساً جديداً، وفخامة جديد، ومنطقاً جديداً، متفائل، صادق، واعد وكان هذا الذي سأقف عنده مع خلفيته وأبعاده وما يرجى بعده ولكن سأذهب إلى مصر.
مبشرات من مصر
المبشرات من مصر ـ قديماً وحديثاً ـ كثيرة كثيرة، تتناسب ومكانتها موقعاً وسكاناً، وتاريخاً، وإسلاماً، وعروبة، وإنتاجاً مختلفاً ألوانه، ولن نتعرض لتلك البشائر ذات التاريخ الناصع والتأثير الرائع، لكني سأقف ـ فقط ـ مع بشائر النصر، وآمال المستقبل التي تتابعت منذ إنبجاس ثورتها السلمية في بداية العام الماضي.
فكانت البشرى الأولى: سرعة مبادرة الشعب المصري بالنزول إلى ميدان التحرير فور سقوط الصنم الأول في تونس، وإزالة الصنم والطاغوت الأكبر في مصر، صاحب الجدر الفولاذي في وجه الفلسطينيين ولكي يثبت أنه قادر على أن يخمد الثورة في أيام وليس كصاحب تونس، فأطلق زبانيته مسعورين، مستعملين كل وسائل الإخماد، حتى عادوا إلى شرخ الرؤوس بالفؤوس، وركوب الجمال والخيل مسلحين بالسلاح الأبيض، مداهمين الميدان بخيامه ومرابطين فيها بدون أي سلاح، فقتلوا وجرحوا، وهزموا وفضحوا وكانوا قبل ذلك قد استعملوا مختلف الأسلحة الحديثة، ودخلوا بالآليات العسكرية،ومشوا بها فوق الناس.. فماذا كان؟ صبر وثبات أعيى المعتدين فردهم على أعقابهم خاسرين، فتأكدت البشرى أن النصر قادم، عاجل.
وكانت البشرى الثانية: سرعة تهاوي الصنم، فقد سرى الرعب في فرائصه، واليأس في نفسه وأيقن أن الذي صب على فرعون قبله سوط عذاب له بالمرصاد، خاصة أن جرائمه قد كثرت، وقد أحاطت به خطاياه من كل جانب، فبدأ يتنازل عن مواقعه واحداً واحداً، ويئس من كل من حوله، وعين نائباً هو أقرب منه إلى الشر، أبعد منه عن الخير، وظن أن الشعب راضٍ عنه كما هو وإسرائيل، فنفر الناس من ذلك القرار نفوراً شديداً، وسرعان ما قرر التنحي عن كل مواقعه، فكان ذلك بشارة وفتحاً على المصريين والليبيين، واليمنيين، إذ خرجوا متفائلين، مع علمهم وإدراكهم الفروق بين الأوضاع المختلفة.
وكانت البشرى الثالثة: حياد الجيش بمختلف تكويناته:
كان ذلك من قبل القادة العسكريين حتى المقربين والأقربين، وهو دليل على ذكائهم، وحسن تصرفهم، لا خيانة لصاحبهم، ولا حباً في ثورة الثائرين، لكنهم أدركوا أن صاحبهم قد أدركه الغرق، وأنها فرصة قد حانت للتخلص من كابوس جثم فوق رؤوسهم عقوداً، يتصرف بكل شيء وليس معهم منه أي شيء، سوى الرواتب والرتب فتخلوا عنه، ورفضوا الأوامر بضرب الشباب المتظاهرين، فأثبتوا بذلك أنهم يقدمون مصر وشعب مصر على الزعماء والزعامات.
وفي الوقت نفسه استمروا حاكمين بمجلسهم العسكري الأعلى، يصرفون الأمور، ويرقبون الميدان وتحركات كل الاتجاهات، معلنين أنهم مع الديمقراطية، ومع خيارات الشعب المصري يحمون الشرعية أياً كانت، وأثبتوا ذلك بموقفهم من انتخابات مجلس الشعب، ومجلس الشورى، ومحاكمات المتهمين بالبلطجة، وموقفهم من الانتخابات الرئاسية، أخيراً وإن دفعوا بمرشحهم شفيق دون إعلان ذلك، لكنهم لا شك قد سهلوا له له وسائل لم تظهر، وهو الأقرب إلى قلوبهم، بل مرشحهم الحقيقي، ومع ذلك يظل الجيش المصري أفضل الجيوش العربية.
البشرى الرابعة: سقوط قلاع الطغيان:
كان للنظام الفرعوني في مصر قلاع يتحصن فيها وبها: تشريعية ـ عسكرية وأمنية ـ مالية واقتصادية ـ فسارع الثوار بمن يقودهم من الأحرار إلى إسقاط مجلس الشعب "مجلس الحاكم" المزور، ومجلس الشورى الذي كان رديفاً لمجلس الشعب، وهو بأكثره معين، وقدموا وزير الداخلية للمحاكمة وقد كان الباطش الأول بالشباب، أو يد الحاكم التي يبطش بها، حتى حكم عليه وأودع السجن، وقدموا الطاغية للمحاكمة وشهد الناس أصولاً جيدة من تلك المحاكمة، لكن يبدو أن المجلس العسكري له دور كبير في عرقلة المحاكمة، وتأخيرها وربما له رجاء.. وطاردوا رموز الفساد المالي والاقتصادي في حدود ضيقة، لكنهم بدأوا بداية جادة غير مترددين، لذلك لم يحتاجوا إلى قوانين تستجدى من أية جهة لهم أو عليهم، بل بدأوا بالتصحيح في الجانب التشريعي والجوانب الأخرى.
خامساً: ظهور الحقائق كما هي:
منذ زمن طويل والشعب المصري لا يسمع ولا يرى إلا تزييف الحقائق: فالوطني الذي يفدي شعبه ووطنه بنفسه خائن! والخائن الذي لم يحمل الأمانة لأنه غير أهل لها أمين مؤتمن!
والهزائم انتصارات، والمهم في الأمر بقاء الحاكم لم يُصب بأذى، وللحاكم أن يتهم من يشاء بأنه يريد قلب نظام الحكم ـ الحك الرشيد ـ ويحيله إلى محكمة عسكرية، وسيتعجل، الحكم فينفذه دون تلكؤ، فهو المدعى، والقاضي، والمنفذ، والمتهم المسكين، يلقى من أول يوم في السجن، وقد يوصى به أن يأخذ نصيباً كافياً من التعذيب والحرمان.
وكم وكم من الحقائق التي كانت مغيبة، حل محلها الزيف، والكذب والدجل.. حتى أنبلج صبح الثورة السلمية المستنيرة، فبدأت تتجلى الحقائق وتظهر، وعلم المصري أنه كان مخدوعاً بإعلام وجد من أجل الحاكم، وسخر تسخيراً كاملاً لإظهار تحركات الحاكم ومواكبه، وأقواله وخطبه، نشر الفساد الذي يغضب رب العباد، أظهرت الثورة أن المتهمين هم الصادقون الأبرياء..
وهناك مبشرات أخرى من ثمار الثورة، جاءت للمصريين وغيرهم.
وإلى بشرى أخرى ـ أو مبشرات.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد