عندما تداهمنا ساعة المغيب لانقضاء نهارِ طويل وعندما تنساق إلينا تلك الأوجاع والتي من شدتها لا نستطيع النهوض.. نفكر ما هو الدواء الذي يشفي الروح من مصابها ولكن عبثاً نحاول، فهناك آلام ما لها علاج.. كم هي قصيرة هذه الدنيا، قاسية تلك الأيام، لئيمة تلك الساعات التي تأخذ منا من نحبهم ولا تسوق إلينا غير المصائب.
بكيتُ ولم تتوقف دموعي ولكن لم أستطع إزالة ذلك الألم من صدري وأقتلعه من جذوره.. فآهٍ يا أحبتي.. إخوتي.. يا أبناء وطني الغالي.. يا جنودنا الأبرياء تغمد الله أرواحكم الطاهرة بواسع رحماته وجعل رياض الجنة تباشير استشهادكم وتضحياتكم وألهم أهلكم وصحبكم الصبر والسلوان ولسنا نحزن عليكم فحسب، بل نكاد نموت كمداً، فماذا جنت أرواحكم الطاهرة لتكافأ بهذه الوحشية؟.. نعلم أنه مقدر ومكتوب ولكننا لا نستطيع إلا أن نشير بأصابع اتهامنا إلى كل عابث ومستهين بأرواح الأبرياء، بأنه لن يفلت من ثورة البركان التي في قلوبنا وصدورنا ومهما دارت الدوائر لا بد أنها ستأتي بهم يوماً من الأيام.
الإهمال والتسيب جزء من القضية إن لم يكن لبها، وكذلك المكر والدهاء، كل ذلك طبخة مستوية على نار هادئة وإلا لماذا دخل ذلك المتسلل بين صفوفكم؟ وهل إلى هذا الحد أرواحكم رخصية؟ وكيف استطاع أن يشق صفوكم ويتسلل دون علم ولا دراية؟.. هذا محال!.
بالنسبة لي لم أستطع فهم كل هذه التناقضات التي تدور في خاطري.. لماذا جميع بلدان العالم توجد لديهم أجهزة وكاميرات حتى محلات البيع والشراء ونحن دولة بأكملها لا نستطيع وضع كاميرات مراقبة لتنظيم الجيش ومعرفة شخصية كل جندي شارك ويشارك في حفل وغيره من مناسباتنا الوطنية..
وهل وصل بنا الحال إلى درجة أن يساق الجنود كما القطيع دون معرفة من ذوي الاختصاص من ومن ومن...؟! ذلك الجندي وهويته وتواجده أو تغيبه وهل هناك غريب بين الصفوف؟ أسئلة تطرح على كل ذي عقل!! الأمم تطورت وتقدمت في مجال التكنولوجيا ونحن لا نزال كما كنا.
نعلم أنها أيدٍ خفية خبيثة تدبر وتخطط وكان لها ما أرادت ولكن أين نحن من الأقوال العظيمة عن أجدادنا "من خاف أمِن وسلم"، لا بد أن نفهم أن أرواح أولادنا.. إخواننا.. أزواجنا، ليست عبثاً وجودها وأن هذا الجندي المستهان به ومسلوب الحقوق لم ولن تكون روحه رخيصة إلا لوطنه ومن أجله فقط.
متى ستأتي ساعة الاعتبار لنعتبر مما جرى ويجرى، فكرامة ذلك الجندي هي كرامة وطن بأكمله، فهو قد أاسترخص تلك الرواح لأجله فأين كرامة تلك النفوس الحرة؟.
لن تجدي الدموع لفقدانكم ولكننا نترحم عليكم بالقدر الكبير الذي يعترينا من ألم لذهابكم دون معرفةً منا لماذا؟!.. يا شهدا 22 مايو المجيد دعواتنا تتبع رحيلكم عنا بالرحمة والمغفرة وليست روحك رخصية لأنك جندي كما يعاملك الكثيرون، بل هي أغلى من أرواحنا ولن نهدأ ولن ننام حتى نرفع علم اليمن عالياً طاهراً نقياً من كل ما يدنسه ويتلاعب بأرواح أبنائه ويشوه ذلك الوجه الحسن.. لن تذهب دماؤكم هدراً وهباءً فالوطن يستحق التضحيات... فيا حسرتاه.. ليست عليكم فأنتم تزفون إلى جنات النعيم بشراكم بالشهادة ولكن على كل خائن وعميل ومتخاذل عن حب وطنه.. يا حسرتاه عليكم قد خسرتم أنفسكم، أما الوطن فلا يتشرف بأمثالكم..