القاعدة في منطق الثورات أن لا يبقى مظلوم أسير مظلمته ولا يستمر بمجيئها ظالم على بغيه وظلمة لغيره ولا يمكن للضحية أن يظل ضحية والجلاد جلاداً ولا المسألة مجرد تبادل للأدوار بينهما إذا كان ثمة ثورة بالفعل لها قيمها وأخلاقياتها ، ولا تستثني الثورة فئة مظلومة وترجئها إلى إرادة وقرار ظالميها ومستغليها ..سواء كانت الفئة فرداً أم جماعة..أو منظمة، ناهيك أن تكون مدينة يربو سكانها على ثمانين ألف نسمة ..!!
أكاد أجزم أنه لا توجد على تراب اليمن مدينة أكثر ظلماً وخذلاناً من مدينة القاعدة الواقعة للأسف في نطاق محافظة إب.. وهي المحافظة التي يطغى مركزها على أطرافها بالذات المتاخمة لمحافظة تعز كالقاعدة التي لم تصنف حتى عزلة فضلاً عن مديرية، فهي تتبع قرية نائية وبدائية تنعت بـ"خنّوه" ضمن عُزل مديرية ذي السفال رغم كبرها وتناميها سكاناً وعمراناً، يقابل هذا التوسع بإهمال رسمي طيلة عقود النظام السابق الذي كان يعاقب هذه المدينة بسبب واهٍ لأنها لم تُنجح خيل السلطة فيها يوماً، فهي مابين إصلاح ومستقل.. وهذا لعمري أقبح عذرٍ من ذنب، غير أن خذلان مدينة القاعدة بدءاً من أبنائها الذين جمعتهم الجغرافيا الوطنية من الجهات الأربع ليجدوا أنفسهم في مدينة "للـبـدون" تعيش خارج التنمية، غارقة بالتخلف والفساد والحرمان حتى من الخدمات الأساسية وما من أحد قد مثلها أو تحدث باسمها أمام الجهات الرسمية وأفلح في تغيير النظرة الرسمية الدونية لهذه المدينة، لكن سرعان ما تتحسن أوضاع أشخاص على حسابها ويتحولون إلى عوائق دون نهضتها والاهتمام الرسمي بها!!.
اليوم وقد أفل النظام السابق الذي كان يختزل القرى والمدن والمحافظات والأقاليم بأشخاص يغدق عليهم بأسباب الرفاهية، فيما هؤلاء يسدّون فجوة عجزه وتخليه عن استحقاقات التنمية لهذه المدن والبلدات، فيمارس هؤلاء مهام التهريج والمديح باسمها لرأس النظام "والهنجمة" والاستقطابات البليدة للوقوف ضد التنمية في مناطقهم وتزييف وعي الناس وتبرير تعثر المشاريع وأهميتها وفشل التنمية في مناطقهم بمقابل تضخم مصالحهم وثرواتهم على حسابها أرضاً وإنساناً!!.
وهذا لم يكن شأن مدينة القاعدة وحدها، فمدن مثل الراهدة وباجل والمخا وميدي ودمت وريمه ورداع ولودر وخمر وشفر والبقع وحرض والطويلة وسيحوت والعدين ويريم وغيرها من المدن المهمشة تعاني الحال نفسه.. لكن مدينة القاعدة أكثر مظلومية ومعاناة وخذلاناً رسمياً وأهلياً !!.
الجدير بالذكر أن شباب مدينة القاعدة الأحرار الذين كانوا من أوائل شباب الثورة في تعز وإب وأمانة العاصمة بصدور عارية هم اليوم يهتفون لغد جديد يخرج مدينتهم من عزلتها في محافظة إب ومحافظها في الجاهلية والإسلام /القاضي احمد عبدالله الحجري الذي افلح في مواقفه مع الثورة الشبابية السلمية وسجل أجمل المواقف تجاه الثورة لكن تجربته كمحافظ مسئول عن التنمية بهذه المحافظة فيها نظر وأكثر من نظر، لاسيما في مدينة القاعدة جد فاشلة فضلا عما عرف عنه من تسويف وتكاسل عن أداء الكثير من الواجبات والمهام والتباطؤ في انجاز كثير من القضايا الملحة وقلة الحزم تجاه قراصنة الأراضي في مدينة إب مركز المحافظة وغيرها ..فيما اليوم سكان ومواطنو مدينة القاعدة يرون جارتهم مدينة تعز الحالمة تتململ لتزدهر ويصلح شأنها في ظل قيادة المحافظ النشط شوقي هائل..الذي يشبهه المتفائلون بمهاتير محمد!!
وهذا يغري أبناء هذه المدينة بضرورة النضال من اجل فك ارتباط مصائرهم ومدينتهم من محافظة الحجري المغيبة لهم من عهود المحافظين السابقين طيلة ثلاثين عاماً من الضياع!!
ربما تعز التي تمد القاعدة بالخدمات من كهرباء وتعليم عالي ومستشفيات وتجارة وأسواق باعتبارها العمق الحيوي والبشري لمدينة القاعدة والمكون الأول لثقافتها المحلية، فيما إب لا تعزز فيها إلا مشاريع تزداد تعثراً ومسؤولون ونافذون يزدادون إجحافاً بالمدينة وسكانها ومصالحها التنموية.!
وللعلم نحن اليوم أمام حراك فعلي لإعلان مدينة القاعدة مديرية تتبع محافظة تعز رسمياً وبإرادة شعبية وسكانية عمادها الشباب وإن تضررت مصالح بعض الأفراد لتزدهر المصلحة العامة وتنتهي مسيرة فشل الإدارة بالنافذين والأزمات وتأتي هذه القضية متناغمة على طريق الحوار الوطني ..الذي لن يغفل قضية ولن يتجاوز مطلب عادلاً ولن يقصي مكوناً ديمغرافياً على مستوى محلي أو وطني .
عبدالسلام البعداني
القاعدة مظلومة 1946