دولة إسلامية شبيهة بمجتمعنا العربي, ذكر تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2001م ضمن ما قال إن ترتيبها التاسع في العالم من حيث التنمية ومعنى هذا أنها تخطت كثيراً من الدول العملاقة اقتصادياً في فترة زمنية ليست بالطويلة تحولت خلالها من دولة مهمشة ومستدانة إلى دولة مصدرة ودولة محورية ودولة ثابتة اقتصاديا رغم الصعوبات المختلفة التي واجهتها في البداية، فقد كانت من أفقر دول العالم، ومن أهم الصعوبات التي واجهتها في تلك المرحلة التعددية العرقية والثقافية التي جعلتها أكثر عُـرضة للصراعات الأهلية، ومع هذا استطاعت تجاوز هذه الصعوبات, وبعد أن كان سكانها عمالاً عاديين في الدول الأخرى بل ويعملون في مهن بسيط، جداً أصبحوا الآن يمارسون أرقى الأعمال في وطنهم ولا تكاد تجدهم في الدول الأخرى إلا في مناصب عالية وبميزات وحوافز خاصة، إنها ماليزيا الدولة التي لم تكن لتنجح في صنع هذه النهضة لو لم تتكاتف جهود الجميع فيها ولولا حرصهم على تجاوز تلك الصعوبات عملياً, وكان من أهم ما دفع بها إلى ذلك هو الحرص على الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا، فأحدثت نهضة تنموية غير مسبوقة أدهشت العالم،ففي سنوات قليلة تتحول دولة من الفقر المدقع إلى أن تغدو إحدى الدول الصناعية الكبرى ومقصد عالمي للسياحة والتعليم والاستثمار التجاري، إنها نقلة تاريخية جبارة ومن يعرف حال ماليزيا قبل ذلك لعد الحديث عن تحسن الوضع والاكتفاء الذاتي –في تلك الفترة- ضرباً من الخيال فضلاً عن أن تصبح دولة صناعية لها أثرها في العالم.
إننا في اليمن أحسن حالاً من ماليزيا في تلك المرحلة العصيبة من تاريخها، فضلاً أننا نملك ثروات طبيعية ضخمة, وأهم ثروة نملكها هي الإنسان اليمني الذي إن تم تعليمه وإكسابه المعارف والمهارات اللازمة لأحدثنا نقلة حقيقية في كافة مجالات الحياة وليس في الجانب الاقتصادي فقط، ولما اضطر اليمني للسفر للخارج للعمل بمهن بسيطة -أحياناً كثيرة- ولكان لتلك الطاقات المهاجرة أثر جبار في النهضة المنشودة، إننا لو منحنا التعليم بكافة جوانبه وأنواعه اهتماماً جدياً لحققنا الكثير ولو تم إعداد الدراسات ووضع الرؤى والاستراتيجيات التعليمية الواضحة وفق أساليب علمية مدروسة لوجدنا أنفسنا في وضع متفوق؛ ولعرفنا ما نحتاجه من كوادر في كافة التخصصات وخاصة المهمة منها والتي نستدعي لأجلها الكوادر الأجنبية برواتب وميزات ضخمة جداً؛ ولو قمنا بالتركيز على هذه الكوادر من وقت مبكر واستقطاب المواهب والمبرزين علمياً وتأهيلهم وتوجيههم نحو هذه التخصصات التي لو وجدت مع تبني المشاريع الإستراتيجية والهامة -التي تعود بالنفع على المجتمع وتغنينا عن الاستعانة بالآخرين ودفع تكاليف باهضة من أجل ذلك- لكان لنا شأن بين الدول وهو ما يؤهلنا استراتيجياً أيضاً بما يضمن عدم ممارسة الضغوط علينا أياً كانت خاصة تلك التي تمس السيادة الوطنية أو أمننا القومي، إن أعظم ثروة اعتمد عليها قادة دول شرق آسيا ومنها الصين واليابان هي الإنسان فأن تجد دولة كالصين يقارب عدد سكانها المليار والنصف في مكان جغرافي سيء التضاريس وعلى أرض محدودة الموارد الطبيعية وبهذه الطفرة الصناعية, فيكاد يكون كل ما حولنا صناعة صينية، فهذا دليل على أن الإنسان هو الثروة الحقيقية وتنميته هو الاستثمار الحقيقي وأن التعليم ركيزة أساسية في نهضة الأمم, وما قيمة الثروات الطبيعية الأخرى إن لم نوجد الإنسان المؤهل لاستثمارها, وهي رسالة إلى كل الذين يتطلعون إلى الرخاء الاقتصادي وأولئك الذين يسعون إلى فهم الكيفية التي يستطيع بها شعبنا العيش في وئام وسلام, ليس بالتسامح الديني والمذهبي والفكري فقط، بل وأيضاً بالاحترام المتبادل والمشاركة الوطنية من أجل تحقيق الأهداف المشتركة كالعمل على تنمية الإنسان اليمني المبدع تاريخياً.
 تغريدة:
أدرك الغرب سر النهضة من أجدادنا ذات زمن -تواجد فيه الرازي وابن حيان وابن رشد وغيرهم - فاهتموا بالتعليم وتفوقوا علينا حتى استطاعوا الوصول إلى ثرواتنا الطبيعية بكل بساطة بل وبمباركة منا وعلينا أن نعي هذا السر أيضاً.